توقف رئيس مجلس الأمة، المجاهد صالح قوجيل، في هذا الحوار الذي أدلى به لجريدة «الشعب»، أمام «التزامن الجميل بين الاحتفال بذكرى مظاهرات 11 ديسمبر، وذكرى تأسيس جريدة الشعب، عشية الذكرى الثالثة لانتخاب رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، يوم 12 ديسمبر 2019 وبدء العمل على تأسيس نهضة شاملة في كافة المجالات، منذ تاريخ تنصيبه في 19 ديسمبر 2019.
قال محدثنا إن الثلاث سنوات الماضية، كانت حافلة بالإنجازات والمكاسب والتحديات، وكذا الإصلاحات العميقة التي أثمرت جزائر اليوم، بكل هيبتها وقوتها ومواقفها الثابتة ضد الظلم والاستعمار وانتهاك حقوق الشعوب، وأوصى رئيس مجلس الأمة، صحفيي وعمال الشعب، ومن خلالهم جميع العاملين بحقل الإعلام الوطني بـ»مواصلة العمل المشرّف»، والاضطلاع بواجب حفظ الذاكرة.. المجاهد صالح قوجيل، استقبلنا بمكتبه في مجلس الأمة، فكان هذا الحوار.. إليكموه..
رئيس الجمهورية حرص على إيلاء كامل العناية وفائق الرعاية لملف الذاكرة الجماعية
«الشعب»: جريدة «الشعب» تحتفل بالذكرى الـ60 لتأسيسها في 11 ديسمبر 1962، هل هناك ذكرى تحتفظ بها عن هذا العنوان الرمز؟
المجاهد صالح قوجيل: ذكرى عظيمة لجريدة وطنية عظيمة، ارتبط اسمها بالشعب ليس اعتباطا أو شعارا، وكذلك بالنظر لرسالتها القيّمة الداعية إلى الحرية والمحافظة على هوية الجزائر..فكان تأسيسها ليتزامن والذكرى المخلّدة لمظاهرات 11 ديسمبر لتلتحم أكثر بتاريخ الحركة التحررية الوطنية، دليل ارتكازها على خدمة الشعب، فهي تحمل نفس المطالب التي خرج من أجلها في مظاهرات 11 ديسمبر، وواصلت بعد الاستقلال على نفس نهجها الداعي إلى تجسيد قيم الحرية والكرامة والسيادة والتقدم والتنمية والاستقرار.. لقد ساهمت بشرف الكلمة والقلم في كل مراحل البناء والتشييد التي أعقبت استقلال الجزائر.. جريدة الشعب إرث وطني زاخر بالأحداث والأسماء… تحتفظ ذاكرتي بالكثير من المواقف التي جمعتني مع مؤسسيها وصحفييها، وبالعديد من التظاهرات والاحتفالات الوطنية التي شهدناها معا خلال مسيرتها الحافلة بالإنجازات كمنبر إعلامي وطني حر، لا يبيع ذمة ولا يساوم على قيم ومبادئ نوفمبر، ولا يفرط في مصلحة الجزائر دولة وشعبا.
انتهز هذه المناسبة الوطنية المزدوجة لأقدم لجريدة الشعب أحر التهاني، داعياً الله العلي القدير أن يسدد خطاكم ويوفقكم في هذه المهمة النبيلة..
كيف تقيّمون كتابة تاريخ الثورة بعد أربعين سنة من إنطلاق العملية في فترة الثمانينيات، وما هو برأيكم الدور المنوط بالصحافة في هذا المجال؟
قلتُ مراراً وأكررها دون ملل في كل مناسبة.. تاريخ الجزائر يكتبه الجزائريون ولا يُملى عليهم… فهم من عايشوا الاحتلال وشهدوا مساوئه ومآسيه، وهم من قاوموا وقاموا بالثورات وأسسوا لنهج تحرري عالمي من وحي تجربتهم الفريدة.. نحن من نعرف التفاصيل الدقيقة والصورة الكاملة لتاريخنا.. لا أحد بإمكانه أن يفعل ذلك نيابة عنا ثم يكون منصفاً.. كتابة التاريخ بالنيابة ممارسة شبيهة بممارسات الاستعمار الذي يتغذى على تحوير الحقائق وتطويعها لخدمة فكره وأجندته..
