احتفالية اليوم الوطني للصحافة، جاءت بنكهة مختلفة هذا العام، ولعل أهمّ ما يميّزها أنّنا نحتفل فعلا بـ «الصحافة»، وليس بما يسمى مجازا..»صحافة»، فقد استعاد الإعلام الجزائري رشده، وعاد إليه وعيه، بعد أن هيمنت عليه مفاهيم مغالطة، حوّلت الصّحفي إلى «قارئ فنجان» أو «ضارب ودع»، وغرقت قاعات التحرير في أخبار (ذبح) و(شطح) وكثير من المنكرات التي تلصّقت بالمهنة النّبيلة، وأخرجتها عن منهج الصّدق، وروح الورع الذي تأسّست عليه.
احتفلنا باليوم الوطني للصّحافة هذا العام، وقد وضعت نقطة النهاية لعهد مظلم طغى عليه «الإعلام الشبيه» الذي (يتكهّن) بما هو آت، عوضا عن تقديم ما مضى، فهذا «إعلام!!» كشف له الحجاب، و(السّبقُ) في عرفه ليس سوى امتياز مدفوع الأجر مسبقا، بل هو «إعلام» قليل الحياء، عديم الضمير، لا يتورّع عن المساومات الرّخيصة والخداع البائس، تماما مثلما لا يرى حرجا في الدّوس على أخلاقيات المهنة، فهو لا يهتمّ – أوّلا وأخيرا – إلا بما يكنز في حساباته المالية، دون أن يعير اهتماما لقيم الأمّة وثوابتها ومرجعياتها، وغاية مطمحه أن يذيع الفاحشة، ويحرّض على الأذى، ويبث سموم الفرقة..
احتفلنا باليوم الوطني للصّحافة أمس، ولكنّ حفلنا، في الحقيقة، بدأ يوم إعلان نهاية «الصحافة الشبيهة»..حفلنا بدأ يوم تخلّصت السّاحة من عقلية (القيل قال) ومغالطات «السبق»، والسّخافات التي طغت على أعمدة الصحف..
الصّحافة، كما عرفناها، كانت دائما في خدمة الوطن والمواطن، وستظلّ مهنة الشّرفاء الذين يخدمون الحقيقة، ويحرصون على تحرّي الصّدق في كلّ كبيرة وصغيرة، ويبذلون جهدهم كي يستخرجوا أفضل ما في الناس، أمّا «الصحافة الشّبيهة»، فهي محنة صبرنا عليها، ومرّت..والمجد المجد للنّبلاء من الصّحفيّين..