الشيخ الدكتور يوسف جمعة سلامة خطيب المسجد الأقصى المبارك النّائب الأول لرئيس الهيئة الإسلامية العليا بالقدس: “تحيّة من أرض الأنبياء إلى أرض الشهداء، تحيّة من أرض المقدسات إلى أرض البطولات، تحيّة من أرض المرابطين إلى أرض المجاهدين، ونحن هنا نُرَدِّد قول الشاعر:
حيِّ الجزائرَ واخطبْ في نواحِيها
وابعثْ لها الشَّوقَ قاصِيها ودانِيها
تحيّة من بيت المقدس وأكناف بيت المقدس، من أرض فلسطين المباركة، إلى الجزائر الشقيق القيادة والشعب والتاريخ، وأنتهز مناسبة عقد القِمّة العربية بالجزائر في هذه الأيام، والتي أَطْلقت عليها القيادة الجزائرية “قِمَّة لمِّ الشّمل” و«قِمّة فلسطين” و«قِمّة العمل العربي المشترك”؛ لأُوجِّه الشكر خالصاً وعميقاً إلى الجمهورية الجزائرية قيادة وحكومة وشعباً، حيث إنها جعلت هذه القمّة “قِمَّة فلسطينية بامتياز”، راجين من الله العليّ القدير لهذه القِمّة النجاح والتوفيق، وللجزائر الأمن والأمان والرفعة إن شاء الله، وأن تعمل هذه القِمَّة العربية التي تُعقد بعد انقطاع لمدة ثلاث سنوات، على إعادة القضية الفلسطينية إلى مكانتها الحقيقية..”القضية المركزية للأمة”، وأن تُؤكّد قراراتها على دعم القضية الفلسطينية بصفة عامة ومدينة القدس بصفة خاصة، حيث إنّها تتعرّض لخطر التهويد، وهي بحاجة إلى مواقف حاسمة للتصدي لسياسات الاحتلال الإجرامية، وضرورة دعم صمود المقدسيين ومساندتهم في شتّى المجالات.
وتُعد هذه القمَّة دليلاً واضحاً على حرص الجزائر قيادة وشعباً على الوحدة ولمّ الشمل العربي ودعم القضية الفلسطينية من خلال العمل العربي المُشترك، وكذلك وحدة الشعب الفلسطيني بإنهاء الانقسام البغيض؛ لإدراكهم لأهمية الوحدة الوطنية وأثرها، فمن خلالها يتحقّق النصر، فالثورة الجزائرية المجيدة التي نعيش في هذه الأيام ذكرى انطلاقتها لم يُكتب لها النّصر إلا بعد توحّد جميع الجزائريين في بوتقة واحدة، عنوانها جبهة التحرير الوطني، وهدفها تحرير الجزائر من دَنَسِ المحتل الفرنسي.
إِنَّ اهتمام الإعلام الجزائري بالقضية الفلسطينيّة كان منذ أيّامها الأولى، وقد استمرّ هذا الاهتمام مواكباً لنضال شعبنا الفلسطيني في جميع الأوقات، حيث كان له دورٌ ريادي في إبراز قضية فلسطين من خلال إصدار الصحف الجزائرية لِمَلاحق تُعنى بفلسطين والقدس والمقدسات، وتُبرز مكانة المسجد الأقصى المبارك وفلسطين في عقيدة الأمة، كما تهتم بقضية الأسرى الأبطال في سجون الاحتلال، حيث تقوم بفضح الانتهاكات والاعتداءات الإجرامية على الأقصى والقدس والمقدسات، كما تُبرز ما يتعرض له أسرانا الأبطال من بطش وتعذيب في زنازين الاحتلال الإسرائيلي.
إنّنا نتوجّه بالشكر والتقدير إلى الصحف الجزائرية المختلفة على قيامها بإصدار ملاحق عديدة تختصّ بشئون فلسطين والقدس والأسرى والمقدسات، إذ خصّصت ما لا يقلّ عن عشرين صحيفة ملاحق يومية تَنشر فيها أخبار فلسطين، فشكراً للقائمين على هذه الصحف ولأُسَر ِتحريرها على هذه اللفتات الكريمة والمبادرات الطيبة.
