لم تصدق زميلتنا الصحفية فريال، أن الكاتب في بلادنا لا ينال شيئا من الكتابة (عدا وجع الراس)، فقد كانت تعتقد أن جماعة الكُتاب يعيشون في بحبوحة، وأن الأموال تتدفّق عليهم من كلّ حدب صوب، فلما علمت بوضع المشتغلين بالكتابة الأدبية والنقدية، وحتى الكتابة العلمية، طرحت سؤالا غاية في الأهمية: لماذا يكتبون إذن؟!
والحق أن سؤال الزميلة أيقظ في نفس كاتب السطور إحساسا غير مألوف.. صحّ.. لماذا يشتغل الكتّاب بالكتابة، ويحرصون عليها، ويقتلون أنفسهم لأجلها، ثم لا ينالون حقا ولا باطلا، بل لا ينالون قارئا يداعب كلماتهم، ولا ناقدا يقوّم مناهجهم.. لعلهم ينالون بعض الفرح، حين يجاملهم هذا أو ذاك، ويقول: اشتريت كتابك الفلاني؟..
والحق كذلك، أن هناك بعض الكتب تحقّق الرّواج في السوق، ولكن أصحابها ليسوا كتابا حقيقيين، وإنما هم ممن يعرفون أساليب التحايل على الكتابة، فيعدّون ما يسمى (الشبيه بالكتاب المدرسي)، وهذا له رواجه، غير أن الكتاب الأكثر رواجا على الإطلاق، يبقى كتاب (العفاريت والسحر وما شابه)، وكان معرض الجزائر الدولي للكتاب قد حقق رقما مهولا في مبيعات هذا النوع، بلغ خمسين ألف نسخة في أسبوع، وقيل وقتها إن الناشر اضطر إلى طبعات متتالية.. وفي كل حال، فإن صاحب الكتاب الشبيه، وصاحب كتاب التعاويذ، ليسوا من الكتاب في شيء، ولكنهم مع ذلك يعاكسون طبيعة الأشياء، ويعيشون بـ(الكتابة) في واقع لا يعترف للكتابة بأنها يمكن أن تكون مهنة مثل بقية المهن المنتجة..
لماذا يكتب الكتّاب عندنا؟! وما الذي يشجعهم على مواصلة الكتابة؟!
سؤال زميلتنا جعلنا نوقن بأمر واحد.. الكاتب الجزائري وحده يعمل لوجه الله، إلى أن يتوفاه الموت، فتأتي البرقية المعزيّة.. ترك تراثا زاخرا.. ولا تكمل البرقية.. لم يقرأه أحد..