بين التزامات سيادية وتحديات عالية، أظهر أسود الدّرك الوطني احترافية عالية في التعامل مع كل التحديات التي تواجهها حدودنا المستهدفة، وتمكنوا من فرض الأمن والأمان عبر أنحاء الوطن، وكان من حسن حظ “الشعب” أن يتاح لها متابعة عمليات أصحاب البزة الخضراء في أقصى الجنوب الشرقي الجزائري، فوجدتهم يذودون عن الحدود الوطنية، ويحمون المنشآت النفطية والآبار البترولية، من أيّ محاولة إجرامية تستهدف الاقتصاد الوطني، والمساس بأمن الجزائر واستقرارها.
ولقد رفعت الأجهزة الأمنية، على غرار سلك الدرك الوطني، أحد قوات الجيش الوطني الشعبي الضاربة في عمق الصحراء، والمرابط على الثغور.. قلنا.. رفعت من مستوى التأهب والاستعداد لحماية الآبار البترولية والأحواض النفطية، سهرا على محاصرة المهربين، وإحباط كل عمليات الترويج للمخدرات والأقراص المهلوسة القادمة، ليكون الدّرك الوطني عينا ساهرة لا تنام، ودرعا واقيا من أيّ محاولة للنيل من الوطن.
هي حقيقة لمسناها في ولايتي ورقلة ووادي سوف.. تجهزنا لمهمة العمل كما تعودنا دائما، لكن وبمجرد نزولنا بـ«وراجن”، أحسسنا بأنها مهمّة مختلفة، فقد بدا لنا غير عادية بالنظر الى ما وقفنا عليه من جاهزية لمحناها في أسود قوات الدرك الوطني، المجندين لحماية آبار البترول والغاز بحاسي مسعود القطب الصناعي الجزائري، وحاضنة أهم المنشآت النفطية.
ورڤلـــة.. في حماية المرابطين على الثغور
حينها، أيقنّا أن الاقتصاد الوطني إنما تحفظه سواعد الرجال، فهم ركيزته على المستوى الأمني، وأعدوا له استراتيجية محكمة يسهر على تنفيذها رجال بواسل يؤدون واجبهم على أكمل وجه، ويحافظون على أمنه.. رجال يعملون في الظل، بعيدا عن الأضواء من أجل جزائر جديدة ترتقي باقتصادها المتسارع النمو، ويوفرون له الأمن والاستقرار الضروريين لتقوية دعائمه.. وجدنا رجالا لا يلهيهم شيء عن الوطن، واليوم، تنقل لكم “الشعب” لحظة بلحظة تفاصيل “مهمة لأجل الوطن”، تحمّل مسؤوليتها رجال صدقوا الله على ما عاهدوا عليه.
حاسي مسعود.. خط النار
مناطق حدودية حساسة.. استغلها المهربون لتنفيذ عملياتهم الإجرامية، وتمرير سموم تهدد مجتمعا بأكمله، غير أن يقظة أسود الدرك الوطني، تبقى جدارا صلبا يحول دونهم ودون تجسيد مخططات لا ترمي إلا إلى ضرب الاقتصاد الوطني في العمق.. يقظة رجال الدرك الوطني، وحضورهم الدائم، خنق عمليات التهريب بفضل الاستراتيجية الأمنية المبنية على محاور ثلاث، وتتركز على الانتشار الواسع للقوات، الاستطلاع الجوي والعمل الاستعلاماتي، وهي المحاور التي منحت رجال الدرك الوطني الأفضلية على الدّوام، وتضع تحت أيديهم كل من تسوّل له نفسه المساس بأمن ووحدة الوطن.
رجال مدعمون بأحدث التقنيات لحماية الأحواض البترولية بمدينة ورقلة، رئة الجزائر الاقتصادية، أو كما يفضل كثيرون وصفها بـ«القلب النابض للوطن”، كيف لا؟، وهي تحتضن أهم الأحواض البترولية في العالم، وتعرف تواجدا مكثفا للشركات والمؤسسات التي تنشط في مجال التنقيب والخدمات.
