يقدم الفنانان التشكيليان كمال بلطرش وزوجته ذات الأصول الروسية ماريا إلتسوفا، في معرض ثنائي لهما برواق مؤسسة أحمد ورابح عسلة بالعاصمة، أكثر من ثلاثين لوحة فنية تبحر في عالم المرأة، بكل ما تحمله من دلالات ورموز تشع بالأنوثة والأصالة والجمال.
يعرض كمال بلطرش 17 لوحة زيتية على القماش في الفن التشخيصي والانطباعي سلط من خلالها الضوء على جمال وثقافة المرأة الجزائرية من مختلف الولايات، إذ يقول أن “المرأة هي الحياة”، مضيفا أن استعماله المتنوع للألوان “اختيار شخصي، فهو يمنح رسوماته الحياة من خلالها”، قائلا أن “الألوان جميلة وتبعث على الفرح والبهجة”.
ولم يمنح الفنان عناوين للوحاته حتى “يقدم للزوار فسحة للتأمل، والترحال في رحابها”، غير أنه تبرز منها ثلاثية جميلة ومعبرة تتعلق بموضوع الحلم، تبدو للمشاهد كعمل تجريدي يتحدث عن مراحل الإنسان في أحلامه، يقول الفنان أن حاز من خلالها على جائزين بتظاهرة فنية بلندن ببريطانيا في 2021.
ويشير بلطرش، وهو سينوغرافي سابق بالتلفزيون الجزائري، إلى أن لوحاته المعروضة مستمدة من رسومات تحضيرية كان قد أنجزها سابقا بالأكواريل ك “ستوري بورد” أثناء عمله كسينوغراف مع المخرج الراحل عزالدين مدور خلال تحضيره لفيلمه “جبل باية”.
ورسومات “ستوري بورد” عبارة عن رسومات تمثيلية لمختلف لقطات الأفلام وخصوصا التاريخية منها، حيث توضح الأجواء الاجتماعية والثقافية والمضامين التاريخية الأصيلة بهذه الأعمال مع مراعاة التسلسل الزمني لأحداثها وبيئتها وشخوصها.
وأوضح الفنان أن رسوماته تلك استغرق العمل عليها سنوات من البحث الحثيث في مكونات وخصائص المواقع التي تم التصوير فيها وأيضا في عناصر اللباس التقليدي والحلي والعمران وغيرها من الطقوس والرموز التي أثثت يوميات شخوص ذلك الفيلم.
ودرس بلطرش التشكيل بـ “أكاديمية الفنون التشكيلية سوريكوف” بالعاصمة الروسية موسكو وقد شارك في العديد من المعارض الفردية والجماعية بالجزائر وأيضا بروسيا وتركيا وبريطانيا.
من جهتها، تقدم ماريا إلتسوفا 17 لوحة زيتية على القماش بدون عناوين وفي تيارات فنية مختلفة، تتمحور في أغلبها حول المرأة الجزائرية وجمال التضاريس والمدن الجزائرية كقصبة الجزائر وواجهة المدينة البحرية وقصور غرداية ونساء عاصميات بلباس الحايك، وهذا في إطار فني ورمزي بديع.
غير أن أكثر ما يميز أعمالها هو مجموعة لوحات قديمة وجديدة تضم بورتريهات للمرأة التارقية وللرجل التارقي، مسلطة الضوء من خلالها على اللباس والعادات والتقاليد والثقافة التارقية، بعضها حائز على “الجائزة الكبرى” بالتظاهرة الفنية سالفة الذكر التي أقيمت بلندن.
تعبر إلتسوفا، التي تعيش بالعاصمة منذ ثلاثين عاما، من خلال إبداعاتها عن المرأة التارقية وحضورها “البارز” في مجتمعها فهي تقول أن الصحراء الجزائرية في أقصى الجنوب قد “أبهرتها”، وأنها “معجبة كثيرا بالمرأة التارقية ونمط حياتها ودورها الكبير في مجتمعها ..”.
وشددت المتحدثة على أن “الثقافة التارقية جميلة وأصيلة، إذ بقيت محافظة على نفسها وخصوصياتها من قديم الزمان بفضل المرأة التارقية الحامل الأكبر لها”، معتبرة أنها “لم تختلط بالثقافات الأخرى، ولم تتأثر بتيار العولمة ..”.
وعبرت الفنانة عن “احترامهما الكبير” لـ “الثقافة والموسيقى والفن التارقي”، لافتة إلى أن المجتمع التارقي “يتميز بأن للمرأة فيه مكانة كبيرة، فهي تربي وتحافظ على البيت وتنقل حكايا الأجداد وتعزف على الإمزاد وتحافظ بهذا على الثقافة وهذا أمر هام جدا”.
ودرست إلتسوفا الفنون التشكيلية ب “أكاديمية سوريكوف” بموسكو، رفقة زوجها، وقد “أحبت جدا هذا الفن” الذي “ساعدها كثيرا في حياتها”، كما تقول، مضيفة أنه سبق لها وأن قدمت أعمالها في عدة معارض بالجزائر وخارجها.
ويستمر المعرض إلى 26 ديسمبر المقبل، وبإمكان عشاق الفن التشكيلي زيارته للتعرف على هذه الإبداعات واقتنائها أيضا.