تعد الغدة الدرقية من أهم الغدد التي تتحكم في وظائف عديدة في الجسم ففي حالة تسجيل خلل في عملها يشعر الشخص بأعراض تمسّ عدة أعضاء من جسمه وكأن المرض عبارة عن عدة أمراض في وقت واحد.
هناك أنواع من الإصابات تخص الغدة الدرقية وتحتاج كل منها لعلاج خاص بالنظر لاختلافها، ولكن نجد من المرضى من يحاول أن يعالج مشكله الصحي باستخدام الأعشاب الصحية مثل عشبة ترغودة، وهذا ما يمكنه أن يعقد من حالته إذا لم يتم عرضها على طبيب أخصائي، لهذا يستدعي الأمر تحديد نوعية المشكل الصحي أولاً، وفي هذا السياق، يدعو الدكتور زكريا حوشين، أخصائي أمراض السكري والغدد، من خلاله حوار مع جريدة «الشعب» إلى الاستعانة برأي الطبيب قبل تناول أي علاج كان وفي حالة الاصابة بمشكل الغدة الدرقية أو غيره من الأمراض حتى يتجنب المصاب تعقيدات خطيرة لحالته الصحية.
«الشعب»: أولاً دكتور، كيف يحدث مشكل الغدة الدرقية؟
الدكتور زكريا حوشين: الغدة الدرقية غدة صماء بمعنى أنها تفرز الهرمونات في الدم فقط، وهي ليست كباقي الغدد التي تفرز سوائل يمكننا رؤيتها مثل الغدة الدمعية التي تفرز الدموع لذلك سميت الغدة الدرقية بالغدة الصماء والهدف من إفراز تلك المواد على مستوى الدم هو العمل على التنسيق بين الأعضاء ككل حتى يكون عملها منظم ويتلخص دورها في: «إذا مرض عضو واحد تداعى له كل أعضاء الجسد بالسهر والحمى»، وهذا ما يمثل دور الغدة الصماء التي تعمل على تنظيم وتنسيق عمل كل الخلايا في الجسم.
فيم يتمثل دور الغدة الدرقية في الجسم؟
تقوم الغدة الدرقية بتحفيز الأيض وتنظيم وتوزيع الطاقة في الجسم مع كل الأعضاء فإذا كان هناك إفراز زائد لهرمونات الغدة الدرقية سوف يشعر الشخص بحرارة زائدة، تعرق زائد وارتفاع عدد دقات القلب أو الإحساس بارتفاع في خفقان القلب ومن الجانب النفسي يسجل لدى المصاب قلق بصفة زائدة أو مضاعفة حيث يتكلم بكثرة وأفكاره مشتتة كما يسجل لديه أعراض أخرى مثل الإسهال مع نقص كبير في الوزن بسبب استهلاك الجسم بنسبة كبيرة للطاقة جراء تلك الأعراض.
وكما ذكرت سابقا إن دور الغدة الدرقية هو تنظيم توزيع الطاقة في كل الأعضاء فإذا كان هناك فرط نشاط سيشمل ذلك كل الأعضاء لذلك نسجل زيادة في هرمونات الغدة الدرقية والعكس صحيح عندما يكون تباطؤ النشاط في الغدة الدرقية نسجل خمول في نشاط الشخص وتباطؤ في إنتاج الطاقة في جسم الإنسان، وبالتالي كل الأعضاء السابقة الذكر ستتأثر بذلك حيث نسجل في حالة خمول الغدة تباطؤ في نبضات القلب مع سقوط الشعر ويعاني الشخص إضافة الى هذه الأعراض _على عكس حالة فرط النشاط_ من إمساك مع الإحساس بالبرد بصفة زائدة ويرافق ذلك زيادة في الوزن بصفة ظاهرة للعيان حيث لا يقوم الجسم بإخراج الماء، كما يعاني الشخص من خمول نفسي حيث يحس بأنه مثبط و (أصبح نفسيا ثقيل و»كاره حياته» دائما كما يقال بالعامية) مما يخلق لديه قابلية للاكتئاب.