معطيات اقتصادية مهمة، جعلت أعين المتربصين بها كثيرة، ما دفع برجال الدرك الوطني إلى مضاعفة جهودهم، واتّخذت قيادة الدرك الوطني، وفقا لتعليمات قائد السلاح، العميد على ولحاج.. تعليمات صارمة يسهر على تنفيذها بالمنطقة، العقيد رضا قبايلي، قائد الناحية الجهوية الرابعة بورقلة..
هي إجراءات على أعلى مستوى، تعتمد قيادة الدرك الوطني في تنفيذها على أرض الواقع، على رجال بواسل مدعمين بأحدث التقنيات العصرية لمجابهة كل من يتربص بالوطن في أقصى الجنوب الشرقي للجزائر، تحت تسمية الـ“BSI“ وتعني فرق الأمن والتحري، أو ما يعرف لدى الجزائريين بـ«الصاعقة أو “النينجا”، وهم كومندوس مختص في مكافحة الإجرام المنظم والخطير، يعملون جنبا الى جنب مع مختلف الفصائل الأخرى، فهو عمل جماعي متكامل يصبو إلى تحقيق معادلة أمنية وفق مخططات محكمة، تتغير بتغير تحركات المجرمين.
العقيد بن زهيرة.. عين لا تنام..
قائد المجموعة الإقليمية للدرك الوطني، العقيد هشام بن زهيرة، وخلال لقاء مقتضب جمعه مع الوفد الإعلامي المرافق لممثل قيادة الدرك المقدم بزيو عبد القادر، قال إن مهام الدرك الوطني بالولاية “تطبعها الخصوصية”، فبالإضافة إلى مهامها العادية في تأمين المواطن والممتلكات، نجد أفرادها يلعبون دورا رياديا في تأمين المنشآت ومختلف المؤسسات ذات الطابع الاقتصادي، على غرار مؤسسة سوناطراك، من مختلف عمليات السرقة والاعتداءات.
عمليات نوعية على أعلى مستوى تتم بالتنسيق مع مختلف الشركاء الأمنيين، على رأسهم الجيش الوطني الشعبي حامي الوطن، المتواجد في العمق من أجل المحافظة على هذه المنشآت والمجمعات البترولية بمختلف منشآتها، فهذه تبقى محل ترصد كثير من الشبكات الإجرامية تحاول جاهدة تنفيذ عمليات سرقة، على غرار سرقة النحاس، فقد تحدث العقيد بن زهيرة عن محاولة لسرقة 2 طن من هذا المعدن، في آخر محاولات العصابات الناشطة بالمنطقة، فضلا عن محاولات سرقة سيارات رباعية الدفع، تابعة لمؤسسة سوناطراك، تم استرجاعها بفضل فطنة ويقظة رجال الدرك الوطني.. عمليات تخطط لها الشبكات الإجرامية بدقّة، إلا أن يقظة مصالح الدرك الوطني تكبحها وتوقفها وتردعها بقوة تجعل كل من يفكر في المساس بالمنشآت النفطية، يحسب ألف مرة قبل المغامرة.
الدرك الوطني.. عين الوطن السّاهرة..
هي إذن محاولات تشنها عصابات إجرامية تتحين الفرص لتحقيق مآربها ومخططاتها، لكن سلاح الدرك الوطني يتصدى لكل محاولة تخريب الاقتصاد الوطني أو العبث بأمن واستقرار الجزائر، فالدرك الوطني أعلنها حربا ضروسا على كل من يظن نفسه قادرا على تجاوز الدرع الحامي لحدودنا وصحرائنا واقتصادنا؛ فهذا أمر عصيّ على كل المجرمين، لأن البواسل في صفوف الدّرك الوطني يشتغلون على دراسة التفاصيل الدقيقة لخطة عمل مضبوطة، تسمح بالتحرك في الوقت المناسب، وضرب الأهداف بدقة، ولأن الناحية الجهوية الرابعة تتوسط عدة دول، هي النيجر، تونس وليبيا، وتحت قيادة قائد المجموعة الإقليمية “ورقلة”، رسم قائدها العقيد رضا قبايلي، خطة أمنية محكمة تعتمد على العمل الاستعلاماتي، وتكثيف الدوريات المتنقلة والاستطلاع الجوي، لتضييق الخناق على الشبكات الإجرامية.. وهي إستراتيجية مكنت من تسجيل انخفاض ملحوظ في عدد السرقات التي تستهدف المنشآت المحورية في هذه المنطقة.
