ازدهرت، في الفترة الأخيرة، الأعمال الفنية الموجّهة للأطفال، واستعادت ألقها، من خلال عدد من العروض استقطبت اهتمام الناشئة، ومنحتهم الفرصة كي يتخلصوا من شاشات (الهواتف) التي صارت (هاجسا) يتتبع نشاطهم اليومي، بما يوفّره لهم من مغريات تلهيهم عمّا يحيط بهم.
ولسنا ننكر على الأدوات التكنولوجية الحديثة فوائدها، ولكن طبيعة الأشياء تمنح ما يتجاوز حدّه أسباب الانقلاب إلى الضدّ، فإذا ما نتوقع أنّه مفيد لـ»الطفل»، ويوفر له حاجياته التثقيفية والترفيهية، يتحوّل إلى نكبة تصيبه، وطامة تتنزّل به.
الأطفال يحتاجون الجري وراء الفراشات، وقطف الأزاهير، والألعاب الجماعية، والتعامل مع المحيط، بقدر حاجتهم إلى الطعام واللباس، وابتعادهم عن كل هذا، بالانهماك على الشاشة وحدها، قد يصيبهم بما لا يمكن تقديره؛ ولهذا، تقتضي التنشئة الحسنة مراقبة أدقّ التفاصيل في حياة الطفل، والحرص على تجنيبه ما يمكن أن يضرّ به، ويلقي به إلى أهوال لا يعلم مداها إلا الله.
لقد أحسنت المؤسسات الثقافية، بتخصيص عروض فنية للأطفال، غير أن الجهد المشكور، يبقى في حاجة إلى دعم الأولياء، خاصة وأن العروض – مهما كانت – لا يمكنها استيعاب جميع الأطفال، ما يعني أن الجهد يجب أن يكون جماعيا، وأن الواجب يقتضي أن يتحمّل كل وليّ مسؤولية أبنائه، من خلال التوجيه والمتابعة، حتى لا تصبح شاشة الهاتف وحدها معيارا لـ»حسن التربية»، فهذا «الحسن» لا يتحقق بالضرورة حين يقبع الطفل في زاوية، ويغرق فيما تلقي به إليه أنترنيت..
طفل اليوم، هورجل الغد.. هذا يتفق عليه الجميع، لكن كثيرين ينسونه ساعة مواجهة المسؤولية، فلا يجدون غير (الشاشة) يتخلصون بها من «مشاكسات» الأطفال، مع أن مشاكساتهم قد تكون أجمل ما يقدمون..