أكد وزير التجارة وترقية الصادرات كمال رزيق، أن الرؤية الجديدة لتظاهرة الأسيهار، مع الحفاظ على جانبها التقليدي تعكس ديناميكية التنويع الاقتصادي والثقافي والسياحي للجزائر الجديدة، بارتكازها على الآفاق الواعدة التي تمنحها منطقة التجارة الحرّة القارية الإفريقية ZLECAF الهادفة الى الرفع من حجم التبادل التجاري البيني وتحقيق التكامل الاقتصادي بين الدول الأعضاء.
قال كمال رزيق، في افتتاح الطبعة 36 لتظاهرة الأسيهار بولاية تمنغست، رفقة وزير السياحة والصناعة التقليدية ياسين حمادي وممثلي السلك الدبلوماسي لدول كل من (النيجر.مالي.بوركينا فاسو.تشاد.موريتانيا) إن إستراتيجية بلادنا المعتمدة على التنويع المثمر للشركاء الاقتصاديين والتجاريين على الصعيد العالمي والإفريقي، تسمح لنا أن نكون فاعلين ومؤثرين في المعادلة الدولية خاصة في السّاحة الإفريقية، على ضوء إنشاء منطقة التبادل الإفريقي الحر ZLECAF لتتيح لنا ولشركائنا المستثمرين أسواق عدة ذات نمو اقتصادي بأكثر من 3000 مليار دولار.
في هذا الصدد، اعتبر وزير التجارة وترقية الصادرات في كلمته بالمناسبة، إن الوضع الاقتصادي العالمي الذي يتميز بالتغيرات السريعة في النماذج الاقتصادية، يجبرنا على مواجهة جميع التحديات الإستراتيجية واغتنام كل الفرص المتاحة لنا خاصة بعد تبعات الجائحة، والحرب الأوكرانية -الروسية، التي أثرت على الاقتصاد العالمي والإفريقي على وجه الخصوص، يحتم علينا كدول إفريقية العمل سويا من أجل تخفيف حِدّة آثر هذه الأزمة، التي طالت اقتصاداتِنا، من خلال تحقيق التكامل الاقتصادي وإدماج اقتصاداتنا تدريجيا ضمن سلاسل القيّم العالـمية، بهدف تطوير القطاعات الاقتصادية التي تساهم في استحداث مناصب الشغل وتحقيق الرفاه الاقتصادي والاجتماعي لشعوبنا، حيث تشير توقعات التقرير الصادر عن صندوق النقد الدولي، إلى أن نمو الاقتصاد العالمي سيتراجع في العام 2023 إلى 2.7%.
ويضيف كمال رزيق، أن هذا ما تصبو إليه الحكومة الجزائرية، تحت القيادة الرشيدة لرئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، من خلال تجسيد برنامجه الذي بدأت بوادره تلوح في الأفق، حيث سّجلت الجزائر ولأول مرة في تاريخها منحى تصاعديا منذ 2020، للصادرات خارج قطاع المحروقات، لتبلغ في شهر نوفمبر لهذه السنة، أكثر من 6 ملايير دولار أمريكي، وهذا لخير دليل على نجاعة السياسة المنتهجة، لتحرير الجزائر من التابعية النفطية التي شهدتها بلادنا منذ الاستقلال.
من مستهلك إلى سوق ذات قدرات إنتاجية
في نفس السياق، كشف كمال رزيق على هامش التظاهرة المنظمة تحت شعار «تامنغست بوابة السوق الإفريقية» أن الحكومة تعمل على ترشيد الواردات، تطبيقات لتوجيهات السيد رئيس الجمهورية، من خلال إعادة تأطيرها بهدف تحويل الجزائر من سوق مستهلك لأكثر من 60 مليار دولار خلال العشر سنوات الفارطة، الى سوق ذات قدرات إنتاجية تغطي الاحتياجات الوطنية لتتراجع فاتورة الواردة الى حوالي النصف، لتبلغ 33 مليار دولار كأخر حصيلة مسجلة شهر نوفمبر 2022.
