عمل رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، منذ انتخابه، على ترقية مكانة الجالية الجزائرية في الخارج بكل السبل، وذلك تكريسا لمفهوم الجزائر الجديدة، وقد اتخذت مجموعة من الإجراءات العملية لصالح أفراد الجالية، صبت في منحى توثيق ارتباطهم بالبلاد، وتعزيز أهميتهم وكرامتهم في الداخل والخارج، في إطار التزام الرئيس تبون في تعهده الثاني والخمسين الذي ينص على حماية الجالية الوطنية في الخارج والمغتربين وترقية مشاركتهم في التجديد الوطني.
أكد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون منذ انتخابه يوم 12 ديسمبر من العام 2019، على أهمية الجالية الجزائرية بالخارج، بالنسبة للسلطات العليا في البلاد، وضرورة تكريس مطالبها المشروعة وتحقيقها، كحقوق مستحقة لصالح مواطنين مغتربين بقوا متمسكين ببلادهم وأصولهم، إضافة لحفظ كرامتهم وحقوقهم. وتجسد ذلك من خلال تغيير اسم وزارة الشؤون الخارجية التي جرى إدماج عبارة الجالية الوطنية بالخارج معها، حيث جاء هذا القرار دليلا واضحا على اهتمام السلطات العليا في البلاد بأفراد الجالية الجزائرية.
وأكد وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج رمطان لعمامرة، بأن قرار رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، تغيير تسمية وزارة الشؤون الخارجية لتشمل عنصر الجالية، «ليس شكليا» وإنما هو «توجه استراتيجي» من طرفه، مؤكدا أن الجالية الوطنية بالخارج جزء لا يتجزأ من الوطن الأم.
كرامة الجزائريين.. خط أحمر
بالمقابل، شدد رئيس الجمهورية على التزامه بالدفاع عن أي جزائري في أي مكان والتصدي لكل من يفكر في الانتقاص منه، كما أكد أنه يجب على رؤساء البعثات توفير محامين إن تطلب الأمر للدفاع عن الجزائريين، حيث شدد رئيس الجمهورية على أنه «يتعين على مراكزنا الدبلوماسية والقنصلية تطوير أساليب عملها، من حيث التفاعل مع أبناء الجالية واعتماد أحدث الأساليب في مجال التسيير القنصلي لرفع كل مظاهر الغبن التي يعاني منها المواطنات والمواطنون المقيمون خارج البلاد». وسبق أن وافق مجلس الوزراء، على اقتراح لوزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج رمطان لعمامرة، يخص وضع رقم أخضر بالسفارات والقنصليات في خدمة أبناء الجالية الوطنية لضمان الحماية لهم والاستماع لانشغالاتهم في حال تعرضهم لمضايقات.
صوت الجالية مسموع
وقد دأب رئيس الجمهورية في كل زيارة خارجية على أن يجعل من مسألة لقاء الجالية الوطنية في الخارج، ثابتا يعرض رئيس الجمهورية، من خلاله، الجهود الجارية لتنفيذ وتكريس مشاريع الجزائر الجديدة، إضافة إلى الاستماع إلى انشغالات الجالية عموما بقصد السعي إلى تنفيذ وتجسيد كل ما يتأتى تحقيقه من مقترحات من طرف الدولة الجزائرية لصالح أفراد الجالية الوطنية، وقد التقى أفراد الجالية في كل من الكويت، مصر، قطر، تركيا، تونس وإيطاليا.
وخلال زيارة الدولة التي قادته إلى إيطاليا، أكد رئيس الجمهورية أن برمجة هذا اللقاء مع الجالية في مستهل زيارته، جاء حرصا منه على الاستماع لانشغالات أفرادها وتطلعاتهم، وتأكيدا على أهمية إشراكهم في المسار التنموي والاقتصادي الذي تشهده البلاد، كما ثمن الرئيس تبون – في هذا السياق – مبادرة إنشاء اتحاد الجزائريين المقيمين بإيطاليا، معتبرا أنها ستكون «قوة اقتراح» في كل المجالات.
وخلال لقائه بممثلي الجالية بتونس، قال الرئيس تبون: «نعمل على إدماج الكفاءات من أبناء الجالية في الحركية الاقتصادية التي تشهدها البلاد».
كما دعا رئيس الجمهورية خلال لقائه بممثلي الجالية الجزائريين المتواجدين بقطر، وفي مختلف الدول عبر العالم، الى «التنسيق والانسجام» من منطلق أن الجالية بالخارج تعتبر «قوة ابتكار» في خدمة الوطن الأم، مؤكدا أن تعليماته صدرت بضرورة التكفل بكل انشغالاتها وفتح مجال الاستثمار في جميع الميادين بالجزائر أمامها.
تحسين النقل والاستقبال
في ذات الصدد، سبق لرئيس الجمهورية خلال ترؤسه اجتماعا لمجلس الوزراء شهر أفريل الفارط، وتحديدا عشية فترة العطل والذروة، أن دعا الحكومة إلى الشروع في مراجعة أسعار تذاكر النقل الجوي والبحري قبل موسم الاصطياف، لفائدة الجالية الوطنية. كما أمر بتكثيف خطوط السفر ودعم الأسطول الجوي للخطوط الجوية الجزائرية، وزيادة عدد الرحلات وخفض أسعار التذاكر للاستجابة للطلب الواسع للجالية من أجل الالتحاق بأرض الوطن، كما تم تحسين ظروف استقبالها على مستوى الموانئ.
