أبرز أساتذة باحثون، أهمية المخطوطات في الكتابات التاريخية، باعتباره موروث تاريخي ثمين، وذلك في ندوة علمية بعنوان “دور الوثائق والمخطوطات في تدوين الكتابات التاريخية”، نظمها مخبر المخطوطات، اليوم الأحد، بقسم التاريخ بجامعة الجزائر 02.
أكد الدكتور عبد الحميد خالدي أن، المخطوط علم اساسي في البناء الحضاري والكتابة التاريخية، ووثيقة أساسية التي يعتمد عليها الباحث. وأبرز أن المخطوطات الإسلامية كانت لها مكانتها في الإنتاج الفكري للعلماء المسلمين، عندما كانت أوروبا تعيش الجهل.
وأضاف الأستاذ خالدي أن، الأوروبيين سرقوا مخطوطات المسلمين ونهلوا منها العلوم ودراسات في الفكر الإنساني، والتي ساهمت في تقدم الغرب اليوم.
أكثر من 1800 مخطوط على المستوى الوطني
وأشار الدكنور إلى أن تحقيق المخطوطات عمل صعب وشاق وأصعب من التأليف، يتطلب خبرة وتخصص المؤرخ ودراسة واسعة، وموضوعية.
وقال :” علم التحقيق له شروط ومراحله، تقتضي الحرص التام على نقل الوثائق كما هي دون التلاعب بها أو تحريفها، وأن يخرجها على أسس صحيحة “.
وتأسف إلى أن الكثير من الطلبة والباحثين يتهربون من تحقيق المخطوطات.
وأشار الأستاذ خالدي إلى وجود أكثر من 1800 مخطوط على المستوى الوطني، 12 مكتبة خاصة بولاية غرداية.
المخطوطات بحاجة لمؤرخ مختص
أبرزت البروفيسور نبيلة عبد الشكور، أهمية الوثائق والأصول في كتابة التاريخ، وأشارت إلى أنه “لا فرق بين الوثيقة والمخطوط فكلاهما يمثل السجل الذي يدون ويحفظ تاريخ الأمم”.
وأوضحت أن المخطوط وثّق لأحداث في إطار معين سواء كتابات وصفت الحالة الاجتماعية أو السياسية لمجتمع ما، ويبقى على المؤرخ تحليل الوثيقة.
وقال رئيس المجلس العلمي، الدكتور سعيود أن الوثيقة أصبحت بمثابة مفتاح في الأبحاث التاريخية سواء كانت مخطوط أو رسالة.
وأشار إلى وجود نوعان من الوثائق في العهد العثماني. رسمية متمثلة في المبادلات والمعاهدات، ووثائق غير رسمية متمثلة في مذكرات الأسرى والرحالة. وقال:”نحن في أمس الحاجة إلى هذا النوع من المواضيع، المخطوطات تحتاج إلى مؤرخين لديهم مهارة وأكثر احساسا بالمخطوط، لأن هناك مخطوطات في علم النفس، والطب تركها السلف وبحاجة لنفض الغبار عنها “.
وتطرقت الدكتورة سعيدة لوزري في مداخلة بعنوان” رحلة المخطوطات من المغرب الى المشرق “، إلى مخطوطات علماء الجزائر التي كتبت في بجاية، ثم انتقلت الى المكتبة السليمانية بالعراق.
وأكدت أن بجاية كانت من الحواضر العلمية التي يتوافد عليها العلماء من المشرق والمغرب في القرن الـ 6 هجري. وتحدثت الدكتورة لوزري عن علماء جزائريين لهم كتب قيمة منهم بن قرقور الجزائري، وعبد الحق الإشبيلي، ونقلها تلاميذتهم إلى مختلف بقاع الدول .
بوية: المخطوطات بعين صالح معرضة للتلف وعلى الجهات المختصة التدخل
وسلط رئيس جمعية المخطوط والبحث التاريخي بعين صالح، عبد القادر بوية، الضوء على خزائن المخطوطات بعين صالح التي تتعرض للإتلاف بسبب غياب شروط الحفظ.
وناشد الجهات المختصة والباحثين التدخل في أقرب الآجال لانتشال هذه الكنوز النفيسة من الحالة الكارثية التي آلت إليها، بإعتبارها موروث ثقافي وطني يؤرخ لمرحلة ثقافية ناصعة من تاريخ الصحراء الت أسهمت في نشر الإسلام في بلاد الساحل الإفريقي بفضل جهود علمائها صناع المخطوط، أضاف رئيس جمعية المخطوط والبحث التاريخي.
وقال المتحدث:”حالة المخطوطات بعين صالح تزداد سوءا بسبب الأمطار، وحشرة الأردة، وهي في وضع حفظ غير مناسب، فهناك الآلاف من المخطوطات بحاجة إلى الإهتمام والدراسة”.
وأبرز بوية أهمية المخطوطات الحضارية لأنها دليل على الجذور التاريخية للجزائر، وأشار إلى وجود 30 خزانة مخطوط في عين صالح، متوارثة عن عائلات.
وأضاف أنه رغم الجهود البسيطة التي شرعت فيها الجمعية إلا أن عوامل المساعدة على تلف وضياع المخطوط لا تزال مستمرة، والجزائر تخسر يوميا جزء من إرثها الحضاري الضارب في عمق التاريخ.