يُشخص نائب القائد العام للكشافة الإسلامية الجزائرية، عادل نساخ، واقع فعاليات المجتمع المدني في الجزائر وما ينتظرها من تحديات في مرافقة مؤسسات الدولة والمشاركة في تنفيذ السياسات العامة وفق مقاربة تشاركية تبنتها السلطات العليا في البلاد وتعمل على إرساءها.
يقول نساخ في تصريح لـ “الشعب أونلاين”، على هامش فعاليات الجلسات الوطنية للمجتمع المدني 15 و 16 نوفمبر الجاري بقصر الأمم بالجزائر العاصمة، إن المجتمع المدني يواجه تحديات كبيرة قياسا بما قاله رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، الذي أكد أن للمجتمع المدني دور كبير.
من هذا المنطلق، يشرح نساخ أن الجلسات الوطنية، التي سبقتها جلسات محلية، شاركت فيها مختلف الجمعيات والمنظمات، ساهمت في إثراء كثير من المواضيع والجوانب، تهدف بالأساس إلى إعطاء دور حقيقي للمجتمع المدني، بعيدا عن بعض الممارسات السابقة وإسقاط شوائب التصقت بالحركة الجمعوية في الجزائر.
فرصة لنقاش جاد
يقول المتحدث في هذا السياق: ” هذه الجلسات فرصة لمناقشة عميقة، في السابق اشتكت فعاليات المجتمع المدني بعدم منحها الأهمية اللازمة في التنمية وإيصال هموم وانشغالات المواطنين، اليوم هناك إرادة سياسية ملموسة في خطابات الرئيس تبون..”
الاهتمام الخاص الذي توليه السلطات العليا في البلاد لدور المجتمع المدنيي، يتجلى وفق نساخ، في خطابات رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، وإجراءات كثيرة اتخذت، منها إنشاء مرصد وطني للمجتمع المدني، ويضيف: “اليوم اجتمعنا لنناقش بعمق وجدية مجموعة من المواضيع الهامة، خاصة ما تعلق بالديمقراطية التشاركية وآليات وسبل مشاركة المجتمع المدني في مشاريع التنمية المحلية”.
في حديثه عن أهمية الجلسات الوطنية للمجتمع المدني، التي انطلقت الثلاثاء بقصر الأمم وتدوم يومين، تحت شعار “المجتمع المدني ركيزة لبناء الجزائر الجديدة”، يتحدث المصدر عن تركيز النقاش حول إيجاد آليات ناجعة لترقية دور المجتمع المدني للقيام بأدوار بعيدا عن “الفلكلور” والخروج من المناسباتية.
وعن دور الكشافة الإسلامية الجزئرية باعتبارها إحدى التنظيمات الجمعوية الأكثر حضورا في البلاد، يقول نساخ: ” هناك اهتمام خاص بهذه المنظمة من قبل مؤسسات الدولة والمجتمع بالنظر إلى تاريخها ودورها التاريخي في ثورة التحرير ومعركة البناء، وأيضا من خلال قوة التنظيم والتواجد على مستوى كل بلديات البلاد”
ويضيف: ” السلطات العمومية تشارك الكشافة الإسلامية الجزائرية دائما مع باقي فواعل المجتمع المدني، في تحديات البلاد، في فترات سابقة، آخرها جائحة فيروس كورونا، حيث كانت الكشافة حاضرة”.
وتابع يقول: “نجد احتراما وقبولا لدى الجميع بأن الكشافة حاضرة وتساهم في مشاريع تنموية.. ونؤكد أن هذا لم يأت من فراغ، بل من ما تبذله قيادتنا ومناضلونا في كل ربوع البلاد”.
وحول تطهير فعاليات المجتمع المدني من ممارسات سلبية سابقة، وتخصيص ورشة كاملة بعنوان: أخلقة العمل الجمعوي، يوضح: ” هذا تحدي بحد ذاته. في السابق للأسف كانت هناك تأثيرات سياسية، لكن اليوم نحن في حاجة إلى مجتمع مدني يرتبط بالأهداف، التي أنشئ من أجلها وهذا هو الصواب والمطلوب”.
بعيدا عن الحسابات..
من وجهة نظر المتحدث، يقتضي أن يؤدي المجتمع المدني دوره كاملا بعيدا عن أي حسابات والمطلبية الزائدة وفي بعض الحالات تشويه صورته بأفراد تسيء لعمل المجتمع المدني: “في آخر ثلاث سنوات، نشهد إصلاحات، ومقبلون في الأيام المقبلة على قانون جمعيات جديد الذي صودق عليه مجلس الوزراء، وينتظر أن ينزل في الأيام القليلة المقبلة إلى المجلس الشعبي الوطني”.
القانون الجديد للجمعيات، وفق نساخ، محطة هامة تندرج ضمن الإصلاحيات التشريعية الهادفة إلى تجسيد المقاربة الجديدة، التي تتبنها السلطات العليا في البلاد إزاء مكانة المجتمع المدني ودوره في مرافقة مؤسسات الدولة والمشاركة في السياسيات العمومية.