الناحية الجهوية الرابعة تعزّز تواجدها بالثغور الصحراوية
غادرنا ولاية ورقلة باتجاه ولاية وادي سوف، لنعيش مغامرة أمنية من نوع آخر، هذه المرة مع عمليات مطاردة مهربي “البرغابرين”، في أكبر عملية مداهمة، عشنا في أثنائها حربا ضروسا انتهجتها القيادة الجهوية الرابعة “ورقلة”، عبر المجموعة الإقليمية للوادي، واحدة من المجموعات لولايات الجنوب الشرقي للجزائر التي تسهر على وقف تدفق الأقراص المهلوسة القادمة من أقصى جنوب الوطن إلى شماله.
وادي سوف الولاية الحدودية.. تبدو ممرّا سهلاً لباروانات تهريب المخدرات لكن قوات الدرك الوطني جعلت منها حصنا لا يمكن اختراقه، لأن المجرمين يجدون العقيد عبابسة ميلود وعناصره المدربة على اختراق العصابات الإجرامية وتفكيك الشبكات، فيقعون صيدا سهلا في يد القانون..
فرق الدّرك الوطني شكلت سدا منيعا عصيّا عن كل اختراق، عبر كل النقاط الحدودية، ومنافذ الولاية، كانت “الشعب” تتابع العمليات بمثلت الإجرام: الرقيبة، رباح والدبيلة، واكتشفنا عالما مثيرا، محفوفا بالمخاطر، يديرها بارونات وشبكات ترغب في ضرب استقرار الجزائر، ببث السموم.. عصابات تعتمد في عملياتها التهريبية على اكتمال القمر، ليصبح بدرا حتى يتمكنوا من السير وسط الصحراء دون استعمال أضواء السيارات، فيصعب تحديدهم من قبل رجال الدرك.
خطط إجرامية تتغير في كل مرة، غير أن ذلك لم يمنع رجال الدرك الوطني من إحكام القبضة عليهم بفضل العمل الاستعلامي الدّقيق، والاستباق الذي يجهض كل مخططات المجرمين.
العقيد عبابسة.. يقظة وجاهزية
يقال رب صدفة خير من ألف ميعاد، ولقد صادف تواجدنا بولاية الوادي، تنفيذ أكبر وأخطر عملية مداهمة كانت المجموعة الإقليمية لوادي سوف بصدد التحضير لها منذ أيام، بعد عمليات متابعة وترصد، بناء على معلومات مؤكدة تفيد بتحرك شبكات لتهريب المهلوسات والمواد الصيدلانية بكل من منطقة رباح، رقيبة و«الجديدة” بالدبيلة.
كانت الساعة تشير الى تمام الثالثة والنصف صباحا، عندما التحقنا بمقر الكتيبة الإقليمية لدبيلة التي كانت تجمع في بهوها ما يقارب 500 دركي من مختلف الرتب والفصائل.. كانوا كلهم على أتم التأهب والاستعداد لتنفيذ مداهمات في غاية السرية والدقة.. فرق وجدناها تتجهز لشن عمليات مفاجئة واسعة النطاق على مستوى الإقليم، وبالضبط، بمناطق حساسة طالما عرفت بالجريمة، ولم يكن أبناء الدرك الوطني منشغلين سوى بنجاح مهمتهم.
