بعد دراسة وتعديلات معمقة تتماشى مع متطلبات المرحلة ومع التوجهات الصناعية والاقتصادية الجديدة للجزائر، أمر رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، يوم الاثنين، خلال ترؤّسه اجتماعا لمجلس الوزراء، بنشر دفتر الشروط الخاصّ بالمصنّعين ووكلاء بيع السيارات، غدا الخميس 17 نوفمبر 2022، ليفرج بذلك عن ملف استيراد وتصنيع السيارات الذي يحوز اهتمام ومتابعة كبيرة من طرف الجزائريين الذين تنفسوا الصعداء بقرارات الرئيس، في وقت يتوقع فيه مختصون نزول أسعار المركبات قريبا.
يؤكد المحلل الاقتصادي وأستاذ العلوم الاقتصادية بجامعة الجزائر الدكتور هواري تيغرسي، في تصريح لـ«الشعب”، أن أوامر رئيس الجمهورية بنشر دفتر الشروط يوم 17 نوفمبر القادم، تأتي في إطار الالتزام بالتعهدات مع بعض الشركاء الاقتصاديين على رأسهم مجمّع “ستيلانتيس” الإيطالي لصناعة السيارات، حيث سبق للرئيس أن شدد على الإسراع في الإعداد لدفتر الشروط الخاص بوكلاء السيارات، للحسم فيه قبل نهاية السنة.
أضاعت الجزائر، في مراحل سابقة، أموالاً طائلة في مشاريع منقوصة النجاعة الإنتاجية والصناعية، بحيث لم توفر معدلات إدماج فعلية ولا نقلاً للتكنولوجيا، واعتمدت على نشاط التركيب لوحده، وهي أخطاء ـ يقول المتحدث ـ اقترفت في السابق وحان الوقت لتصليحها من خلال بناء منظومة صناعية صلبة ومستدامة، وتضمن معدلات اندماج واقعية ومرضية ونقلا حقيقيا للتكنولوجيا وتوفر مناصب شغل قارة وكل هذا يأتي عن طريق دفتر الشروط الجديد الذي سيأخذ كل هذه المعطيات بعين الاعتبار، خاصة ما تعلق منها بقواعد قانون الاستثمار الجديد، الذي بات يضمن المساواة بين المستثمرين المحليين والأجانب، ويمنح تحفيزات كبيرة وخاصة للعمليات الإنتاجية والاستثمارات المهيكلة التي تعتمد على رأس مال كبير، وفق شروط واقعية، عملية ومدروسة.
من جهته يرى البروفسور عبد الوهاب معمري، أستاذ العلوم الاقتصادية بجامعة بشار ـ وفق ما أكد “للشعب” ـ أنه بعد التعديلات التي طرأت على دفتر الشروط الخاص بوكلاء بيع السيارات منذ 2019 وحتى تاريخ نشره يوم غد الخميس، جاء قرار رئيس الجمهورية ليفرج عن هذا الملف الذي أخذ حيزا كبيراً من اهتمام الجزائريين، وهذا بعد تكثيف العمل عليه خلال السنة الحالية وتطعيمه بالعديد من التعديلات في كل مرة، لتتماشى مع متطلبات المرحلة ومع التوجهات الصناعية والاقتصادية الجديدة للجزائر.
ويتوقع البروفيسور عبد الوهاب معمري، أن يسهم دفتر الشروط الجديد في تلافي الكثير من هفوات الفترة الماضية، علاوة على تحقيق استقرار في سوق السيارات وإحداث تراجع في الأسعار إلى مستويات معقولة. كما ينتظر أن يعتمد الدفتر شروطاً جديدة خاصة باحترام المعايير البيئية وهذا عملا بالتزامات الجزائر الوطنية والدولية في الحفاظ على البيئة والتقليل من الانبعاثات الدفيئة، زيادة على اعتماد آليات وشروط لوجستية لضمان الوفرة (مساحات العرض والتخزين).
وتحدث عن ضرورة اعتماد المصنّعين، مستقبلا وبصورة تدريجية، قطع غيار ومعدات منتجة من طرف مؤسسات مناولة وطنية، مع رفع نسب الإدماج الفعلي في السيارات المصنعة محلياً بصفة مستمرة، وهذه هي إحدى أبرز النقاط التي جاءت في الاتفاقية الموقعة مؤخرا بين وزارة الصناعة ومجمّع “ستيلانتيس” الإيطالي لصناعة السيارات ـ يذكر المتحدث- والتي من شأنها إحداث نقلة نوعية في مسار الصناعة الجزائرية من خلال نقل التكنولوجيا والخبرة.
جدير بالتذكير، أن المادة 66 من مشروع قانون المالية لسنة 2023 والتي تتطابق مع فحوى المادة 110 من قانون المالية لسنة 2020، تشترط أن تكون السيارات المستوردة على حالتها المستعملة مطابقة للمعايير الدولية في مجال حماية البيئة، مع مراعاة قواعد المعاملة بالمثل. وتطبق أحكام هذه المادة أيضاً على السيارات السياحية المتنازل عنها للخواص المقيمين من طرف الممثليات الدبلوماسية أو القنصلية الأجنبية وممثليات المنظمات الدولية المعتمدة بالجزائر وكذا أعوانهم، وتحدد كيفيات تطبيق هذه المادة وكذا مراقبة مطابقة السيارات السياحية المستعملة المذكورة في هذه المادة، بموجب قرار مشترك بين وزير الشؤون الخارجية ووزير الداخلية ووزير المالية ووزير المناجم، بحسب ما جاء في فحوى المادة 110 من قانون المالية لسنة 2020. وعلى هذا الأساس، حافظ مشروع قانون المالية لسنة 2023 على ذات الرسوم المفروضة على السيارات المستوردة، سواء كانت من فئة أقل من ثلاث سنوات أو السيارات الجديدة. وعليه، يتعين على المواطنين الراغبين في اقتناء سيارات من الخارج، دفع ما نسبته 30% من سعر السيارة كرسوم جمركية، إضافة إلى 19% كرسم على القيمة المضافة.