حمل دفتر شروط اقتناء المركبات الجديدة، تدابير جدّ واقعية لإعادة بعث النشاط بما يضمن مصالح جميع المتدخلين، فيما يعزز المرسوم الخاص بتصنيع المركبات، فرص إطلاق صناعة جادة للسيارات ابتداء من سنة 2023.
مثلما كان منتظرا، صدر الخميس، في العدد الأخير للجريدة الرسمية، المرسومين التنفيذيين المتعلقين بشروط وكيفيات ممارسة نشاط وكلاء المركبات الجديدة، وشروط وكيفيات ممارسة نشاط تشنيع المركبات.
وجاء ذلك، تنفيذا لأمر رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، خلال اجتماع مجلس الوزراء الأحد الماضي، منهيا بذلك وضع الترقب والانتظار الذي لازم المواطنين طيلة السنوات الثلاث الماضية.
مئات الآلاف من عمليات تحميل العدد رقم 76 للجريـدة الرسميـة
وتفاعلا مع لحظة الصدور، نفذت مئات الآلاف من عمليات تحميل العدد رقم 76 للجريدة الرسمية، المؤرخ في 17 نوفمبر 2022، لمعرفة التدابير الجديدة التي أقرتها الحكومة لإعادة إطلاق شعبة المركبات الجديدة، على أسس جديدة تراعي مصلحة الاقتصاد الوطني وتحمي حقوق المستهلكين والوكلاء.
وتضمن دفتر الشروط المتعلق باقتناء المركبات الجديدة، تدابير واقعية، مقارنة بتلك المنصوص عليها في مرسوم أوت 2020، والتعديلات التي أدرجت عليه منتصف 2021، والتي اعتبرت تعجيزية من قبل الوكلاء، وتقصي بعض رغبات المستهلكين.
وحمل النص الجديد تراجعا عن حصر نشاط الوكيل في تمثيل علامتين تجاريتين فقط على مستوى الإقليم (التراب الوطني)، وأخضع ممارسة نشاط وكلاء المركبات الجديدة، بحسب المادة 4 إلى “إبرام عقد وكالة يربط الوكيل بمصّنع مانح واحد”.
وأقر دفتر الشروط العودة إلى نظام الرخصة المسبقة، والتي لا تسمح له بممارسة النشاط فعليا، وإنما “لمباشرة إجراءات إنجاز استثماراته” بصفته مستثمرا.
من أبرز شروط الحصول على هذه الرخصة، “عقد أو بروتوكول اتفاق وكالة حصري، مبرم بين المصنع المانح، والمكتتب لممارسة نشاط وكيل المركبات الجديدة لمدة لا تقل عن 5 سنوات.
ويمنح وزير الصناعة الرخصة المؤقتة بمدة صلاحية 12 شهرا، في غضون 30 يوما من تسليم وصل الإيداع، بعد استشارة اللجنة التقنية، فيما يتوجب تبرير كل قرار بالرفض، مع تمكين صاحب الطلب، إذا اعتبر نفسه متضررا، من الطعن خلال 15 يوما، ليتلقى الرد النهائي في الثلاثين يوما الموالية.
المرحلة الموالية، تتمثل في الحصول على الاعتماد للممارسة الفعلية لنشاط الوكيل المعتمد للمركبات الجديدة، وتستلزم الوفاء بشروط واضحة، ومخففة مقارنة بدفتر الشروط السابق، فقد تم تقليص مساحات المنشآت المطلوبة وإلغاء شرط خبرة خمس سنوات للمستخدمين.
وكان وكلاء سابقون، قد اعتبروا المساحة الإجمالية لبيع المركبات السياحية الخاصة بـ 6400 متر مربع، تعجيزية، لتصبح حاليا 5500 متر مربع، مع تقليص مساحة قاعة العرض إلى النصف بـ 500 متر مربع، على أن تتوفر ورشة مصلحة خدمة ما بعد البيع على 1000 متر مربع، وحظيرة التخزين على 3800 متر مربع، ومخزن قطع الغيار على 200 متر مربع.