العمل الاستعلاماتي مفتاح تفكيك الشبكـات الإجراميـة بالـوادي
عملية نوعية تحت إشراف قائد المجموعة الإقليمية العقيد ميلود عبابسة الذي كان متواجدا بعين المكان، وتابع كل كبيرة وصغيرة في العملية التي قدم فيها تعليمات لعناصره مفادها الحرص على تنفيذ المداهمة بكل احترافية وانضباط وصرامة خاصة عند تفتيش منازل الأشخاص المشتبه فيهم، إذ يحتمل أن يكون لديهم أسلحة، وقد يكون ردّهم عنيفا، ولقد أبدى العقيد عبابسة حرصه التام على سلامة عناصره، بعد أن طالبهم بالحذر والحيطة، مؤكدا في الوقت ذاته بضرورة احترام ما تمليه قوانين الجمهورية.
مداهمة بارونات بالبريغابالين بـ«الجديدة” و«الرقيبة”
وبمجرد إطلاق صفارة الإنذار، انطلقنا رفقة قوات الدرك المجندة لتنفيذ العملية الى المناطق المستهدفة، كانت الفرقة الأولى تحت قيادة الرائد عبد القادر حجاجي، قائد الكتيبة الإقليمية رباح، أما الفرقة الثانية فكان يقودها الرائد محمد عباسي، قائد كتيبة درك دبيلة، بينما كانت الفرقة الثالثة بقيادة الرائد موساوي قائد كتيبة درك رقيبة.
سرعة وخفة في التحرك.. فهي مجرد دقائق مكنت العناصر المجندة لتنفيذ العملية في تطويق جميع مداخل المنطقة ومخارجها، لإحباط أية محاولة فرار، باعتماد خطوة الانتشار الواسع لرجال الدرك الوطني في جميع الزوايا، من خلال إنزال مفاجئ لم يعط الفرصة للمجرمين كي يحذروا أتباعهم، فالخطة كانت مدروسة ومحكمة، تم تنفيذها خلال وقت مبكر من الصباح..
”كرينة” كلبة مدربة على شمّ المخدرات
واقتحم رجال الدرك منازل المشبوهين أصحاب السوابق العدلية، وتمت عملية تفتيش المنازل بتواجد “كرينة” ذات العشر سنوات، وهي كلبة مدربة على اكتشاف كل ماله علاقة بالمخدرات واكتشاف الأماكن التي يتم تخبئة الممنوعات فيها.
«كرينة” التي تنتمي الى فرق السينتوقينة كان لها دور في العملية، فبمجرد الدخول بها الى المنزل تبدأ في عملية الترصد والشم، لتباشر بالحفر والخبش في عدة زوايا، في إشارة منها الى تواجد مواد مهلوسة، ليقوم رجل الدرك مباشرة بالبحث، مثلما حدث في أول منزل تمت مداهمته حيث تم العثور داخل الزواية التي أشارت إليها كرينة على 10 آلاف قرص مهلوس مخبأة بإحكام داخل الغرفة.
تواصل كرينة مهمتها داخل سيارة من نوع “أكسنت”، قفزت إلى داخلها وبدأت بالنباح وتخبيش مقعد السائق، ثم توجهت إلى عجلات السيارة وهي تعاود عملية الخبش.. وكما كان متوقعا، فقد كانت “الأكسنت” معبأة بمواد من المخدرات داخل العجلة التي كانت مخبأة بكل إحكام.
ولم ينته عمل كرينة عند هذا الحد، بل واصلت عمليات الاكتشاف، وتم العثور على مواد صيدلانية مهربة داخل علبة كبيرة تحوي على معجون التمر، حيث كانت مخبأة بكل دقة، غير أن فطنة وخبرة كرينة ساعد في اكتشافها.
منزل ثان تم اقتحامه من قبل الدرك الوطني، بأمر من وكيل الجمهورية للمنطقة، حيث تمكن رجال الدرك وبعد عمليات البحث في كل الجهات من قبض مواد ممنوعة ومبالغ كبيرة من النقود لمختلف العملة كانت مخبأة بإحكام أسفل الثلاجة.