على الصحفيين مواصلة العمل المشرّف والاضطلاع بواجب حفظ الذاكرة
لذلك دعوتُ إلى إنشاء لجنة وطنية لكتابة التاريخ، تكون أداة واضحة لكتابة تاريخنا عبر هيئة رسمية نثق في نزاهتها ومصداقيتها، ونزودها بالمعطيات الحقيقية مهما كانت مؤلمة، لتبقى إرثا وطنيا نحفظه للأجيال القادمة ونحمي أبناءنا من التدليس والتشكيك الذي يهدف إلى فصلهم عن جذورهم…
الصحافة لها دور مهم جدا في هذا الخصوص… رسالتكم البحث عن الحقيقة، ونشر الوقائع والاستماع إلى الأصوات الصادقة ممن صنعوا التاريخ فعلا وشاركوا في ملاحمه، وكشف الزيف الذي بدأ ينقشع بفضل وعي الشعب والتزام الصحافة الوطنية النزيهة… وقبل هذا بفضل حرص رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون على ملف الذاكرة، تجسيدا لمسؤولية الدولة تجاه الرصيد التاريخي للجزائر… لقد بُعث التاريخ الوطني في الجزائر الجديدة بشكل جذب اهتمام الشباب وفضوله، وأعاد الماضي الحقيقي لبلادنا إلى الواجهة، من أجل ضمان رؤية واضحة للمستقبل… ومن مظاهر ذلك إنشاء قناة للذاكرة.. فالإعلام كما ترون هو الجسر الذي يمر عبره التاريخ.. زد على ذلك، لقد حرص رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون على إيلاء كامل العناية وفائق الرعاية لملف الذاكرة الجماعية، بدءاً بتكريس الثامن من ماي يوماً وطنياً للذاكرة، مروراً بتعديل القانون الأسمى للبلاد في تاريخ فارق هو غرة نوفمبر المجيد، وقبل كل ذلك سعيه الدؤوب إلى استرجاع رُفاة المقاومة الشعبية، وفي ذلك دلالة بالغة عن اهتداء السيد رئيس الجمهورية ببيان الفاتح نوفمبر 1954 منهجاً ونبراساً وسبيلاً..
ستينيـة “الشعب” ذكرى عظيمة لجريدة وطنية عظيمة ارتبط اسمها بالشعـب
ومن المظاهر التي تترجم الحرص الشخصي والإشراف المباشر للسيد رئيس الجمهورية على ملف الذاكرة، هي استقباله خلال الأيام القليلة الفائتة للمؤرّخين عن الجانب الجزائري، أعضاء اللجنة المشتركة التي أوكل لها بحث ملفات الحقبة الاستعمارية الفرنسية للجزائر خلال الفترة (1830 – 1962)..
لماذا تأخرنا في تأسيس مدرسة تاريخية جزائرية بالاعتماد على ما تركه أوائل المؤرخين مثل عبد الرحمن الجيلالي، وأبو القاسم سعد الله، ومولاي بلحميسي وغيرهم؟
لقد مرت الجزائر بالكثير في مسيرة بنائها بعد حرب تحريرية قاسية، وإرث استعماري ثقيل. لم يكن سهلا بعث بلادنا من جديد في ظل تحديات جسيمة على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية… مواجهة العالم ليست شيئا هينا أمام دولة حديثة الاستقلال بحجم الجزائر. لذلك كان الاهتمام منصبا حول كيفية تنظيم الدولة وتوفير أساسيات الحياة لشعب منهك. التأخر سببه ترتيب الأولويات التي أخذت منا وقتا معتبرا.
لكن الوقت لم يفت. التاريخ قابل للكتابة في أي وقت، وسينهل الجزائريون من الإرث الثقافي الثمين الذي تركه المؤرخون الصادقون أمثال عبد الرحمان الجيلالي، وأبو القاسم سعد الله، ومولاي بلحميسي، من أجل التأسيس لمنهج وطني في كتابة تاريخ الجزائر، تحت إشراف هيئة رسمية مثلما ذكرت آنفا…
بهذه المناسبة، ما هي الرسالة التي تريدون توجيهها الى منتسبي جريدة الشعب، وعبرهم إلى كل وسائل الاعلام الوطنية؟
أن تواصلوا تمسككم بالجزائر، وتساهموا في المسار التاريخي الجديد الذي تشهده بلادنا… بناء الجزائر الجديدة التي أرسى دعائمها رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون… إنه لتزامن جميل أن نحتفل بذكرى مظاهرات 11 ديسمبر، وذكرى تأسيس جريدة الشعب، عشية الذكرى الثالثة لانتخاب رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، يوم 12 ديسمبر 2019 وبدء العمل على تأسيس نهضة شاملة في كافة المجالات، منذ تاريخ تنصيبه في 19 ديسمبر 2019.. لقد كانت الثلاث سنوات الماضية حافلة بالإنجازات والمكاسب والتحديات، وكذا الإصلاحات العميقة التي أثمرت جزائر اليوم بكل هيبتها وقوتها ومواقفها الثابتة ضد الظلم والاستعمار وانتهاك حقوق الشعوب…
“الشعب” ساهمت بشرف الكلمة والقلم في كل مراحل البناء والتشييد وهي إرث وطني زاخر بالأحداث والأسمـاء
جزائر اليوم تميزها ورشات العمل والتشاور والإصلاح والتجديد… لدينا مسؤولية في هذه الملحمة الجديدة كل من موقعه.. وأنتم أبناء الجزائر من الإعلاميين الوطنيين، تنتظر منكم الجزائر الجديدة الكثير.. لاسيما من جريدة الشعب، حاملة لواء الصحافة الوطنية النزيهة سليلة إعلام الثورة المظفرة.
رسالتي أن تواصلوا عملكم المشرف… مظاهرات 11 ديسمبر وصلت إلى العالم بفضل الصحفي بيرو أونجيلا البالغ من العمر ٩٢ عاما المتواجد حاليا بروما، والصحفي بيرناردو ولي المتواجد بباريس، اللذان حطما استراتيجية المستعمر القائمة على التعتيم الإعلامي حتى لا يصل صوت الحقيقة إلى العالم…. الإعلام قوة إنسانية كبيرة.. وأنتم في جريدة الشعب خير مثال على هذا. أتمنى لكم ولنا كل التوفيق وكل عام وأنتم بخير.