وعلى مدار يومين، تسلط الجلسات الوطنية للمجتمع المدني، الجارية أشغالها بالجزائر العاصمة الضوء على بلورة تصورات عملية لتجويد أداء المجتمع المدني والانتقال به إلى مستويات تواكب التوجهات الجديدة للجزائر، ويعول عليه أيضا في مواجهة التحديات على الصعيدين الداخلي والخارجي.
تستهدف هذه الجلسات، التي تحظى برعاية رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، وأشرف على انطلاقها الوزير الأول أيمن بن عبد الرحمان، بقصر الأمم الجزائر العاصمة، تجسيد الرؤية الجديدة التي تجعل المجتمع المدني محور تكريس للمواطنة الفاعلة في المجتمع، وتشخيص الواقع ورصد الاختلالات المعيقة لتجسيد دوره، إلى جانب تكريس الديمقراطية التشاركية كآلية دستورية وثقافة مجتمعية جديدة، ودراسة سبل تفعيل دور المجتمع المدني للمساهمة في التنمية الوطنية الشاملة والمستدامة. ومن أهدافها كذلك إيجاد آليات ترقية أداء المجتمع المدني واسـتـشـراف آفاق عمله لبناء الجزائر.
في أربع ورشات عمل يدور النقاش في هذه الجلسات حول: “ترقية أداء المجتمع المدني”، “الديمقراطية التشاركية: آليات وسبل ترسيخها في الحوكمة المحلية والوطنية”، “مأسسة العمل التطوعي”، وأخيرا “أخلقة عمل المجتمع المدني”.
ومن ما تصبوا إليه جلسات المجتمع، في ورشتها الأولى مناقشة واقع فعاليات المجتمع المدني واقتراح سبل واليات تحسين أدائه، سواء من حيث النصوص القانونية والتنظيمية أو من حيث قدراته الهيكلية والتنظيمية.
وحول ما تعلق بعنوان الورشة الثانية “الديموقراطية التشاركية”، يناقش المشاركون آليات جعل الحركة الجمعوية كقوة اقتراح من خلال إشراكه في صياغة السياسيات العمومية وتقديم تصورات عملية، في صورة رسم وتجسيد البرامج والسياسات المحلية والوطنية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية.
التأثيرات والتحديات
ومن ضمن المحاور الهامة في هذه الجلسات، التي تنعقد تحت شعار “المجتمع المدني ركيزة أساسية لبناء جزائر جديدة”، ما يخص دور المجتمع المدني في مواجهة التأثيرات والتحديات الدولية، اذ يتم التطرق في هذا الجانب إلى واقع الجزائر في ظل هذه التحديات، وهو ما يقود إلى جانب آخر يتعلق بدبلوماسية المجتمع المدن، فضلا عن دور الجالية الوطنية بالخارج في التنمية.
ولتأدية أدوراه المستقبلية مثلما يجرى العمل عليه، خُصص في هذه الجلسات ورشة كاملة حول “أخلقة عمل المجتمع المدني”، من منطلق الرهان عليه كحليف استراتيجي للدولة يحمله مسؤولية هامة في إرساء قيم المواطنة وتكريس الديمقراطية وتعزيز الحريات، وذلك من خلال وضع حد لممارسات سلبية من فساد وإقصاء وتهميش وبيروقراطية.
دور المجتمع المدني يقتضي، وفق ما جاء في مذكرة هذه الورشة، أن يكون في مستوى الرهان والثقة من خلال إبعاد الصورة السلبية التي كانت سابقا من خلال توظيفه واستغلاله في غير الأدوار المنوطة به.
وكان رئيس المرصد الوطني للمجتمع المدني، عبد الرحمان حمزاوي، قال في كلمة افتتاحية لأشغال الجلسات الوطنية الأولى للمجتمع المدني، إن هذه الفعاليات فرصة ثمينة لطرح انشغالات الحركة الجمعوية وفعاليات المجتمع المدني وتدارس التحديات والعوائق التي تحد من فعاليتها في النشاط وأداء أدوارها بكفاءة وسانحة لاقتراح الحلول ووضع التصورات والمرافعة لتجسيدها على أرض الميدان.
وأبرز حمزاوي أن الفعالية تحظى برعاية رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، “وإن تفضله وتكرمه بهذه الرعاية لدليل على كبير الاهتمام الذي يوليه للمجتمع المدني ودوره في الحياة العامة، والذي خصه بالاعتبار في برنامجه وتعهداته الأربع والخمسين وجسده بعد ذلك في الدستور، ولم يفتأ في كل مناسبة وفرصة يؤكد على ضرورة تبوئه المكانة المناسبة له في حركية المجتمع ومرافقة السلطات في تسيير الشأن العام”.