تنطلق اليوم بالجزائر العاصمة، أشغال اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة، الدورة 31 بحضور مميز لرؤساء وملوك الدول العربية، إلى جانب ضيوف شرف، وتعد هذه القمة الرابعة التي تنعقد على أرض الجزائر، واختارت شعار «لمّ الشمل» في غرة نوفمبر حيث تحيي ذكرى اندلاع ثورتها التحريرية الحاضرة في وجدان كل الأمة العربية، لتكون انطلاقة جديدة للعمل العربي المشترك، وتعزيز التلاحم والتكامل العربيين.
تعرف الجلسة الافتتاحية، لأشغال اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة، تسلم رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، رئاسة الدورة 31 من نظيره التونسي قيس سعيد رئيس الدورة السابقة، ويلقي كل واحد منهما كلمة بالمناسبة، إلى جانب الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، كما تتضمن الجلسة كلمات مختصرة للمراقبين والضيوف.
أما اليوم الثاني، فسيخصص لعقد جلسة تشاورية أولى، يفسخ فيها المجال للقادة العرب لإلقاء كلمات حسب أولوية الطلب، وثانية مغلقة، يتم فيها اعتماد مشروع جدول الأعمال ومناقشته، واعتماد مشاريع القرارات، ومشروع إعلان الجزائر، الذي يعلن في نسخته النهائية أمام وسائل الإعلام في جلسة مسائية، يتم الإعلان فيها عن الرسائل والبرقيات الموجهة إلى القمة.
وتختم الأشغال، بكلمة لرئاسة القمة العربية المقبلة الدورة 32، وكلمة رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون رئيس الدورة العادية 31.
واختارت قيادة الجزائر أن يتزامن، انعقاد الدورة الـ31 لقمة الجامعة العربية، وذكرى اندلاع الثورة التحريرية لما لهذه الملحمة البطولية من قدسية ورمزية تاريخية، فقد سكنت وجدان الأمة العربية وظلت عنوانا لوحدة الصّف العربيّ، ولأسمى معاني تضامن الدول والشعوب العربية التي تجلت في أروع صور الدعم والمساندة لمقاومة وكفاح الشعب الجزائري التحرري.
وتريد الجزائر، أن يكون الأول نوفمبر، موعدا لـ»قمة الثورات» لتكون، بداية جديدة لاستئناف العمل العربي المشترك، وفق نهج جديد يكرس قيم النضال والتضامن المشتركين، ويبلور رؤية شاملة في جميع الميادين، تسمح للبلدان العربية بالتموقع مجددا على خارطة العلاقات الدولية، ومواجهة كل التحديات بنفس العزيمة والقوة.
وتنعقد قمة الجزائر في ظل ظروف دولية وإقليمية دقيقة وسياقات صعبة، جعلت رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، يؤكد في أكثر من مناسبة على وحدة الصف ولم الشمل ونبذ الفرقة وتغليب التوافق والائتلاف على التنافر والاختلاف، وجعل ذلك عنوانا للقمة وهدفا أسمى لها.
وكرّس من أجل إنجاح هذا الموعد سنة التنسيق والتشاور مع الأشقاء القادة العرب وجعلهما كأرضية صلبة ووسيلة مثلى لبلوغ الأهداف المسطرة.
ووفاء منها لتاريخها التحرري المجيد والتزامها الثابت بدعم الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة وباعتبارها قضية العرب المركزية، تسعى الجزائر لوضع القضية الفلسطينية في صلب أولويات القمة العربية، وبلورة موقف موحد يدعم حقوق الشعب الفلسطيني من خلال تفعيل مبادرة السلام العربية.
واحتضنت الجزائر ثلاث قمم عربية، الأولى عادية، في( 26 نوفمبر1973)، وقد التأمت خصيصا لدعم الشقيقتين مصر وسوريا بعد حرب أكتوبر 1973 وبمبادرة منهما. وشهدت القمة حضور 16 دولة وانضمام موريتانيا لجامعة الدول العربية، القمة الطارئة أو «قمة الانتفاضة» 7- 9 جوان 1988، وقد عقدت بمبادرة من الجزائر لدعم الانتفاضة الفلسطينية وبحث مستجدات الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وأدانت القمة الاعتداء الأمريكي على ليبيا، كما ظهرت خلالها أولى الملامح لاتحاد المغرب العربي.
والقمة الثالثة القمة العادية أو» قمة الإصلاح»( 22 – 23 مارس 2005)، وهي أول قمة عادية تنظم بعد إقرار الدورية السنوية في العواصم العربية.
