أيام قليلة تفصلنا عن القمة العربية العادية 31 بالجزائر يومي 1-2 نوفمبر، قمة يرى الكثير من المراقبين أنّها استثنائية على أكثر من صعيد، سواء من ناحية التحضيرات أو التوقيت، حيث أجلت قمة جامعة الدول العربية على مستوى القادة، 3 مرات سابقة، آخرها بداية العام الجاري بسبب جائحة كورونا، وتعود آخر قمة منعقدة إلى شهر مارس من سنة 2019 في تونس، فيما تم إلغاء نسختي 2020 و2021 بسبب جائحة كورونا.
يعد لمّ الشمل أحد الأهداف الرئيسية للقمة العربية المقبلة بالجزائر، وردّد هذا المصطلح أكثر من مرة من طرف السلطات العليا في البلاد، كما جاء على لسان رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون ووزير الخارجية رمطان لعمامرة، وهذا ما أكده خلال كلمة بمناسبة الاحتفال بيوم الدبلوماسية الجزائرية: «نتطلع إلى أن يشكل هذا الاستحقاق المهم فرصة لاتخاذ قرارات جريئة وبروح توافقية للارتقاء بالعمل العربي المشترك في مستوى رمزية هذا التاريخ وما يحمله من قيم النضال المشترك في سبيل التحرر وامتلاك مقوّمات التحكم في مصيرنا الموحد ليكون قوياً وفاعلاً».
علاوة على ذلك، أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، خلال زيارته للجزائر وعقب استقباله من قبل رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، أنّ القمة العربية المقبلة المزمع تنظيمها، مطلع نوفمبر القادم بالجزائر «ستكون فعلا قمة لم الشمل.»
رأي الخبراء لم يختلف كثيرا عن السياسيين، مدير المركز العربي للدراسات السياسية والاجتماعية بجنيف، رياض الصيداوي، قال إنّ القمة العربية المقبلة بالجزائر تشكل «فرصة ذهبية وثمينة» للمّ الشمل العربي ولا يجب تضييعها، مؤكدا أنّ اختيار الفاتح من نوفمبر لتنظيم هذا الموعد «أكثر من صائب».
وخلص رياض الصيداوي إلى أنّ الجزائر تحظى بالاحترام والتقدير بفضل دبلوماسيتها التي نجحت في حلّ العديد من المشاكل عبر العالم، مستشهدا، على سبيل المثال لا الحصر، باتفاق السلم والمصالحة في مالي المنبثق عن مسار الجزائر في 2015 الوساطة الناجحة في النزاع بين العراق وإيران سنة 1975.
علاوة على ذلك، يعتقد البروفيسور اللبناني إدمون غريب، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة جورج تاون بواشنطن، أنّ القمة العربية المقبلة في الجزائر، تمثل فرصة حقيقية لحلّ الخلافات أو على الأقل مناقشتها وتهدئتها ووضع الملفات الخلافية جانبا ولو بشكل مؤقت. وهذه القمة تمثل فرصة لاتخاذ مواقف مؤثرة ومشتركة، لاسيما وأنّ العالم الغربي وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية منشغلون بما يجري في أوكرانيا.
مركزية القضية الفلسطينية
قضايا كثيرة مطروحة للنقاش، خلال القمة العربية المقبلة، في دورتها العادية الحادية والثلاثين، وتعد القضية الفلسطينية من المسائل الرئيسية التي سيناقشها القادة العرب في قمة الجزائر، وهذا ما أكد عليه رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون في أكثر من مناسبة، مع ضرورة تحيين مبادرة السلام العربية لسنة 2002، في هذا السياق، يبدو مسعى الجزائر واضحًا، فهي تعمل لأجل أن تظل للعرب قضية أساسية، جامعة لهم، يدافعون عنها، وتشكل نقطة انطلاق ليشمل هذا الإجماع أزمات أخرى تعيشها المنطقة العربية، منذ سنوات.
الاهتمام الجزائري بالقضية الفلسطينية لم يكن مجرد شعار سياسي، فقد سبق القمة عقد مؤتمر لمّ الشمل من أجل المصالحة الفلسطينية، خلال شهر أكتوبر الجاري في الجزائر العاصمة، وشمل أكثر من 14 فصيلا فلسطينيا وتوّج بـ»إعلان الجزائر»، والذي يرى فيه مراقبون خطوة مهمة في اتجاه إنهاء الانقسام، هذا المؤتمر جاء تتويجا لجهود الدبلوماسية الجزائرية، طيلة عام كامل تقريبا، لأجل تقريب وجهات النظر بين مختلف الفصائل الفلسطينية، خاصة وأنّ هذا الانقسام لا يخدم سوى الكيان الصهيوني، كما أنّ نجاح الفصائل الفلسطينية في الوصول إلى اتفاق مبدئي يعد أول مؤشر لنجاح القمة العربية المقبلة بالجزائر.