ولعل ما لفت انتباهنا، هو ما يقدم عليه المجرمون من الممارسات اللاأخلاقية، حيث يقومون بتجنيد مراهقين من القصر من أجل تنبيههم في حالة رؤية مركبات أو دوريات للدرك الوطني كما يقومون برشق الحجارة في خطوة منهم للتشويش وفسح المجال أمام المهربين للهرب.
تواصلت عمليات المداهمة على مختلف المنازل المشتبه فيها على مدى ساعتين من الزمن، عبر مختلف الأحياء المذكورة، حيث تم توقيف كل المشتبه فيهم، ليأمر بعد ذلك قائد المجموعة الإقليمية للدرك الوطني بالوادي ميلود عبابسة، بالعودة الى مقر الكتيبة بالمشتبه فيهم المقبوض عليهم، والمواد المحجوزة.
..هي واحدة من بين العمليات التي تسهر على تنفيذها المجموعة الإقليمية للدرك الوطني بالوادي، تتم عبر تخطيط محكم، ويستعمل فيها رجال الدرك فيها خبراتهم وحنكتهم في العمل من أجل إحكام القبضة على المجرمين، فرجال الدرك الوطني عقدوا العزم على الإطاحة بكل من تسول له نفسه المساس ولو بشبر من هذا الوطن.. كيف لا وهم من يحملون أرواحهم على كفوفهم من أجل أن تحيا الجزائر في أمن وأمان.
نجحت مصالح الدرك في الفترة الأخيرة، في تفكيك كثير من الشبكات الخطيرة المختصة في تهريب وترويج الكيف المعالج والمواد الصيدلانية في المحيط الحضري، في ظرف قياسي، وملاحقة عناصرها بين الولايات..
شبكات تهريب في قبضة رجال الدرك..
أسفرت هذه المداهمة النوعية التي وقفت “الشعب” على تفاصيلها على توقيف 9 أشخاص من بينهم 2 من عنصر نسوي، معظمهم محل أوامر عدلية، تم على إثرها حجز 250 من مادة صلبة من نوع الكيف المعالج وحجز 887 قرص مهلوس من نوع بريغابالين 300 ملغ مع حجز سيارة سياحية من نوع هيونداي أكسنت وحجز مبلغ مالي يقدر بـ 222260 و4770 دينار من العملة تونسية بالإضافة الى 725 أورو وبعد استفتاء جميع الإجراءات القانونية اللازمة سيتم تقديم المشتبه فيهم أمام الجهات القضائية المختصة.
جدير بالذكر أن مصالح الدرك الوطني بولاية الوادي سجلت خلال الـ10 أشهر من السنة الجارية حجز 1666867 قرص مهلوس تم على إثره توقيف196 شخص أودع منهم 165 الحبس المؤقت، وهي أرقام عرفت تزايدا مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي بـ22.37 بالمائة في عدد القضايا المعالجة و15.81 بالمائة في عدد الموقفين و41.12 بالمائة في عدد الأقراص المحجوزة، ترجمت إرادة المجموعة الإقليمية لولاية الوادي في التصدي لهذه العصابات الإجرامية.
وتعد هذه العملية النوعية التي كللت بالنجاح عينة بسيطة من مجموعة من العمليات الأمنية التي تسهر على تنفيذها قيادة الدرك الوطني عبر قواتها الموزعة في القطر الوطني لتجفيف منابع الاجرام وحماية المواطن وممتلكاته من أي تهديد كان، حيث تبقى تشن حربا على المهربين ومروجي المخدرات رغم صعوبة المهمة التي تعترض أفراد الدرك في صحراء الجزائر الشاسعة أثناء مطاردتهم للمهربين التي تسمح لهم بالإفلات على غرار قساوة المناخ وصعوبة التنقل في الكثبان الرملية.
في رحاب مدينة الألف قُبة وقُبة..
