أكد الخبير في الشؤون الإستراتيجية الدكتور محمد شريف ضروي في تصريح لـ “الشعب”، أن القمة العربية بالجزائر ستكون علامة فارقة في صناعة المستقبل، فقد استوفت الجزائر تحضيراتها من أجل قمة ستكون النقطة الفاصلة بين الأمس والغد العربي، يتحقق من خلالها أجيال متعاقبة في تكامل اقتصادي وتعاون عربي مشترك يؤسس لقوة تواجه التحديات والرهانات التي تقف حجر عثرة أمام توحد الصف العربي.
قال الدكتور محمد شريف ضروي، في معرض تناوله عوامل نجاح القمة العربية بالجزائر “عندما نتحدث عن العوامل والآليات المتاحة لنجاح القمة العربية المزمع عقدها 1 و2 نوفمبر الداخل والمؤجلة منذ 3 سنوات تقريبا، فإننا نتكلم أولا عما قامت به الجزائر من جانب التحضيرات التي بدأتها منذ شهور”، ولا بد من التطرق هنا ـ استطرد ـ “إلى أبرز ملف الذي يصنع دائما أكبر تحدي لكل القادة والأنظمة العربية، وهو ملف القضية الفلسطينية، وأكد أن”الجزائر وبنجاحها في لمّ الشمل الفلسطيني قد قامت بأهم مهمة في الملف المحوري الذي سيطرح على طاولة القمة العربية كأول ملف سياسي يهم الدول العربية وحتى شعوبها.
التّموقُع في عالم جديد والعمل لقيادة قطب ثالث
وتطرق بالمناسبة إلى أهم التحديات والرهانات متمثلة في القضية الفلسطينية، وأزمة الأمن الغذائي كأهم الملفات في هذا الشق، ثم يأتي بعده بطبيعة الحال ملف الأمن الطاقوي، والأمن المائي على اعتبار أن العديد من الدول العربية تعيش حالة من الجفاف إن لم نقل كل دول المنطقة دون استثناء، الى جانب ملف التعاون ولما لا الوصول الى تكامل اقتصادي بين الدول العربية، لكن المطلوب الآن ـ حسبه ـ “الانتقال على الأقل من العلاقات الاقتصادية والتجارية البينية الثنائية أو الثلاثية بين الدول العربية، الى تفعيل حقيقي للعديد من الآليات التي بإمكانها إيصالنا الى مرحلة التعاون العربي المشترك ومن خلاله الوصول على الأمدين المتوسط إلى الطويل أي من ثلاث الى خمس سنوات الى تكامل اقتصادي لنبلغ بعده السوق العربية المشتركة”.
واستنادا إليه، فإن التفعيل الحقيقي لمجال عمل المنطقة العربية الحرة كآلية من آليات تفعيل التعاون العربي، أحد أهم الملفات المتعلقة بالتكامل والتعاون الاقتصادي، وستكون من بين أهم التحديات في ظل التباين في الاقتصادات العربية وفي العملات العربية، الى جانب مشكلة تفكيك التعريفات الجمركية والضرائب والعديد من الأمور الأخرى ذات الطابع الاقتصادي التقني المحض والتي لن تكون بالسهولة لتفعيل هذه المنطقة بشكل كبير.
عمل استباقي لنجاح القمة
وبرأي ضروي، فإن أهم ما تسعى الجزائر إليه من خلال هذه القمة العربية، الوصول الى أعلى مستويات التعاون العربي المشترك، وتعزيز التوافق العربي في أعلى مستوياته، وقد وُفقت الجزائر في المرحلة أولى في لم الشمل الفلسطيني، ليكون بذلك القنديل الذي سيضيء المسار أمام القادة العرب، ولمَ لا الوصول الى لمّ الشمل العربي الحقيقي الذي تسعي الجزائر الى تحقيقه كهدف استراتيجي للقمة العربية.
وأفاد في السياق، بأن الجزائر وُفقت مبدئيا كذلك في هذا الملف للوصول الى التكامل الحقيقي والتوحد العربي المشترك والتضامن على أعلى المستويات وفي كل المجالات، من خلال ما تقوم به في المنطقة سواء في المنطقة العربية أو شمال إفريقيا، في إطار تحركاتها الدبلوماسية التي دائما ما تخدم مصالح المنطقة دون استثناء، خاصة وان الجزائر تحركت في ملف سد النهضة ما بين مصر والسودان واثيوبيا لتقريب وجهات النظر.
وذكر بأن الجزائر عملت كثيرا على الملف منذ سنة تقريبا للوصول إلى لمّ شمل الفرقاء الفلسطينيين كمرحلة أولى، لتأتي المرحلة الثانية في لم الشمل العربي للاتفاق بشكل موحد وكامل ودون أي تفصيلات أخرى جانبية، فيما يتعلق بتبجيل وإعطاء الأولوية للقضية الفلسطينية على حساب باقي القضايا الأخرى، لافتا إلى تفكيكها بعض الاختلافات الجانبية على طاولة الحوار في القمة العربية بالجزائر، لأن الخطوة الأهم قد تمت ألا وهي جمع ولم شمل الفصائل الفلسطينية من أجل الوصول إلى توجه واحد من الداخل الفلسطيني ما يعطي توجها واحدا من الخارج الفلسطيني، وهنا نتكلم عن قضايا الزعماء وقادة الدول العربية.
عندما نتطرق الى الرهان الاقتصادي وما يحدث في العالم من صراعات كبرى ـ أضاف يقول ـ نجد أن الاقتصاد أصبح المحرك الأساسي لكل المجالات الأخرى، فلا يمكن مثلا وجود سيادة سياسية كاملة لأي دولة إن لم تحقق الاكتفاء الذاتي، وهنا نتكلم عن قوة الاقتصاد لا يمكن لأي دولة امتلاك تأثير خارجي على الأقل في المنطقة الإقليمية التي تعيش فيها، على غرار الجزائر أو الدول العربية إن لم يكن لها على الأقل نموا اقتصاديا في منحنى متصاعد، مما يقدم إضافة حقيقية للقوة السياسية والدبلوماسية لأي دولة.
وأوضح ضروي أن تكتل العرب سيكون بمثابة إضافة حقيقية للقوة الدبلوماسية العربية، وأن التكامل الاقتصادي سيحدث الفارق الحقيقي داخل النظام العالمي، إذ سيم الحديث في هذه الحالة عن كتلة عربية تصبح ضمن أساسيات صناعة الاقتصاد العالمي، وهو متوفر ومتاح بشكل كبير حتى لا نقول إن الدول العربية تمتلك من الخيرات ومن الموارد الطبيعية الخام والطاقات المختلفة كالزراعية والموارد البشرية والكفاءات والطاقات المتجددة وقس على ذلك، ولذلك يمكننا القول إن الشعوب العربية تسير على أرض من ذهب، يبقى فقط تفعيل حقيقي لاستراتيجيات عربية متكاملة حتى تصل المجتمعات والشعوب العربية الى حياة كريمة ورفاه، نتكلم من خلالها عن التحضير لجودة الحياة العربية وليس أساسيات الحياة.