ما هو أصل هذا الخلل، هل يمس عدة أعضاء في نفس الوقت؟
عندما نتكلم عن أمراض الغدة الدرقية فكأننا نربطها بعدد من الأمراض في نفس الوقت مع مرض واحد لكن الحقيقة غير ذلك، لأن أولا نتكلم عن أهم أسباب الإصابة بالغدة الدرقية الذي يعود إلى تسجيل نقص كبير في مادة اليود في الجسم نستشهد على ذلك بما حدث سابقا حيث عرف نقصا لدى مجموعة من الأفراد في بلادنا خلال وقت مضى مما أدى الى ارتفاع حالات الإصابة بتضخم حجم الغدة الدرقية المعروف باسم «الحقري»، كما أن نقصه أيضا لدى الأمهات يتسبب في حدوث بعض الحالات الخاصة بالإعاقات العقلية أو التخلف العقلي لدى بعض الأطفال، وهذا الانتشار لحالات الإصابة بمشكل الغدة الدرقية سجل في المناطق الجبلية منها منطقة القبائل، الهضاب العليا، الونشريس ويعود السبب الرئيس إلى نقص مادة اليود في التغذية، لكن بعدما تم وضع برنامج صحي وطني في فترة الثمانينات بإضافة اليود الى الملح تم معالجة هذا المشكل مما ساهم في علاج هذا الإنقاص من عدد حالات الإصابة في بلادنا.
ما هي دكتور الحالات الأخرى التي تتعلق بمرض الغدة الدرقية؟
أما حاليا نذكر من بين أهم الإصابات المتعلقة بالغدة الدرقية التي تسجل كثيرا حالات الخمول في الغدة الدرقية نجدها بصفة أكثر من حالات فرط النشاط (والتي يمكن أن يرجع سببها إلى الإصابة بأمراض مناعية (ونذكر من بينها الأكثر انتشارا هو مرض هاشيموتو الذي يمثل فرط النشاط أما مرض باسدو الذي يتصف بالخمول في نشاط الغدة عبارة عن إصابة نادرة ونجده بنسبة قليلة.
أما النوع الثالث يكون لا فرط نشاط ولا خمول هذا من جهة، إضافة إلى ذلك يمثل تواجد عُقد في الرقبة nodules، وتدعى بـ «عُقد أو كتل الغدة الدرقية» «Nodules thyroidiens»عقد الغدة الدرقية مشكلا آخر وهي عبارة عن كتل أو تورمات في الغدة، وقد تكون هناك عقدة واحدة أو عدة عقد، يمكن أن تكون صلبة أو مملوءة بسائل.
تعتبر هذه الإصابة شائعة عند عدد كبير من الناس وخصوصا النساء، معظمها حميد ولا تسبب أية مشاكل، لكن في بعض الأحيان قد تتسبب هذه العقد بمشاكل تحتاج إلى علاج وفي قليل من الأحيان تكون هذه الكتل سرطانية مما يستدعي استئصالها، كما يمكن علاج سرطان الغدة الدرقية في معظم الأحيان ولا يعتبز من السرطانات الخطيرة، كما هو الحال بالنسبة للسرطانات الأخرى ويعالج في أغلب الأحيان باليود المشع في الغالب، كما أن هناك حالات أخرى متعلقة بالتهاب الغدة الدرقية بدون تأثير على الهرمونات يمكن الشفاء منها هي أيضا.
ما رأيك دكتور في الأشخاص الذين يعتمدون على علاج مرض الغدة الدرقية عن طريق الأعشاب؟
هذه نقطة مهمة يجب الإشارة إليها وإعلام وتوعية الأشخاص حولها هناك عدد كبير من الأشخاص يقومون بتناول الأعشاب بطريقة عشوائية ظنا منهم أنها تفيدهم ولكن الأمر خطير جدا نعطي مثال بعشبة «ترغودة» التي تستعمل في علاج الغدة لاحتوائها على عنصر اليود بنسبة كبيرة لكن الخطير في الأمر أن الشخص إذا لم يقم بالكشف عند الطبيب فإنه لا يعرف إذا كانت تضره أو تنفعه ولا يمكن أن يستعملها بمجرد أنها نفعت غيره من الأشخاص، لأنه يجب أن يعرف أن مجرد استعمالها يمكن أن لا يوافق حالته الصحية التي تمثل حالة فرط نشاط الغدة الدرقية والطبيب هو الشخص الوحيد الذي يمكنه تحديد إمكانية التداوي بأي علاج سواء كان طبيعي أو كيميائي ولهذا من المهم التنبيه والتوعية لأن تخصص الغدد لا يشمل مرض واحد، بل هناك أنواع عديدة يجب مراعاتها في خطوات وكيفية اختيار العلاج.