وارتبطت القمم التي احتضنتها الجزائر بمواضيع هامة وملفات حيوية ساهمت في تعزيز العمل العربي المشترك، وكانت محطات فارقة في مسار جامعة الدول العربية، وقد عملت الجزائر داخل جامعة الدول العربية على تبني مقاربة تقوم على الحوار والحل السياسي للأزمات العربية ورفض التدخلات الخارجية.
وتحرص الجزائر على أن تكون القمة العربية التي تستضيفها في 1 و2 نوفمبر 2022 محطة فارقة من أجل لم الشمل والارتقاء بالعمل العربي المشترك، كما تتطلع للعمل مع بقية الدول العربية الشقيقة بغية التوصل إلى مخرجات وقرارات طموحة من شأنها تعزيز التوافق والاستجابة لتطلعات الشعوب العربية، وبالأخص حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة ذات السيادة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشريف، من خلال تفعيل مبادرة السلام العربية، إلى جانب إنجاح مشروع إصلاح الجامعة لتعزيز مكانتها على الصعيد الدولي و تمكينها من مواكبة التطورات الحاصلة على المستويين الإقليمي والدولي.
مؤشرات قوية على نجاح القمة
وضع فريق الخبراء وكبار المسؤولين ووزراء الخارجية، أرضية عمل صلبة، ينطلق من خلالها قادة وملوك الدول العربية، في أشغالهم اليوم، حيث توصلوا إلى توافق حول مجمل البنود والقرارات الموجودة في جدول الأعمال، وهذا يعد مؤشرا قويا، على نجاح قمة «لم الشمل» والوصول إلى جميع أهدافها.
وقال المدير العام لمديرية الاتصال بوزارة الشؤون الخارجية السفير عبد الحميد العبدواي، في تصريح لـ»الشعب»، إن «قمة الجزائر» نجحت منذ الأيام الأولى؛ لأن العمل الكبير خلال القمم، يكون على مستوى اجتماع المندوبين، والخبراء ووزراء الشؤون الخارجية، وقد توصلوا كلهم إلى الإجماع والتوافق، حول جميع المسائل والنقاط الموجودة على جدول الأعمال التي سترفع في شكل توصيات إلى رؤساء وملوك الدول العربية الذين بدؤوا يتوافدون للجزائر.
وأضاف: «نستطيع القول إن الجزائر نجحت في رهان لم شمل العرب، حول العديد من المسائل المعقدة، سواء كانت سياسية أو اقتصادية، بعد توصل وزراء الخارجية الى الاتفاق حول كل النقاط المطروحة في جدول الأعمال».
وتتمسك الجزائر، في «قمة الثورات» بإصلاح آليات تنفيذ جامعة العربية، حتى تطبق القرارات التي تصدر عن كل قمة.
وأوضح العبداوي، في هذا الشأن، أنه سبق للجزائر وأن بادرت في قمة 2005 بمبادرة إصلاح آليات الجامعة العربية، لتكون أكثر نجاعة وفعالية لإعطاء القرارات المتخذة الصيغة التنفيذية، مؤكدا أن الجزائر متمسكة بإصلاح الجامعة العربية، اليوم، أكثر من أي وقت مضى، وتم طرح هذا الطلب من جديد وهذا يتطلب نقاش وتبادل الآراء للوصول إلى قرارات مهمة تضمن الانتقال النوعي لآليات الجامعة العربية لتكون أكثر نجاعة على الأرض.
ولأن القضية الفلسطينية هي القضية الجوهرية، في أشغال القمة العربية، كشف العبداوي، عن استمرار التشاور وتبادل للآراء بين الوفود العربية، لإعطاء الصيغة التنفيذية لاتفاق الجزائر المتعلق بالمصالحة الفلسطينية-الفلسطينية عبر آليات ستوضع من خلال التشاور الذي يدور حاليا بخصوص هذا الموضوع، وإعطاء هذا الاتفاق الفاعلية الكبرى للمّ الشمل الفلسطيني، والوصول إلى نتيجة تكون في مستوى تطلعات الشعب الفلسطيني لدعمه في مقاومة الاحتلال.
وردا على الذين يقولون أن نجاح أي قمة عربية، يقاس بعدد القادة الحاضرين، أكد العبداوي حضور نوعي لرؤساء وملوك العرب في قمة الجزائر، وقال: «كل الدول ممثلة في هذه القمة على أعلى مستوى، ونجاح القمة الحقيقي يقاس بمخرجاتها وبالوفاق حول المسائل الجوهرية التي تهم البلدان العربية ككتلة موحدة للم شمل العرب».