قال المفكر والمحلل السياسي اللبناني إدموند غريب، إن توحيد الصف الفلسطيني الذي يكرسه (إعلان الجزائر)، “خطوة مهمة جدا” لتذكير القيادات العربية بمسؤولياتها تجاه القضية الفلسطينية، داعيا إياهم لضرورة اغتنام هذه الفرصة لترقية العمل العربي المشترك في القمة العربية بالجزائر.
وصف ادموند غريب مؤتمر المصالحة الوطنية بين الفلسطينيين التي احتضنته الجزائر، وكلل بتوقيع (إعلان الجزائر)، بـ “الإنجاز المهم جدا والرائع” الذي حققته الجزائر إثر توصلها الى توقيع الفصائل الفلسطينية على اتفاق (إعلان الجزائر) لتحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية، مبرزا أن هذه المبادرة الجزائرية جاءت “في ظل المتغيرات التي طرأت على الساحة الفلسطينية لاسيما التصعيد الصهيوني على أرض الواقع”.
وأكد أستاذ العلاقات الدولية بجامعة جورج تاون الأمريكية، غريب، خلال ندوة فكرية نظمتها الإذاعة الوطنية بالتنسيق مع المعهد الوطني للدراسات الإستراتيجية الشاملة أمس، أن الجهد الذي قامت به الجزائر في لمّ الشمل الفلسطيني، جهد يحسب للدولة الجزائرية وهي رسالة لكل الدول العربية بأن هذه القضية هي قضية العرب الأولى، وهي كذلك قضية إنسانية تهم كل شعوب العالم.
ويرى الدكتور أن للجزائر رصيدا تاريخيا كبيرا أهلها للقيام بدور مهم في القضية الفلسطينية، وحسب رأيه قد تكون في هذه المرحلة الدولة على تحقيق الوحدة الفلسطينية، لما لها مكانة خاصة لدى الفلسطينيين الذين يكنون لها كل التقدير والاحترام بسبب مواقفها الثابتة من قضيتهم.
وتجسيد إعلان الجزائر للمصالحة الفلسطينية على أرض الواقع أمر ضروري ولابد منه و دعمه من كل الدول العربية، مفيدا أن القمة العربية المقبلة فرصة لمناقشة هذه القضية ودعم المصالحة الفلسطينية-الفلسطينية.
فرصة لكل العرب
يجزم الدكتور غريب بأننا نعيش في عصر التكتلات، فالعالم يشهد تغيرات عدة وكما نرى فإن دولا لا تجمعهم أي صلات تاريخية وثقافية لكن وبدافع المصلحة نجحوا في تشكيل منظمات وتكتلات دولية قوية مثل البريكس، أما الدول العربية فتمتلك كل المقومات للمضي قدما بهذا التكتل العربي.
وتمثل القمة العربية المقبلة في الجزائر فرصة حقيقية لحل الخلافات أو على الأقل مناقشتها وتهدئتها ووضع الملفات الخلافية جانبا ولو بشكل مؤقت. وهذه القمة كذلك تمثل فرصة لاتخاذ مواقف مؤثرة ومشتركة.
ويرى الدكتور أن إحدى نقاط الضعف العربية تجزئة الأمن القومي العربي، وصرنا نتحدث عن أمن قومي لكل دولة على حدة، وأثبتت الأزمات الأخيرة سواء في ليبيا أو سوريا والعراق أن الأمن القومي العربي مرتبط بما يحدث في دولة ما يؤثر على بقية الدول، وبالتالي فنحن اليوم بحاجة الى صياغة مفهوم مشترك للأمن القومي العربي.
وفيما يخص الدبلوماسية الجزائرية، فيرى الدكتور غريب أنها متميزة وتمتلك رصيدا ثريا من الوساطات الناجحة دوليا وقاريا، وأشار بشكل خاص للوساطة الجزائرية في إنهاء أزمة الرهائن الأمريكيين في إيران بعد توقيع اتفاقية الجزائر سنة 1981، وكثير من الشخصيات الأمريكية أصبحت تكن الاحترام للجزائر بعد هذا الجهد الكبير الذي بذلته. كما تعد الجزائر رمزا للعديد من الدول العربية والإفريقية نظرا للتاريخ الثوري الكبير الذي تمتلكه في مناهضة الاستعمار.
الجزائر قادرة على إعادة لمّ الشمل العربي
يؤكد البروفيسور مصطفى بن عبد العزيز أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة الجزائر 3، أن التاريخ الثوري للجزائر يمكنها من القيام بدور إعادة توحيد العالم العربي والذي تفكك بعد الأزمات التي ضربته لاسيما في العقد الأخير، وكان للعامل الخارجي دورا بارزا في هذا التفكيك.
ونحن نعيش هذه السنوات تغييرات عميقة في بنية النظام الدولي لابد من فهمها والتكيف معها، كما أن العالم يشهد تكتلات جديدة مثل البريكس في آخر اجتماع لها أشاروا إلى إمكانية انضمام الجزائر لها، هذه المنظمة التي تضم دولا عظمى مثل الصين والتفكير في لحاق الجزائر للتكتل دليل على مكانة الجزائر وقدرتها على تقديم الإضافة سواء على المستوى الدبلوماسي والسياسي وحتى الاقتصادي، بدون أن ننسى أن الجزائر وعلى لسان الرئيس السابق هواري بومدين أول دولة عربية طالبت بنظام دولي اقتصادي جديد يأخذ بعين الاعتبار مصالح الدول المستقلة حديثا.