وفي حالة استيفاء كافة الشروط الفنية والتقنية، يسلم وزير الصناعة اعتمادا للوكيل لمدة 5 سنوات قابلة للتجديد، فيما تنشأ لجنة طعون لدى الوزير الأول، وتتشكّل من ممثلي الوزير الأول، وزراء الداخلية، المالية، الصناعة، المناجم، التجارة، النقل، البيئة والتشغيل.
لا سيارات ديزل
أبقى المرسوم التنفيذي الجديد، على الصرامة ذاتها، فيما يتعلق بشروط التوزيع وخدمات ما بعد البيع، وحدد بدقة أكبر معايير السلامة والأمان الواجب توفرها في السيارات حسب سعة المحرك.
وتلزم المادة 27 الوكيل المعتمد بأن تكون له “فيما يخص شبكته للتوزيع منشآته الأساسية الخاصة أو اللجوء إلى موزعين معتمدين لضمان التقرب من زبائنه والوفاء بالتزاماته تجاههم”.
وبناء على ذلك، يجب على الوكيل المعتمد بعد انقضاء السنة الأولى من حصوله على الاعتماد، أن “يتموقع على مستوى 28 ولاية، على الأقل، موزعة عبر التراب الوطني”.
ولتفادي الغش أو التحايل في قطع الغيار، يفرض على الوكيل “توفير مخزون كاف من قطع الغيار واللوازم الأصلية أو ذات النوعية المصادق عليها من طرف المصنع المانح للتكفل بالشروط المتعلقة بالضمان والخدمة”.
ولن يكون بإمكان الوكلاء المعتمدين، توريد السيارات ذات محرك الديزل، إذ قيدت المادة 29، الترخيص لفئة المركبات السياحية لتلك المجهزة بمحرك بنزين، كهربائي، هيدروجيني، هجين، بنزين/كهربائي، بنزين هيدروجيني، أو غاز البترول المميع/الغاز الطبيعي المضغوط أو القابلة للتجهيز به والتي تستجيب انبعاثات الغاز بها للتشريع والتنظيم المعمول بهما.
في المقابل، اختفى شرط تسقيف سعة المحرك الخاص بالمركبات الخاصة، عند 1.6 لتر، وكذا الشرط المتعلق بتلبية الطلبات الخاصة بالمركبات الكهربائية في حدود 15 بالمائة من مجموع المركبات المسوقة.
ولم يقدم دفتر الشروط الجديد، تنازلا فيما يعلق بمعايير السلامة والأمان، واعتمد نظام سعة المحرك لتوزيع عدد الأكياس الهوائية، وأبقى على ضرورة احتواء المركبات السياحية والنفعية الخفيفة على نظام مضاد لقفل العجلات “أ.بي. أس”، المراقبة الالكترونية للاستقرار بالنسبة للمركبات التي تفوق سعة أسطوانتها 1200 سم مكعب.
كما تتوفر على نظام محدد السرعة أو مثبت للسرعة بالنسبة للمركبات التي تفوق سعة أسطوانتها 1200 سم مكعب، مع شرط كيسان هوائيان أماميان (السائق والراكب). أما بالنسبة للمركبات السياحية التي تفوق أو تساوي سعة محركها 1.6 لتر، فيشترط كيسين هوائيين أماميين وآخرين جانبيين (المجموع 4).
البيع والضمان
حدد دفتر الشروط الجديد، تدابير المعاملة التجارية بين الوكلاء والزبائن، بالشكل الذي يحمي مصالح المستهلكين، ويلزم بإبقاء سعر البيع المبين ثابتا وغير قابل للمراجعة ولا للتحيين بالزيادة، ويجب تحرير فاتورة نهائية طبقا للتشريع المعمول به.
وتنص المادة 18، أنه حالة طلب الوكيل المعتمد دفع تسبيق عند تحرير الطلبية، فإنها لا يمكن أن تتجاوز 10 بالمائة من سعر البيع مع احتساب كل الرسوم.