وفي استجابة لأوامر رئيس الجمهورية، قامت وزارة النقل بوضع رقم أخضر وخلية يقظة واستماع، على مستوى ديوان وزير النقل، بهدف التجاوب مع انشغالات المواطنين المقيمين بالخارج، وحل المشاكل والعراقيل التي تقف أمامهم في الرحلات الجوية والبحرية نحو الجزائر، في إطار تحسين الخدمة العمومية، والتكفل بالصعوبات التي يواجهها المسافر من وإلى الجزائر. وقد ضربت السلطات العمومية شهر جوان الفارط بحزم من خلال إقالة إطارات بالمؤسسة الوطنية للنقل البحري وإحالتهم على التحقيق، وكشف مجلس قضاء الجزائر تقصيرا كبيرا وتلاعبا خطيرا بعد عودة باخرة جزائرية شبه فارغة من مرسيليا والتي كانت تقل 72 مسافرا فقط، وسط طلب ضخم على تذاكر السفر، ما ترتب عنه إيداع المدير العام للمؤسسة الوطنية للنقل البحري للمسافرين والمدير التجاري ورئيس قسم التسويق والشحن السجن الاحتياطي، بتهم خطيرة منها استغلال النفوذ وسوء استغلال الوظيفة، ومنح منافع غير مستحقة للغير، وعدم التصريح بالممتلكات والإثراء غير المشروع، حيث ضربت السلطات العمومية بيد من حديد كل من يمس المصلحة العامة، أو يتقاعس في أداء مسؤولياته بشكل المطلوب منه، وضمنت حقوق الجالية في وفرة النقل العمومي بشكل نزيه وعادل.
الجزائر تحتضن أبناءها
من جانب آخر، أعلنت الحكومة في 1 ديسمبر 2021، عن صندوق للتضامن مخصص للرعايا الجزائريين المتوفين في الخارج، وذلك بعد أيام من تعليمات رئيس الجمهورية بضرورة إيجاد حل لمشكل نقل جثامين الموتى الى الجزائر لدفنهم، في إطار ترسيخ سياسة التضامن الوطني. وقد كرست الجزائر حق المواطنين الجزائريين المقيمين بالخارج في الدفن بالجزائر، حيث تضمن العدد 42 من الجريدة الرسمية تفاصيل القرار الذي نص على توفير صندوق تضامن خاص للرعايا الجزائريين المتوفين في الخارج، وجاء ذلك تنفيذا لأوامر رئيس الجمهورية بضرورة إيجاد حل لمشكل نقل جثامين الموتى المغتربين الى الجزائر لدفنهم، في إطار ترسيخ سياسة التضامن الوطني.
التقاعد للجالية.. حلم يتحقّق
كما قرر رئيس الجمهورية فتح باب الانتساب لنظام التقاعد لصالح أفراد الجالية، من خلال مرسوم رئاسي يحدد الشروط والكيفيات الخاصة للانتساب الإرادي للنظام الوطني للتقاعد الخاص بالجالية الوطنية، يشمل العمال الأجراء منهم وغير الأجراء (رؤساء المؤسسات)، وتم التوقيع على هذا المرسوم الذي صدر بالعدد الـ69 من الجريدة الرسمية، وينص المرسوم على حق أفراد الجالية الوطنية بالخارج في الانتساب للنظام الوطني للتقاعد.
وكان رئيس الجمهورية قد التزم خلال مختلف زياراته الرسمية إلى الخارج بالاستجابة لهذا الانشغال الذي عبر عنه أفراد الجالية الوطنية بالخارج. كما جاء القرار تجسيدا لالتزام رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون رقم 52، الذي ينص على حماية الجالية الوطنية في الخارج والمغتربين وترقية مشاركتهم في التجديد الوطني.
باب الاستثمار مفتوح
من جانب آخر، فتحت السلطات الباب واسعا أمام الجزائريين الراغبين في الاستثمار من أفراد الجالية للانخراط في مشاريع الاقتصاد المختلفة ومنها المؤسسات الناشئة، كما توجهت السلطات العمومية لفتح مقرات البنوك الوطنية في الخارج لتسهيل التحويلات والمعاملات للجالية والناشطين الاقتصاديين في الخارج. كما قامت السلطات العمومية بتوسيع نطاق ضمان تحويل المبالغ المستثمرة والعائدات الناجمة عن ذلك إلى المستثمرين غير المقيمين، وهو ما يتيح للجالية الاستثمار في الجزائر بكل أريحية، كما فتحت الطريق للحوار مع الجالية الوطنية بغية تطوير التعليم والتكوين الوطنيين في الخارج.
في سياق اجتماعي واقتصادي، فتحت الجزائر الباب واسعا أمام أفراد الجالية لتملك سكن ترقوي عمومي، لمن لا يملكون أي مأوى أو سكن خاص بالجزائر.
وفي هذا الشأن، أثنى النائب عن الجالية فارس رحماني، على تجاوب السلطات العمومية من مطالب وانشغالات الجالية التي تلقى قبولا واسعا مثل مشروع انتساب الجالية لصندوق التقاعد، مشيرا إلى تعديل المادة الخاصة بنقل الجثامين، إذ سيتم مستقبلا نقل جميع الجثامين، بعدما كان ينبغي التحقق في السابق من أن الشخص المتوفى معوز.
وتحدث النائب رحماني عن مقترح لتأسيس مدرسة وطنية افتراضية عن بعد لتعليم المقومات الوطنية لأبناء الجالية من لغة وتاريخ وقيم إسلامية، لاقى ردا إيجابيا من وزير الخارجية والجالية الوطنية في الخارج بغية تجسيد هذا المشروع على أرض الواقع، بالتنسيق مع جميع الوزارات المعنية.