يتزامن الاحتفاء باليوم الوطني للصحافة مع مواصلة عملية تكييف ومطابقة القوانين الناظمة للمهنة مع نصوص دستور نوفمبر 2020، في وقت تواصل المؤسسات الإعلامية الوطنية مواكبة التحولات لاحتلال مساحة أكبر في الفضاءات الرقمية.
تكريم رئيس الجمهورية للصحفيين..تقليد جديد وسابقة في الاعتراف والتثمين
حفل تتويج الفائزين بجائزة رئيس الجمهورية للصحفي المحترف، أصبح تقليد اليوم الوطني للصحافة المصادف لـ 22 أكتوبر من كل سنة، وقفة للتقييم والتأمل في واقع قطاع بالغ الأهمية.
والمؤكد أن النقاش استقر في السنوات الأخيرة على أن الإعلام الجزائري، مثل غيره من القطاعات، يقف على عتبة مرحلة جديدة، تفرض عليه دخولها بأدوات متجددة وبعيدا عن صناعة المحتوى أو شكله، باشرت السلطات العمومية مراجعة الأطر القانونية القائمة.
وبعد أزيد من سنتين من الإعداد، بات واضحا أن الحكومة بصدد توسيع الأطر التشريعية الناظمة للقطاع لتشمل جميع الدعائم بعد التصاعد، وسدّ كل الفراغات التي سادت في وقت سابق.
ومنذ إقرار التعددية الإعلامية في دستور 1989، سنت الجزائر قانونين عضويين للإعلام، الأول سنة 1990، والثاني 2012، قبل أن تصدر لأول مرة، قانونا للسمعي البصري سنة 2014.
الفترات الزمنية لصدور هذه النصوص، أثبتت أن الإعلام أول من يتأثر بالتحولات السياسية والاجتماعية التي دائما يفتح مساحته لها للمناقشة والتحليل. فهو أول من يلزم بمواكبة الظروف الجديدة.
ومع انطلاق مراجعة منظومة التشريعات الإعلامية أواخر 2020، وضعت قاعدة «الحرية والمسؤولية»، كحجر زاوية، للانطلاق نحو المرحلة المقبلة، والأساس القانوني هو الثابت في المعادلة، إذ يكرس دستور نوفمبر 2020، حرية الصحافة في المادة 54، ويؤكد أنها «مضمونة».
وتقرّ ذات المادة تطوير حرية الإبداع والتفكير لدى جميع المنتسبين للصحافة، بينما كل ما تعلق بكل ما يرقى إلى المخالفات على القضاء، «فلا يمكن صدور قرار بإغلاق صحيفة أو قناة تلفزيونية أو إذاعية إلا بحكم قضائي»، في خطوة حمائية للقطاع من التأثير السياسي والدوافع التي تتعارض مع مبدإ حرية الصحافة.
وطبقا للدستور، أصبح إصدار الصحف والنشريات يخضع لنظام التصريح بدل الترخيص. في المقابل، لا يمكن أن تشكل حرية الصحافة مطية للمساس بكرامة الأشخاص أو الدين أو الأخلاق، ومن هنا برزت المسؤولية ككفة وزانة لضبط الممارسة الإعلامية بشكل يضعها في إطارها المهني.
إرساء أبعاد جديدة..
رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، ومن خلال إرساء الأبعاد الجديدة للمنظومة الإعلامية، يؤكد أن الصحافة بعيدة كل البعد على أن «تكون خصما أو طرفا سياسيا»، لذلك يحق لها أن تتمتع بالحرية اللازمة حتى تزدهر وتواكب التحولات، وزاد على ذلك بتوفير عنصر «الحماية» للصحفيين.
وإلى جانب تكريس مبدإ «حماية السرّ المهني»، وعدم تسليط عقوبة سالبة للحرية على الصحفيين، شدد الرئيس تبون على ترجمة القواعد الدستورية، في النصوص الجديدة. ووجه في اجتماع لمجلس الوزراء شهر سبتمبر، إلى «أهمية تنظيم أشمل لمجال الصحافة المكتوبة والإلكترونية، من خلال هذا القانون، لإبعادها عن كل أشكال الاستغلال، مع التصريح بمصادر التمويل».
وتنص المراجعة القانونية الجارية، على إعداد قانون عضوي للإعلام، كقانون إطار، ووضع قانون خاص للصحافة المكتوبة والإلكترونية وقانون خاص بالسمعي البصري».
ويلي صدور هذه القوانين استحداث هيئات جديدة، كمجلس أخلاقيات المهنة الذي يفصل في القضايا المهنية بعيدا عن تدخل كل ما يمثل السلطة التنفيذية، وتعزيز دور سلطة ضبط السمعي البصري بصلاحيات أقوى وأكثر وضوحا.
وفي انتظار نزول مشاريع النصوص التشريعية إلى البرلمان، يبقى التحكم في التقنيات الجديدة، وتطهير القطاع من الطفيليين والدخلاء، تحديّا قائما يواجه المؤسسات الإعلامية، فمن المهم إنجاز عملية فرز للصحفيين الحقيقيين، قبل التطلع لقطف ثمار استراتيجية النهوض بالإعلام.
وبالنظر للمكانة التي باتت تحتلها، لن تظل الصحافة الإلكترونية، كنشاط هاو، إذ ستكتسب جميع مقاومات الإعلام المحترف، تؤدي وظيفتها في إنارة الرأي في أطر قانونية واضحة، مع تمكينها من وسائل إبراز المحتوى الجزائري على جميع المنصات الرقمية.
ومنذ 2020، وجه رئيس الجمهورية، بمعاملة متساوية لوسائل الإعلام على اختلاف دعائمها، وازداد تمثيل الصحف الالكترونية في مختلف الفعاليات الوطنية، على نفس القدر الذي تحظى به الصحافة المكتوبة.