ظلت الممارسة الإعلامية في الجزائر مستندة على أسس سليمة تهدف الى تزويد الجمهور بمعلومات صحيحة، إضافة الى تلبية رغبات المتلقي للرسالة الإعلامية.
لعلّ أبرز وأسمى هدف للممارسة الإعلامية، هو «بعث الأمل» في الجمهور المستهدف لأي مؤسسة، وهو ما لا يغيب عن المؤسسات الإعلامية ذات الطابع العمومي، فهي التي حملت على عاتقها إحياء الأمل في هذا الوطن بالرغم مما مرّ به من نكسات وأحزان طيلة 60 عاما من ثورة البناء والتشييد.
لا يكون هدف بعث الأمل في نفس المتلقي للرسالة الإعلامية من طرف المؤسسات العمومية على حساب الحقيقة، هي قاعدة لا تشذ عنها أي مؤسسة عمومية، فكما تثمّن وسائل الإعلام العمومية جهود السلطة والمخططات الحكومية في التنمية وتحسين مستوى البلد، تنقل كل انشغالات ساكنيه وهمومه دون مغالاة أو تقصير.
حوسيني: الإعلام الخاص انبثق من صلب المؤسسات العمومية
يرى أستاذ علوم الإعلام والاتصال بجامعة الجزائر 3، البروفيسور صفوان حوسيني، أن المسار الذي قطعته المؤسسة العمومية بصفة عامة، يقودنا للحديث عن المنظومة الإعلامية، والتي تأخذ كل وسائل الاتصال الجماهيرية بعين الاعتبار، من تلفزيون وإذاعة وصحافة مكتوبة، ضف إلى ذلك الفضاء الجديد المتعلق بالصحافة الإلكترونية والمواقع الافتراضية.
وأشار حسيني إلى أن المنظومة الإعلامية تتكون من جميع أنساق المجتمع التي تشكل لنا صورة الإعلام التي نشهدها اليوم، وذكر محدثنا أن الحديث عن مسار الإعلام العمومي يعود بنا إلى دستور1963 الذي يعتبر محطة هامة في تاريخ الإعلام الجزائري بكونه إحدى أهم الآليات التي انطلق منها الحديث عن حرية التعبير بالبلد.
وأضاف حسيني أن ثاني محطة يمكن ذكرها، هي قانون الإعلام 1982 الذي جاء ليكرس ما حمله دستور 1976، وجاء ليسد فراغا كبيرا في مجال التشريع الإعلامي، حيث تناول القانون – لأول مرة – مختلف جوانب ممارسة النشاط الإعلامي الذي كان مقتصرا على المؤسسات الإعلامية العمومية، ليليه بعد ثماني سنوات قانون الإعلام 1990 الذي كرس مبدأ التعددية الإعلامية، وهنا برز، بشكل كبير، دور الإعلامي العمومي في تقديم خدمة عمومية بصفة أكثر موضوعية.
وذكر البروفيسور حوسيني أن هذه الفترة تميزت بإصدار العديد من العناوين خاصة التي تتبنى خطا افتتاحيا داعما لحزب سياسي معين، لذا كان من الضروري أن تقف المؤسسة العمومية الإعلامية على حياد وسط كل هذا الزخم من العناوين الصحفية، وأبرز محدثنا أن المادة الأساسية لمختلف وسائل الإعلام آنذاك، اتسمت بالعنف الذي أدخل الجزائر في مأساة وطنية دامت عشرية كاملة.
وتأثرت كثير من الأقلام الصحفية بالأحداث التي ميزت تلك الفترة، وأصبح هناك ما يعرف بـ»الأقلام العنيفة» بحكم تعاملها مع ظواهر العنف، وفقدت الساحة الإعلامية 120 صحفيا آنذاك.
ويعود بنا الأستاذ صفوان حسيني إلى المرحلة التي دامت في الفترة ما بعد الاستقلال الى سنة 1987 التي عرف فيها الإعلام عدة محاولات لتحسين الخدمة الإعلامية في إطار الإعلام الوطني الذي يخدم ثوابت الأمة الجزائرية، وعرفت خلالها المؤسسة العمومية للتلفزيون الجزائري، تقسيمها إلى أربع مؤسسات رئيسية، تسعى كلها الى تقديم خدمة عمومية، وتحسين الأداء الإعلامي السّمعي البصري.
ووصف أستاذ الإعلام والاتصال عمل الصحافة العمومية في هذه الفترة، بمحاولة إثبات نقل السيادة الوطنية والتخلص من شوائب الاستعمار، لتنتقل بعدها، وإلى غاية يومنا هذا، الى محاولة تكييف الإعلام العمومي مع البرامج التنموية بالجزائر، وأشاد البروفيسور حسيني في هذه الفترة بإنشاء الإذاعات الجهوية أو التي حملت على عاتقها مهمة خاصة في مرافقة التنمية المحلية وفقا للمخططات الخماسية.
وأضاف بأن الإعلام الخاص، هو وليد المؤسسات الإعلامية العمومية، فمعظم مؤسسي المؤسسات الإعلامية سبق لهم وأن خاضوا تجارب في المؤسسات الإعلامية العمومية، لذا، فبصمة هذه المؤسسات بقيت وستبقى حاضرة في النشاط الإعلامي بالجزائر مهما بلغ من انفتاح وتعدد في الأنواع الإعلامية.
منّوشي : الإعلام الجواري خير رفيق للتنمية في مناطق الظل
ويرى مدير إذاعة البويرة الجهوية والمدير السابق للقناة الثانية، محمد منّوشي، أن الإذاعة الجزائرية، وبرفقة محطاتها الجهوية في كافة القطر الوطني، تسعى لبعث الأمل في نفوس الجمهور المتلقي، وتسير على نهج توصيات الرئيس تبون في الحث على بعث الأمل.
وأضاف منّوشي أن الإذاعة الجزائرية رافقت كل مخططات التنمية على المستوى المحلي، ولطالما شكلت عنوانا لمبدإ الخدمة العمومية وإيصال صوت المواطن في جميع أنحاء الوطن، فالإذاعة تعمل على نقل وإعلام المواطن بجهود السلطات في التنمية بمنطقته سواء على مستوى التجمعات الحضرية أو في المناطق النائية ومناطق الظل، فهذه الأخيرة تولى بأهمية فائقة على مستوى الهيئات العليا في البلاد والإذاعة خير رفيق في بلوغ كل هذه المناطق عبر الوطن من خلال شبكة مراسليها وبرامجها الموسمية.
وذكّر مدير إذاعة البويرة الجهوية بالبرامج التي ما فتئت الإذاعة المحلية تقديمها على غرار برنامج «أضواء على البلديات» و «حوار مع مسؤول»، وعدة حصص وبرامج أخرى تعمل إذاعة البويرة على غرار الإذاعات الجهوية في فتح قنوات للحوار بين المواطن والمسؤول للاطلاع على حقيقة الانشغالات، والوقوف على ما يعرقل التنمية في محيط مسؤوليته.
ولطالما شكلت الإذاعات المحلية فرصة لإبراز أهم المحطات التاريخية في إقليم نشاطها وكانت بمثابة خزّانا للمعلومات وحفظ الذاكرة، ومنبرا للحفاظ على الهوية وعادات وتقاليد كل منطقة.