إِنَّ كل مَنْ يتابع الإعلام الجزائري يجدُ أنه قد أسهم وما زال يُسهم بشكل كبير وفعّال في ربط الأمة بقضيتها المركزية قضية فلسطين والقدس والأسرى والمسْرى.
الإعلام الجزائري والقضية الفلسطينية
إِنَّ للإعلام الجزائري دورا مهمّا ورئيسيا في دعم القضية الفلسطينية ومساندة الشعب الفلسطيني، والوقوف بجانبه في قضيته العادلة لا سِيَّما ملف القدس والأسرى، ويأتي هذا الدور الإعلامي الجزائري المُمَيّز امتداداً للمواقف المُشرفة للجزائر قيادة وحكومة وشعباً، ونذكر هنا على سبيل المثال المقولة المشهورة للرئيس الجزائري هواري بو مدين – رحمه الله – “نحن مع فلسطين ظالمة أو مظلومة”، والإعلام الجزائري بكافة أشكاله وأنواعه يُولي القضية الفلسطينية اهتماماً كبيراً، حيث إنّه يُفرِد مساحات واسعة وصفحات خاصة للقضية الفلسطينية، يُغطّي فيها الأخبار والتقارير والمقالات الخاصة بقضايا الشعب الفلسطيني كافّة.
فالإعلام الجزائري يُعبّر عن عُمق العلاقات الفلسطينية الجزائرية، ومدى حبّ الجزائر لفلسطين على كافّة الأصعدة وفي جميع الميادين، حتى في الملاعب الرياضية وتشجيع الجزائريين لفلسطين ومنتخبها الوطني، حيث إنّهم يرفعون العلم الفلسطيني في الملاعب الرياضية تعبيراً عن حبّهم وانتمائهم لفلسطين، وأنّهما شعبٌ واحد وإن فصلت بينهما حدود وبلدان.
الإعلام الجزائـري.. ومدينة القدس والمسجد الأقصى
إِنَّ لوسائل الإعلام الجزائري دورا فعّالا في الدفاع عن مدينة القدس والمقدسات وفي مقدمتها المسجد الأقصى، حيث يقوم بنشر الأحداث والانتهاكات والاعتداءات وفضح جرائم سلطات الاحتلال الإسرائيلي، وَيُسَلِّط الضوء على ما تقوم به سلطات الاحتلال الإسرائيلي من إجراءات تهدف إلى تهويد المدينة المقدسة، وكذلك الاعتداءات والاقتحامات اليومية للمسجد الأقصى المبارك.
ونحن في فلسطين نُثمّن الدّور الكبير الذي تقوم به جريدة “الشعب” الغَرّاء في مساندة القضية الفلسطينية بصفة عامة، وقضية القدس والمقدسات والأسرى بصفة خاصة، فعندما اختيرت القدس عاصمة للثقافة العربية كانت جريدة “الشعب” الغرّاء السّبّاقة إلى إصدار ملحق أسبوعي بعنوان: (ملحق الشعب المقدسي)، هذا الملحق الذي أبرز قضية القدس والمقدسيين بكل أمانة وإخلاص، وتابع ما يجري في المدينة المقدسة أولاً بأول، كيف لا؟ وقضية القدس وفلسطين هي القضية المركزية للأمتين العربية والإسلامية، بالإضافة إلى العديد من الصحف الجزائرية التي خَصّصت ملاحق تُعنى بقضية القدس والمقدسات بفلسطين.
الإعلام الجزائري…
وأسرانا البواسل
إِنَّ للإعلام الجزائري إسهامات كبيرة في تعزيز صمود أسرانا البواسل، وذلك من خلال توفير مساحة إعلامية كبيرة في الصحف والمجلات والمواقع الإعلامية التي تهتم بقضية الأسرى ومساندتهم، وذلك بنشر كلّ ما يخصهم من اجراءات احتلالية ظالمة، واعتقال إداري ظالم، وإضراب عن الطعام، وإهمال طبي مُتَعَمّد للمرضى منهم أدى لاستشهاد عدد منهم، مِمَّا كان له أثرٌ واضح في مساندة الأسرى والتضامن مع قضيتهم العادلة وفضح جرائم سلطات الاحتلال الإسرائيلي بحقهم داخل السجون الإسرائيلية.