وأضاف المتحدث، أن الحكومة عازمة على إعطاء دفع جديد لنشاط الاستثمار ومناخ الأعمال في الجزائر، من خلال مراجعة قانون الاستثمار بهدف تحقيق انفتاح السوق الوطني على شراكات أجنبية قادرة على تجميع الموارد المالية والوسائل التكنولوجية، لضمان نمو اقتصادي مستدام، مع مراعاة اعتبارات الأمن البيئي واحتياجات التنمية الاجتماعية للدولة.
تجسيد 5 مناطق حرة بالولايات الحدودية
وفي هذا الصدد، اعتبر وزير التجارة وترقية الصادرات أن تدعيم قانون الاستثمار بتجسيد المناطق الحرّة Zone Franche على مستوى الولايات الحدودية، لتكون مناطق ذات بعد إفريقي (الدبداب، تندوف وعلى الحدود المالية ونيجيرية)،سيعزّز في بعث الديناميكية الاقتصادية والتجارية بين سكان الولايات الحدودية والدول المجاورة، اذ تعتبر نقطة انطلاق حقيقية للتكامل الاقتصادي في المنطقة.
وهذا في ظل وجود الكثير من العوامل اليوم توحدنا وتشجعنا على بناء شراكة افريقية متعددة التخصصات، مبنية أساساً على المورد البشري، مع ضمان الاستغلال الأمثل للثروات الطبيعية التي تزخر بها بُلداننا، بهدف الرفع من القيمة المضافة والعمل على تحقيق الاكتفاء الذاتي لشعوبنا.
كما أعرب كمال رزيق اقتناعه الكبير بأن هذا النوع من التظاهرات الاقتصادية تشكل ملتقى الطرق للتبادل والتعاون الاقتصادي الإقليمي، وفرصة سانحة لتعزيز وتثمين الإمكانات الإنتاجية المحققة في عدة مجالات وربط جسور التواصل لتبادل تجاري رابح-رابح .
وجدير بالذكر أن تظاهرة الأسيهار لهذه السنة، سجلت مشاركة أزيد من 170 متعامل اقتصادي من مختلف المجالات الاقتصادية، وحضور لعدد من المتعاملين الاقتصاديين من دول الساحل، من أجل عقد أول لقاء لرجال الأعمال «الجزائر -دول الساحل»، تحت شعار «تطوير التجارة البينية»، بمشاركة رؤساء الغرف للدول المشاركة مصحوبين برجال أعمال، لتكون أول منصة تبادل، تسمح ببناء جسور التواصل بين المتعاملين الاقتصاديين وتفعيل التجارة البينة بين البلدان المشاركة.
كما يشهد تنظيم معرض تجاري مخصص لبيع كل المنتجات ذات الاستهلاك الواسع، بمشاركة لأزيد من 100 عارض وطني في مختلف المجالات الاقتصادية، من بينهم 40 حرفي جزائري وأكثر من 70 مشارك من الدول الإفريقية، تدوم فعالياته الى غاية نهاية المهرجان، بالإضافة إلى نشاط البيع بالمقايضة مع البلدان المجاورة الذي تُعرف به المنطقة منذ القدم، حيث ترتبط الأسيهار منذ أول طبعة نظمت سنة 1972، بتجارة المقايضة بين تجار البلدان المجاورة، إذ تعتبر فرصة سانحة لتنشيط التبادلات التجارية على مستوى المناطق الحدودية، وأداة فعّالة لتحقيق التنمية الاقتصادية لسّكان المنطقة.
وتم تسطير برنامج متنوع يضم نشاطات رياضية وثقافية للترويج للموروث الثقافي المتنوع الذي تزخر به بلادنا، مع الأخذ بعين الاعتبار طابع المنطقة وكذا الترويج للصناعات التقليدية والسياحة.