أحكم الرّئيس تبون الاستراتيجية العامة لتأسيس الجزائر الجديدة، سواء من خلال التزاماته الأربع والخمسين والرؤية التي تجمع بينها، أو من خلال منهج تطبيقها، ليجعل كل أسباب النجاح تحت وسيلة «أخلقة الحياة السياسية والعامة»، وهذا ركن ركين في خطوات العمل..
ولقد كان الرّئيس واضحا في آخر لقاء له بالصّحافة، وأشار إلى أنّ كلّ نجاح إنما يتحقّق حين تتوفّر له (العقليات) التي تستوعبه، و(الذهنيّات) التي تتقبّله، فإذا تغيّرت أساليب التفكير على المستوى الأفقي، فالنتيجة الطبيعية هي التّغيير الشامل الذي يرجوه أبناء الوطن.
ولا شك أنّ تغيير الذّهنيات لا يتمّ في اليوم واليومين، فهذا يحتاج إلى سيرورة اشتغال دؤوبة، مثلما يحتاج إلى تضافر جهود جميع الفاعلين، وهو يمكن أن يتحقّق بـ (بالحكمة والموعظة الحسنة)، وحتى بـ (الجدال بالتي هي أحسن)، ولكنّ هناك ضرورات تفرض اللّجوء إلى (اُغلظ عليهم)، وهذه أثرها فوري، وتحقّق أهدافها في وقتها، ولنا في المضاربين غير الشّرعيين نماذج واقعية، فقد عاثوا في مقدّرات الأمّة فسادا، ولم ينفع معهم شيء، وظلّوا على حالهم إلى أن أحاطت بهم خطيئاتهم، ووجدوا أنفسهم تحت طائلة القانون، كي يدفعوا مقابل مروقهم عن المجتمع، وتمرّدهم عليه..
ولا شكّ أنّ «الرّدع» يؤدّي الوظيفة المرجوة منه بكفاءة، إلاّ أنّ التغيير، في هذه الحالة، يكون تجنّبا لمخاوف معيّنة، ويبقى أنّ الغاية هي ترسيخ التّغيير في أعمق نقطة من التفكير، وهذا مقتضاه العمل على المدى الطويل، تماما مثلما قدّر له الرئيس، فالغاية هي التغيير الشّامل في طبيعة الاشتغال الذهني، وأدواته وآلياته..تغيير يحسّ فيه الإنسان بعمق إنسانيته، فلا يركب الباطل لأنّه عاجز عنه، وإنما لا يركبه لأنّه لا يرضى لإنسانيته أن تكون في الحضيض..