ليس من زائر لمعرض الجزائر المخصص للإنتاج الوطني، إلا ويعود منبهرا بمنتجات الجيش الوطني الشعبي والمستوى الرفيع الذي بلغه بالصناعة، خاصة منها ما يتعلق بالمركبات بجميع أنواعها.
ولقد أظهر رواد الصناعة العسكرية بالجزائر، نبوغا في التواصل مع الزائرين، فلا يجد الزائر لأجنحة مؤسسات الصناعة العسكرية سوى الوجوه السمحة، والمعاملة النبيلة، ليقدّموا منتجات تبلغ الذروة في الإتقان، وتحدث عن كفاءة عالية يتميّز بها أبناء الجيش الوطني الشعبي..
والحقّ أن أجنحة الصناعة العسكرية، أيقظت فينا تساؤلا نحسب أنّه في غاية الأهمية، فالواقع المعيش لا يسمح بالمرور أمام صناعة تستدعي الفخر دون الانتباه إلى العبقرية الجزائرية، وهي تتجلى واضحة للعيان، يجسّدها أبناء المؤسسة العسكرية، بعد أن تعوّدنا على مؤسسات عمومية وخاصة، تتعامل مع الناس بأسلوب (ادّي والاّ خلّي)، وتفرض ألوانا من البيروقراطيات المقيتة، وأنواعا من الاحتكارات البائسة..
أليس من حقنا أن نتساءل عن الأسباب التي تسمح للجزائري بأن يفجّر عبقريته حين يلبس البذلة السامية، بينما لا يتمكن ـ في أحسن حالاته ـ إلا من تسجيل إسمه على قائمة تشبه المبكى، وتسمى (الأدمغة المهاجرة) حين ينتمي إلى مؤسسة عمومية أو خاصة؟!
نعتقد أن الفارق الجوهري يكمن في طبيعة نظام العمل، فالمراهنة على الانضباط والالتزام والعناية بالتكوين، وفسح المجال للكفاءة وجعل مصلحة الوطن دون سواها نصب الأعين، هي ضمانة النّجاح والتّفوق، بينما تعتمد بعض المؤسسات الصناعية والاقتصادية المدنية (كما عرفناها في زمن البايلك) على (المعريفة) وتعتني بـ (النطيحة) و(المتردّية)، ولا مقدّم فيها إلا من يعرف كيف يثير (الهوشات) ويجعل العمل آخر اهتماماته..
الفرق واضح، والبون شاسع، ولا يمكن أبدا أن نقارن بين ما يتأسس على العقل وما يتفسخ في الريع..
ولك المجد يا جيشنا الوطني الشعبي..