ولن تتجاوز مدة تسليم المركبة الجديدة المطلوبة 45 يوما، ابتداء من تاريخ الطلبية ولا يحدث التمديد إلا باتفاق بين الطرفين، وفي حالة الدفع الكلي لثمن السيارة، يلزم الوكيل المعتمد بتسلميها في غضون 7 أيام.
وفي شرط صارم جدا، نصت المادة 20 بأن يلزم الوكيل المعتمد، في حالة عدم احترام شروط البيع، بإرجاع مبلغ التسبيق أو المبلغ الإجمالي المدفوع مع زيادة قدرها 10 بالمائة من المبلغ المدفوع، وذلك خلال 08 أيام من إقرار فشل الحل بالتراضي.
وتنهي هذه المادة، الممارسات الملتوية، التي مارسها بعض الوكلاء، في سنوات سابقة، ما أدخل المواطنين في دوامة من الانتظار ودهاليز من البيروقراطية.
ومن بين أهم الضمانات المنصوص عليها، توفير قطع الغيار واللوازم الأصلية أو ذات النوعية المصادق عليها من طرف المانح، لمدة أدناها 5 سنوات، حتى في حالة توقف النشاط
.أما مسافة الضمان فتساوي 80.000 كلم (في حدود 60 شهرا) للمركبات الصناعية، و100.000 كلم للمركبات السياحية والنفعية الخفيفة. و8000 كلم بالنسبة للدراجات النارية.
ومن بين الشروط أيضا أن يتوفر لدى الوكيل المعتمد حظيرة مركبات سياحية ونفعية خفيفة للاستبدال، تتكون على الأقل من 15 مركبة مرقمة باسمه، قبل تسويق أول مركبة.
دفتر شروط تصنيع المركبات
عرف دفتر الشروط الخاص بشروط وكيفيات ممارسة نشاط تصنيع المركبات، تغييرات جذرية مقارنة بمرسوم أوت 2020، تعتبر في مجملها تسهيلات كبيرة لفائدة الشركات الراغبة في إطلاق صناعة السيارات في الجزائر.
وأول ما يلاحظ على النص الجديد، وجاء في المادة الرابعة أن “ممارسة نشاط تصنيع المركبات السياحية والمركبات الخفيفة مفتوحة للمصنعين مالكي علامات المركبات الناشطين بمفردهم أو بشراكة عن طريق إنشاء شركة خاضعة للقانون الجزائري”.
ومن أبرز التسهيلات إلغاء، شرط امتلاك وعاء مالي في شكل رأس مال خاص يقدر بـ 30 بالمائة على الأقل من القيمة الإجمالية للاستثمار المرتقب، بالنسبة للمستثمر الجزائري، وأن يحوز المستثمر الأجنبي على مساهمة في رأسمال لا تقل عن 30 بالمائة من رأسمال الشركة.
ويكفي حاليا أن يقدم طلب إبداء الرغبة المتضمن انخراط المصنع مالك العلامات في الاستراتيجية الوطنية المتعلقة بصناعة المركبات، وينص على تحديد مبلغ الاستثمار المزمع القيام به، أنواع المركبات التي ستصنع محليا، استراتيجية المصنع لدعم والاعتماد على المناولين المحليين، والبرنامج متعدد السنوات الخاص بتوريد المجموعات والمجموعات الفرعية واللواحق (رقم الإنتاج).
وتمت مراجعة جذرية لنسبة الإدماج المطلوبة، إذ ينص الدفتر الجديد على تحقيق نسبة 10 بالمائة عند نهاية السنة الثانية، و20 بالمائة عند نهاية السنة الثالثة و30 بالمائة عن نهاية السنة الخامسة.
التسهيلات الجديدة، يستطيع كبار المصنعين العالميين الوفاء بها بسهولة، ما يعزز فرص إطلاق مسار تصنيع السيارات في الجزائر وفق خطة تحقق هدفها الكامل في غضون 5 سنوات.