الطبعة الثلاثون لمعرض الإنتاج الجزائري بقصر المعارض الصنوبر البحري بالعاصمة تأتي في ظل تحولات اقتصادية كبرى تشهدها الجزائر وارتفاع غير مسبوق لحجم الصادرات خارج المحروقات وهو الرهان الذي رفعته الجزائر لبلوغ 10 مليار دولار العام المقبل، لذا يتأثر معرض هذا العام بمؤشرات الإقلاع الاقتصادي عقب سنة اقتصادية بامتياز أرادتها الحكومة لكي تكون بادرة تحول جذري في قطاع يعتبر قطعة أساسية في برنامج رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون.
يرى الكثير من المختصين أن المعارض والصالونات التي تجمع المنتجين المحليين هي إحدى أهم السبل التي يتمسك بها المنتج من أجل تطوير إنتاجه وإنشاء شبكة علاقات تسهم في رفع جودة وقيمة المنتوج الوطني، وهو الأمر الذي أكد عليه رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون خلال جولة قادته لأهم الأجنحة بمعرض الإنتاج الجزائري.
ويشير خبراء الاقتصاد والتسويق أن المعارض هي أحد أهم الوسائل الرئيسة لتطوير الاقتصاد وتنمية الموارد المالية والبشرية، فيما يصنف آخرون صناعة المعارض الاقتصادية ضمن أدوات وبرامج الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي الذي ينعكس بالإيجاب على حياة المواطن والقطاع العمومي والخاص على حد سواء من خلال التنافس الشريف في عرض آخر المنتجات وتبادل الخبرات لفائدة الصالح العام.
أوضح الخبير الاقتصادي عبد القادر سليماني في تصريحاته لـ« الشعب”، أن معرض الإنتاج الجزائري يكرّس نفسه كأكبر ملتقى للشركات الجزائرية العمومية والخاصة، وهو سنة حميدة تدخلها عامها الثلاثين منذ سنة 1984، والتي تأتي في سياق ديناميكية وزخم اقتصادي كبير تشهد الجزائر.
وأضاف سليماني أن هذه المقاربة تجسدت من خلال وسم سنة 2022 بالسنة الاقتصادية بامتياز، بالإضافة الى عدة إصلاحات عكفت عليها الحكومة من الجانب التشريعي لبعث الاقتصاد والاستثمار من جديد وعلى رأسها “ قانون الاستثمار الجديد”، من أجل توفير مناخ ملائم للاستثمار وبيئة اقتصادية هدفها إنشاء عدد كبير من المؤسسات الاقتصادية.
وأشار محدثنا أن معرض الإنتاج الوطني يمكننا من الاطلاع على حقيقة ما تملكه من سلع ومنتجات ذات جودة بإمكانها ولوج الأسواق الإفريقية والمنافسة فيها، مذكرا بأن المعارض والصالونات التي يتم تنظيمها تُسهم بشكل كبير في الترويج للمنتوج الجزائري، وتعرف بالمؤسسات الجزائرية التي تبحث عن فتح قنوات اتصال مع شركات محلية أو أجنبية من أجل الوصول الى التصدير.
وأضاف سليماني أن المعرض يقدم فرصة للتعرف على ما تعرضه المؤسسات البنكية وشركات التأمين، ومؤسسات نقل السلع والبضائع، خاصة وأن ولوج السوق الإفريقية تتطلب مرافقة من البنوك ووكالات التأمين ومؤسسات النقل الكبرى، داعيا للإبقاء قنوات الاتصال مفتوحة بين المؤسسات الاقتصادية والشركاء من أجل الإسهام في رفع حجم الصادرات الجزائرية خاصة عن طريق هذه المعارض التي تشكل أهمية كبيرة في الترويج للمنتوج المحلي ومنح فرص كبيرة للقاءات ثنائية بين المتعاملين الاقتصاديين.
وأفاد الخبير الاقتصادي عبد القادر سليماني أن المعارض العصرية هي التي تأتي بالقيمة المضافة داعيا الى تنظيم معارض أخرى مع الاهتمام بالمعارض المتخصصة في نوع واحد من الصناعات كالصناعات الغذائية، منوّها بضرورة إنشاء خلايا متابعة مخرجات المعارض من أجل تثمين دورها كحلقة قوية في الاقتصاد الوطني.
من جهتها، أوضحت رمضاني من المجمع الصناعي العمومي للصناعات الالكترونية والكهرومنزلية والكهرباء “elec” ، في تصريحات لـ«الشعب” بمعرض الإنتاج الجزائري بقصر المعارض في طبعته الـ 30، أن المؤسسة العمومية تولي أهمية كبرى لهكذا معارض وصالونات عرض المنتوج الجزائري سواء على المستوى المحلي أو على الصعيد الدولي، لما له من بعد اقتصادي دولي هام وكبير.
وكشفت محدثتنا أن مجمع “elec” يولي أهمية خاصة لمعرض الجزائر الدولي في فترة الربيع ومعرض الإنتاج الجزائري في هذه الفترة من السنة، مؤكدة أن المجمع يخصص ميزانية لهذين الحدثين لما لهما من أهمية في عالم التسويق وعرض آخر ما وصلت إليه التكنولوجيا الصناعية وتطوير منتجات المجمع، مشيرة بأن المجمع الذي يساهم في 27 فرعا بين من يملكها بصفة كاملة ومن يملك أسهما فيها، فهو يحرص على إعلام فروعه للمشاركة في معرض الإنتاج الجزائري وباقي المعارض المتخصصة في نوع معين من الإنتاج الصناعي.
وأضافت رمضاني أن المعرض فرصة مهمّة للترويج للمنتجات الجديدة التي يطرحها المجمع كل سنة عبر مختلف فروعه، مشيرة بأن المعرض عبارة عن إشهار مجاني مقارنة بما يتم دفعه من أجل الترويج للمنتجات عبر الإعلانات التجارية، وذكرت محدثتنا بأهمية الحدث من أجل مواكبة إستراتيجية الدولة في الرفع من نسبة الإدماج التي تبغي الحكومة بلوغها، من خلال إجراء عقود شراكة مع مؤسسات تلبي صناعتها حاجيات المواد الأولية لفروع الشركة المختصة في الصناعة الكهرومنزلية والالكترونية.
من جهة أخرى، أوضح محمد الأمين فرقاني من مؤسسة “سرين” الخاصة في صناعة الأجبان بمنطقة أولاد شبل، لـ “الشعب” أن مشاركة مؤسسته اليوم بمعرض الإنتاج الوطني تندرج ضمن ثقافة المؤسسة الاتصالية ومن أجل التسويق أكثر للمنتوج والالتقاء بالعديد من الزبائن المحتملين والموثوقين، بالإضافة الى اكتساب المؤسسة احترام الزبائن والشركاء عبر المشاركة المنتظمة في معارض بحجم معرض الإنتاج الجزائري.
وأضاف فرقاني أن المشاركة في المعارض الوطنية تتيح لك فرصة توسيع شبكة العلاقات الاقتصادية والمشاركة في معارض دولية وهو ما تخطط له شركة “سيرين” خلال عام 2023، وأفاد صاحب الشركة المختصة في صناعة الأجبان أن صدى المشاركة في المعرض يظهر مباشرة عقب اختتامه من خلال الاتصالات المتواصلة مع الشركاء والمنتجين، كاشفا عن عقد مؤسسته لعقود شراكة مع مؤسسات تعمل في مجال طهي “البيتزا” من أجل تزويدها بمنتوج الأجبان الخاص بشركة “سيرين” الصناعية.