يربط مشاركون في اليوم الأول من الجلسات الوطنية للمجتمع المدني، دور الحركة الجمعوية وأهمية إشراكها في تنفيذ السياسيات العمومية من خلال إرساء ديموقراطية تشاركية، بتقوية مؤسسات الدولة وتحصينها، لاسيما إزاء ما يشهده العالم من تحولات جيو-إستراتيجية وتجاذبات وإعادة تقسيم للخارطة السياسية العالمية.
ينطلق رئيس رابطة الكفاءات الجزائرية بالخارج، الدكتور محمد من خروف، في حديث لـ “الشعب أونلاين”، على هامش اليوم الأول من الجلسات الوطنية للمجتمع المدني، الجارية بقصر المؤتمرات الجزائر العاصمة، من تعهدات رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، أثناء حملته الانتخابية، المتعلقة بإصلاح وتقوية مؤسسات الدولة وتعزيز جسر الثقة بينها وبين الجزائريين.
يقول بن خروف أن إيمان المجتمع بمؤسساته عنصر أساسي في تقوية مؤسسات الدولة “وبالتالي هذه الفكرة التي أراد الرئيس أن يُجسدها على أرض الواقع، ونجح في إعادة الأمل لهؤلاء الجزائريين الذين كانوا في وقت ما متذمرين وفقدوا الأمل.. الجزائر الجديدة ليست شعارا بل هي ممارسة ديموقراطية فعلية”.
متطلبات المرحلة
من وجهة نظر بن خروف، يكتشف الجزائريون، شيئا فشيئا، أن التعهدات التي تقدم بها الرئيس تبون تُجسد على أرض الواقع “وما وجودنا اليوم للمشاركة في هذه الأيام الوطنية ما هو إلا دليل على حرصنا على تقوية مؤسسات الدولة من خلال مشاركة ديموقراطية في كل الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تتطلبها المرحلة الراهنة”.
الرهان على المجتمع المدني في بناء جزائر جديدة مثلما جاء في شعار هذه الجلسات الوطنية التي أشرف على افتتاحها الوزير الأول أيمن بن عبد الرحمان، يربطه المتحدث بما يشهده العالم من تحولات جيو- إستراتيجية هامة، يمر فيها العالم بتجاذبات وإعادة تقسيم الخارطة السياسية العالمية “والجزائر في كل هذه البيئة لا تزال ثابتة وتجابه هذه المتغيرات”.
وأضاف قائلا:” الجزائر صامدة بمؤسساتها وسياستها، وتمشي بخطى ثابتة لإعادة الثقة مع الشعب المجتمع الوطني الذي سوف يكون الحصان الذي يدافع عن البلاد، وتابع يقول:” المجتمع المدني، في وقت سابق، كان يفقد إلى الثقة وسئم من الخطابات الجوفاء والممارسة السياسية السيئة، لكن اليوم نلاحظ انه يوجد تجديد في التعامل مع المجتمع والجالية في المهجر التي أخذت قسطا وافرا من اهتمامات الرئيس تبون.”
بناء القدرات..
من جهته، يتحدث نور الدين بن براهم رئيس جمعية أضوء رايتس لحقوق الإنسان، عن دور المجتمع المدني من خلال السياسات العمومية التي تحدد – حسبه – مجالات تدخله في إدارة المشاريع وتعزيز توجهه “نتحدث عن مشاريع ذات بعد اجتماعي اقتصادي واحتياجات يومية للمواطنين والشباب، المسائل البيئة..”
بناء قدرات المجتمع المدني يعتبر وفق بن براهم عنصر مهم لفهم التحولات الهيكلية والقانونية والتشريعية المرتبطة بالإرادة السياسية، ويشير إلى أهمية جاهزية المجتمع المدني للمرحلة القادمة من حيث القيادة وإدارة المشاريع وتسيير الموارد والمساحات التي تتاح له، وهذا بتوفر الإرادة السياسية والآليات التشريعية والسياسات الحكومية وأيضا جاهزية المجتمع المدني.
ويقول في هذا الجانب:” أعتقد أننا سنعزز نموذج الممارسة الديموقراطية التشاركية في الجزائر، لاسيما من حيث الأداء وتعزيز نموذج إقليمي عربي إفريقي ينطلق من الجزائر ويتعاون مع عديد الدول، فمثلا تعميم مفهوم السلم المجتمعي أصبح الآن يعتمد على بعد إقليمي ودولي.”
على ضوء هذه محاور النقاش في هذه الجلسات، يبرز بن براهم ما يصفه بجانب مهم للغاية، ويقصد صناعة قيادات المجتمع “هذا رهان وتحدي على اعتبار أن كل ما ذكرناه من إرادة سياسية وإصلاحات تشريعية مرتبط بصناعة قيادات لها جاهزية وفهم معين تمكن المجتمع المدني من القدرة في التمثيل والمرافعة والإدارة المحترفة.”
ويختم المتحدث قائلا:” ما دام هناك إرادة سياسية واليات دستورية تسمح بتأسيس جمعيات وتتيح حرية للمجتمع المدني، هذا الأخير أمام تحدي بناء قدراته والخروج من نقاط الضعف والمناسباتية في الأنشطة إلى مجتمع مدني قوي من حيث التمثيل له تجذر شعبي وأن يكون قوة اقتراح.”