أكد المدير العام للمركز العربي لدراسات المناطق الجافة والأراضي القاحلة الدكتور نصر الدين العبيد، أن قمة الجامعة العربية المقرر انعقادها بالجزائر يومي 1 و2 نوفمبر الداخل، هي قمة «التكامل»، و»التعاضد»، و»التضامن» بين كل الدول العربية، لتحقيق طموحات شعوب المنطقة في المجال الاقتصادي والاجتماعي، والإنساني وفي كل المجالات الأخرى.
أعلن الدكتور عبيد، رفع جملة من المقترحات لقمة الرؤساء، تمكن الدول العربية من تحقيق أمنها الغذائي، والتخلص من التبعية للأسواق الدولية في مجال الحبوب، بالاعتماد على مقدراتها وثرواتها الطبيعية واستغلال التقنيات الحديثة لكبح الجفاف.
كشف الدكتور العبيد، في تصريح لـ»الشعب» على هامش اجتماع كبار المسؤولين للمجلس الاقتصادي والاجتماعي التحضيري للقمة العربية 31، عن وجود تنسيق عربي كبير لتحقيق الأمن الغذائي للمنطقة، معلنا عن رفع برنامج تنفيذ وضعه المجلس الاقتصادي والاجتماعي للجامعة العربية واللجان الفنية المختلفة، لاجتماع قادة الدول العربية المقرر يومي 1 و2 نوفمبر الداخل، قال سيكون «محور انطلاق قمة الجزائر».
وأشار محدّثنا إلى أن الجزائر يمكن أن تكون مصدر أمن غذائي لجميع البلدان العربية، فهي – مثلما ذكر – «تهتم كثيرا بالقطاع الزراعي ولديها بنى تحتية مهمّة»، وعلى هذا الأساس، يعتقد أنها ستحقق الاكتفاء الذاتي من الحبوب وكل ما تحتاجه بالنسبة لأمنها الغذائي، وستستفيد بقية الدول العربية منها وفق الميزة النسبية، لأن المساحات الفلاحية كبيرة جدا في الجزائر وتحتاج فقط الى تظافر جهود الدول العربية جميعا لتكون هي مصدر الأمن الغذائي «ليس لها فقط، وإنما لكل البلاد العربية التي هي بحاجة اليها».
وعن المقترحات التي قدمها مركزه من أجل تقليص استيراد الحبوب، أكثر المواد الزراعية استهلاكا في العالم العربي، حيث تستورد المنطقة العربية 28 مليون طن، أوضح مدير منظمة «أكساد» أنه تم رفع عدة مقترحات تصبّ كلها في خانة تحقيق الاكتفاء الذاتي للحبوب، تنص على ضرورة الاستفادة من كل قطرة ماء موجودة في المنطقة العربية، ونشر وحصاد المياه السطحية، وإدارة المياه الجوفية، وكذا تنفيذ مجموعة كبيرة من النمذجة الرياضية، وهي السحب الآمن للمياه لدراسة الأحواض والمياه المتجددة في منطقة العربية، والعمل على رفع كفاءة الرّيّ.
وفي هذا السياق، أعلن عن وضع «أكساد» بالتنسيق مع منظمة الفاو والأسكوا، دراسة لرفع كفاءة الري، على اعتبار أن 80 بالمائة من المياه تذهب إلى الرّيّ الزراعي، و20 بالمائة تذهب إلى الشرب والسياحة والصناعة، وبالتالي، تطبيق مجموعة من الإجراءات وفق الدراسة التي أعدتها «أكساد» بالتعاون مع مجموعة من البلدان العربية ومنظمات وهيئات دولية، يمكن – حسبه – من اقتصاد 50 بالمائة من المياه الموجهة للزراعة، وهذا يسمح بزيادة مساحة الأراضي الصالحة للزراعة، كما قال.
