تنطلق غدا اجتماعات القمة العربية بالجزائر العاصمة، في دورتها الـ 31 والتي تستمر لمدة يومين، الفاتح والثاني من نوفمبر.
وطيلة عام تقريبا، بذلت الدبلوماسية الجزائرية وعلى رأسها رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون جهودا جبارة من أجل عقد هذه القمة في وقتها، بالرغم من العراقيل الإجرائية المتصلة بجائحة كورونا. وسعت الجزائر بكل جهد إلى تذليل الخلافات لأجل عقد قمة عربية استثنائية تكون انطلاقة حقيقية للعمل العربي المشترك في ضوء متغيرات إقليمية ودولية جديدة.
قبل نحو عام حدّد الرئيس تبون، أولويات الدبلوماسية الجزائرية استعداداً لاستضافة الجزائر للقمة العربية والتي تأجل انعقادها منذ القمة الأخيرة في تونس قبل ثلاثة أعوام. وأكد رئيس الجمهورية حينها هدفين للاجتماع العربي الرفيع، هما أولاً تعزيز الصف العربي وثانياً تأكيد أولوية القضية الفلسطينية ووضعها في مقدمة جدول الأعمال.
في أكثر من مناسبة إعلامية، أكد الرئيس تبون أن القمة العربية المقبلة بالجزائر ستكون ناجحة بسبب سعيها النبيل إلى لمّ الشمل العربي. كما سعت الجزائر أن تكون القمة العربية على قدر التحديات، وعملت على لقاء جامع لكل العرب.
إعادة بعث قضية العرب الأولى «فلسطين»
المساعي الجزائرية في لمّ الشمل لم تكن مجرد شعارات، الدبلوماسية الجزائرية عملت على إطلاق مبادرة في ديسمبر 2021 للمصالحة الفلسطينية الداخلية، وتكللت تلك الجهود في نهاية المطاف بالنجاح بعقد مؤتمر للفصائل الفلسطينية في شهر أكتوبر الحالي توج بـ «إعلان الجزائر» وهو بمثابة خارطة طريقة تتضمن خطوات إجرائية لإنهاء حالة الانقسام، وتشكيل لجنة عربية مشتركة برئاسة جزائرية مهمتها متابعة تطبيق الاتفاق، ولم يكن في المساعي الجزائرية للمّ الشمل الفلسطيني ما يفاجئ، فالدعم الجزائري للقضية الفلسطينية لم ينقطع يوما، وفي آخر قمة عربية احتضنتها الجزائر سنة 2005 أكدت الدبلوماسية الجزائرية دعمها المطلق لحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وفق مبادرة السلام العربية لسنة 2002.
نظام دولي متغير
في تصريح صحفي عقب أعمال اجتماع وزراء الخارجية العرب التحضيري لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة، قال وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة: «إن منطقتنا العربية تحولت إلى ساحة صراعات بين العديد من القوى الدولية» ما يتطلب تعاون وتنسيق مشترك بين الدول العربية للتغلب على هذه التحديات الناجمة عن هذه الصراعات.
علاوة على ذلك أبانت الأزمة الروسية ـ الأوكرانية عن الحاجة إلى وجود تعاون مشترك فيما يخص الأمن الغذائي العربي، باعتبار الدول العربية من أكبر المناطق استيرادا للقمح في العالم، مع ضرورة التفكير في إيجاد حلول مشتركة لصعوبة التعامل مع هذه التحديات بشكل منفرد، كما أعادت القمة العربية التي ستعقد غدا بالجزائر إحياء النقاش حول «منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى» مع ضرورة التفكير في تطويرها لتعزيز التجارة البينية بين الدول العربية، مع التذكير بالمبادرات السابقة التي تشمل الاقتصاد الرقمي العربي.
إن مشروع «لم الشمل العربي» يستحق بذل كل الجهود لأجله باعتباره مسعى نبيلا يخدم شعوب المنطقة، والجزائر التي اختارت ذكرى انطلاق ثورتها الوطنية التحررية موعداً للاجتماع العربي الأكبر، تعرف من دون شك أن لا جدوى من استرجاع لغة بيانات بقيت من دون تنفيذ، علاوة على ذلك الشعوب العربية لا تطمح الى اجتماعات صورية للقادة العرب، بل تطمح الى وحدة فعلية للقيام بدورها داخليا وخارجيا، دور يؤهلها للاستفادة من الرقي العام للإنسانية، يؤهلها كذلك لقدر أكبر من التنمية والاستفادة من التقدم البشري في جميع الميادين، وحل الأزمات التي تعيشها المنطقة العربية دونما تدخلات أجنبية أثبتت التجربة أنها تعقد الأزمات ولا تحلها.