لا تقتصر مهام أفراد الدرك الوطني الناشطين على مستوى ولاية وادي سوف، مدينة الألف قبة وقبة، على قمع المجرمين والمهربين، بل مهامهم هنا يضاف إليها حماية الجانب السياحي، وهو ما وقفت “الشعب” عليه في جولة عبر صحرائها الشاسعة التي تعرف إقبالا كبيرا للسياح نظير ما تقدمه من اهتمام وحفاوة استقبال وخدمات مرفقية مميزة، فالزائر الى وادي سوف حتما يلهمه جمال الرمال الذهبية وروعة الطبيعة، والخروج إلى عمق الصحراء يجعل الرحلة متعة..
ولعل التنقل عبر الصحراء الشاسعة والتمتع بمناظرها، يكون خطيرا نوعا ما، خاصة مع إمكانية فقدان معالم طريق العودة، غير أن حرص رجال الدرك الوطني على مرافقة السياح وتأمين عودتهم، ذوب المخاطر، وأسهم في الترويج لعراقة وأصالة هذه المدينة السياحية.
تسهر فرق الدرك الوطني على مساعدة السياح في تجاوز المناطق الرملية، وتذليل المخاطر التي قد تنجم عند عبورها بالسيارات رباعية الدفع، مع طول المسافات بين نقاط الوصول والعودة، حيث نجدها في وضعيات تأهب مستمرة للحيلولة دون وقوع أي ضرر يمس بالسياح.
ويمنح دور المرافقة الأمنية الذي يوفره الدرك الوطني بالمسالك الصحراوية بالوادي، شعورا بالأمان والراحة لدى الزّائرين القادمين من ولايات الوطن وخارجه، ويدفع نحو استقطاب أكبر عدد منهم في أشهر الشتاء والربيع القادمين، باعتبارهما يمثلان أهم فترات نشاط السياحة الصحراوية.
في هذا الإطار، أكد المساعد عبد الرحمان عمار، قائد الفرقة الإقليمية للدرك الوطني بالنخلة، أن الوحدات العملياتية للدرك الوطني تعمل على التواجد الميداني ليلا ونهارا لتأمين السياح الوافدين الى منطقة سواء كانوا جزائريين أو أجانب، وذلك لضمان تأمين ممتلكاتهم وجميع تنقلاتهم في الصحراء وخاصة المناطق المقصودة بكثرة بالولاية.
ويعتبر الأمن السّياحي من عوامل الاستقطاب والجذب السياحي، وهو ما تصبو إليه مصالح القطاع بالوادي، بتنسيق الجهود مع مصالح الدرك الوطني في إقليم الاختصاص وخارج النطاق الحضري من أجل توفير مناخ ملائم للزوّار وهوّاة الطبيعة الصحراوية.
وترافق مصالح الدرك الوطني القطاع السياحي، وتتأهب بشكل متواصل لضمان جودته وتشجيع السياح على التنقل إلى الولاية وزيارة المناطق السياحية المتواجدة ضمن مسالك رملية وعرة ببلديتي النخلة ودوار الماء، التي تشهد إقبالا وتوافدا على مدار الأيام لاستكشاف الطبيعة الصحراوية الخلابة والاستمتاع بالكثبان والموروثات التقليدية.
لنشد بعدها رحال العودة الى الديار بعد خمس أيام من الاستكشاف والاستطلاع في صحراء البلاد الشاسعة، كنا فيها في رحاب قيادة الدرك الوطني، مرفقين بزملاء مهنة المتاعب، لعب مايسترو الطريق، سائق الحافلة، دورا رياديا في إنجاحها، هذا الأخير الذي تحمل مصاعب طريق من شمال البلاد الى أقصى جنوبها الشرقي، لمدة خمس أيام لم يكون له فيه الكثير من أوقات الراحة، حيث حرص على أمننا وسلامتنا رغم مشقة وطول السير، كيف لا وهو أحد رجال السلاح الأخضر، رجال لا تنام أعينهم في سبيل ضمان أمن المواطن والوطن.