قدم الفيلم الروائي الطويل الجزائري “إخواننا” لرشيد بوشارب في عرضه الشرفي الأول بالجزائر، سهرة أمس الجمعة بالجزائر العاصمة.
الفيلم عمل درامي يتناول مسألة العنصرية والتمييز في فرنسا ضد أبناء المهاجرين المنحدرين من أصول جزائرية ومغاربية.
ويتطرق هذا العمل، المنتج في 2020 والمقتبس عن أحداث حقيقية، لقصة الجزائريين مليك أوسكين وعبدال بن يحي، اللذين قتلا بوحشية إبان تظاهرة للطلبة الفرنسيين بالعاصمة الفرنسية باريس في 1986، حيث خلف مقتلهما غضبا عارما في المجتمع الفرنسي ولدى الجالية الجزائرية والمغاربية هناك.
يدور الفيلم أساسا حول جريمة قتل الطالب مليك أوسكين (22 عاما) فهي الأكثر حضورا، إذ أنهت الشرطة الفرنسية حياته في السادس ديسمبر أثناء قمعها لتظاهرة طلابية ضد مقترح قانون حكومي لإصلاح يمس الجامعة، وقد تعرض خلالها للضرب والرفس الوحشيين ليلقى حتفه حتى قبل وصوله المستشفى، في حين أن عبدال بن يحي (20 عاما) قد قتل بدوره من طرف قائد شرطة “مخمور”.
ويبرز الفيلم كيف أن السلطات الفرنسية عملت على تقزيم مقتل الشابين وعدم إدانة السلوك الهمجي للشرطة لولا التحرك الكبير للجمعيات ومحاميي الضحيتين الذي أضطرها للتدخل من أجل تهدئة الوضع إضافة إلى إلغائها لمقترح قانون الإصلاح الجامعي، وعلى الرغم من إدانة شرطيان في هذه القضية إلا أن عقوبتهما “لم تكن عادلة”، حسب ما جاء في العمل.
وكتب سيناريوهذا الفيلم، ومدته 92 دقيقة، كل من المخرج والروائية الجزائرية كوثر عظيمي، وهو من بطولة رضا كاتب (محمد) ولينا خودري (سارة) في دور أخوي مليك، وسمير قاسمي في دور والد عبدال، ورافاييل بيرسوماز في دور مفتش الشرطة “دانيال ماتي”، و”آدم عمارة” في دور مليك أوسكين، وفنانين آخرين.
واعتمد بوشارب في عمله على تكثيف الأرشيف من خلال استعمال أشرطة قديمة توثق لتلك الجريمة عبرت بعضها عن تدخلات كبار السياسيين الفرنسيين آنذاك على غرار الرئيس فرانسوا ميتران والوزير الأول جاك شيراك، والمظاهرات التي اجتاحت باريس تنديدا بهاتين الجريمتين وتخليدا لذكراهما في ظل تصاعد الغضب لدى أفراد الجالية الجزائرية والمغاربية في فرنسا.
وقدم هذا العمل في عرضه الشرفي الأول بمهرجان كان السينمائي الدولي بفرنسا في 2022، وقد اختير مؤخرا لتمثيل الجزائر في مسابقة الأوسكار 2023.
وقال بوشارب، الذي حضر العرض رفقة عدد من ممثلي العمل، أن فيلمه “يجمع بين الخيال والأرشيف، كما يسلط الضوء على الخطاب السياسي الفرنسي لذلك الوقت”، مضيفا أنه “ثالث عمل روائي طويل له يتناول موضوع العلاقات بين الجزائر وفرنسا بعد “الأنديجان” (2006) و”خارجون عن القانون” (2010)”.
رشيد بوشارب، من مواليد باريس في 1953، هومخرج ومنتج فرانكو-جزائري، بدأ حياته المهنية كمساعد مخرج بالتلفزيون الفرنسي من 1977 إلى 1984 أنجز خلالها عدة أفلام قصيرة، قبل أن ينتج أول فيلم روائي طويل له في 1985 بعنوان “العصا الحمراء” ليقدم بعدها أعمالا أخرى على غرار “السنغال الصغيرة” (2001) و”غبار الحياة” (1995).
وعمل بوشارب أيضا على الانفتاح على السينما العالمية فانتقل إلى هوليود بالولايات المتحدة الأمريكية فأنجز “لندن ريفر” (2009) وكذا “طريق العدو” (2014) الذي شارك في أدائه الممثل الأمريكي فورست وايتكر، وقد تعاون في كتابة سيناريوهات بعض أفلامه مع عدد من الكتاب الجزائريين على غرار عظيمي وياسمينة خضرا.
وقدم فيلم “إخواننا” في إطار الطبعة الـ11 لمهرجان الجزائر الدولي للسينما المخصص للفيلم الملتزم (فيكا) التي تختتم فعالياتها مساء اليوم السبت بتوزيع الجوائز على المتوجين بهذه الطبعة.