ومن بين المقترحات المرفوعة لمجلس الوزراء، المنتظر انعقاده اليوم، الاهتمام بـ»الثروة الحيوانية»، و»المراعي»، و»إدارة المرعى» لتأمين الأعلاف للحيوانات، حيث ارتفعت أسعار الأعلاف بشكل كبير جدا، وبالتالي، لا بد ـ يقول محدثنا – من مكافحة التّصحر بين الدول العربية جميعا، والاعتماد على الطاقات المتجددة، وإيقاف التصحر من خلال منع الاحتطاب والمحافظة على الغابات، مشيرا إلى أن «أكساد» نفذت دراسة الأحزمة الخضراء، في الدول العربية جميعا، وهذه الأحزمة يمكن من خلالها أن تقلص فجوة الأمن الغذائي.
واقترح الخبراء ـ يضيف العبيد – تكثيف القمح والشعير والبقوليات، عن طريق استخدام مجموعة من التقنيات الحديثة لاستنباط أصناف مقاومة للجفاف والأمراض، والصدأ الأصفر، أو ما سماه «الطاعون» الذي يخفض مثلما ذكر «انتاج القمح والحبوب بشكل كبير»، مشيرا إلى توفر أصناف من بذور الحبوب تعطي مردود كبير، منها صنف 1133 يعطي تقريبا 6 أطنان في الهكتار، والقمح الصلب 1105 يعطي 11 طنا في الهكتار باستخدام الري التكميلي، وقد شرع في توزيع هذين الصنفين على بعض الدول العربية للاستفادة منها من أجل زيادة الإنتاج ووقف الاستيراد بشكل كامل.وأشار العبيد إلى دراسات أخرى للمركز، تبرز قدرات السودان في المجال الزراعي، فهذا البلد يملك 9 ملايين هكتار من الأراضي القابلة للزراعة توفر 36 مليون طن من الحبوب، والدول العربية تستورد 28 مليون طن، وإذا حققت زيادة أكبر من 6 ملايين طن، بالاستثمار في بلد قريب جدا، تكتفي الدول العربية عن شراء القمح من مناطق بعيدة ككندا، والبرازيل، وأوكرانيا، لذلك أكد ضرورة التوجه العربي إلى الاستثمار في هذا البلد، وتكاثف وتعاون كل الدول العربية وفق الميزة النسبية لكل دولة من هذه الدول، لتحقيق أمننا الغذائي بشكل كامل.أما مواجهة ظاهرة الجفاف التي مست بشكل لافت دولة العراق، والصومال.
وقال: «سبق أن طالبنا من القاهرة ألا تكون السدود العملاقة مؤثرة على عدالة توزيع المياه بين هذه الدول»، قبل أن يضيف أنه تم الاقتراح على الدول العربية الاستفادة من الزيتون، «أغنى شجرة في أفقر أرض»، لتثبيت الكثبان الرملية بنباتات مناسبة لتلك المناطق، كالفستق الحلبي ومجموعة من النباتات الطبية والعطرية التي تزيد انتاج المناطق الهامشية، وتثبت التربة وتحسن الوضع الغذائي في هذه المناطق.
وتحدث العبيد عن مشروع كبير يخص الصومال لنشر وحصاد المياه، قال سيتخذ المجلس الاقتصادي والاجتماعي قرار بشأنه، لاعتماده من قبل قمة الرؤساء، لتوجيه كل المنظمات العربية والدولية للعمل مع الأشقاء في هذا البلد لتخفيف حدة الجفاف وأثره على الثروة الحيوانية، كما لم ينس المجتمعون اليمن، وقدموا مجموعة من القرارات، للحد قدر الإمكان من آثار الجفاف الشديد الذي أصبح يعصف بالمنطقة العربية ككل.
ويرى الدكتور العبيد، أن الأمن المائي والأمن الغذائي، هما وجهان لعملة واحدة، مشيرا إلى أن «أكساد» سبق وتنبأت بالتغيرات المناخية وانزياح الخطوط المطرية كما نراها الآن باتجاه الجنوب، لذلك شدد على ضرورة التكامل والتعاضد بين كل الدول العربية من أجل مجابهة كل تلك المخاطر.