إنّنا نتقدّم بالشّكر الجزيل للجمهورية الجزائرية التي احتضنت أوّل مُلتقى دولي خُصّص لنصرة الأسرى الفلسطينيين، بمشاركة أكثر من ألف شخصية عربية وإسلامية ودولية، وكان الملتقى فرصة لإطلاق حملة عالمية لنصرة الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، وتحولاً في مسارها من المحلي إلى العربي والدولي، وإضافة نوعية لنصرتهم وإعادة الاعتبار لقضيتهم كقضية محورية أساسية.
ومن أهم ما تُعنى به الصحف الجزائرية نشر الملاحق الخاصة بالأسرى الفلسطينيين، فقد خَطَت جريدة “الشعب” الغرّاء خطوة مهمة جدًّا، عندما لامست القاسم المشترك لأبناء شعبنا الفلسطيني وهي قضية الأسرى في السجون الإسرائيلية، فأصدرت ملحقًا بعنوان: (صوت الأسير)، والذي يُتابع قضية الأسرى وفعاليات مؤسساتهم المختلفة، ويعرض معاناتهم، ويفضح جرائم المحتل البغيض بحقهم، فكان صوتًا قويًّا مُدويًا يدل على أنّ أمّتنا حيّة، وأنّها باقية كالطّوْد الأشمّ لن تهزها عواصف هوجاء ولا رياح عاتية، بالإضافة لباقي الصحف الجزائرية التي عُنيت بقضية أسرانا البواسل.
الإعلام الجزائري ووحدة الشّعب الفلسطيني
لقد وجّه الإعلام الجزائري نداءً إلى الشعب الفلسطيني بضرورة الوحدة، فهذا النداء نابع من عقول الجزائريين وقلوبهم، الذين يعتبرون قضية فلسطين قضيتهم الأولى، نداء للوحدة ورص الصفوف وجمع الشمل؛ لأنَّ أشقاءنا الجزائريين على يقين، وبعد تجربة ثورتهم الجزائرية العظيمة، أنّه لن تُحَرّر الأوطان إلا بالوحدة، ولأنّ ثورتهم لم تنتصر إلا بعد توحيد كافّة الجهود في بوتقة واحدة.
رأيتُ حبّ الجزائريين لفلسطين في عيون الإعلاميين والسياسيين والمُثقفين أثناء محاضرتي بالمركز الاستراتيجي لجريدة “الشعب” الغرّاء، وفي عيون الأكاديميين والطلبة في محاضرتي بكلية الحقوق بجامعة الجزائر، وفي عين الشريحة الكبرى من الشعب الجزائري أثناء خطبة الجمعة بمسجد القدس بالعاصمة الجزائرية أثناء زياراتي للجزائر الشقيق.
لقد احتضنت الجمهورية الجزائرية في منتصف شهر أكتوبر الماضي مؤتمر لَمِّ شمل الفصائل الفلسطينية لتحقيق المُصالحة وإنهاء الانقسام، وقد تُوِّج المؤتمر بتوقيع إعلان الجزائر للمصالحة الفلسطينية، وقد لاقى هذا الإعلان ترحيباً كبيراً من جميع القيادات الفلسطينيّة وأبناء شعبنا الفلسطينيّ المُرابط، وبهذه المناسبة فإنّنا نتوجّه إلى أشقّائنا الأعزّاء في الجزائر بجزيل الشّكر والتّقدير على مُبادرتهم الكريمة وحرصهم على تحقيق المُصالحة الفلسطينيّة.نسأل الله عزَّ وجلَّ أنْ يحفظ شعبنا وأمّتنا العربيّة والإسلاميّة من كلّ سوء، إنّه سميع قريب. وصلّى الله على سيّدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين.