أسعدنا خبر عن يوم دراسي، تطرق إلى العلاقة بين الكتاب المدرسي والرصيد اللغوي، وكان من مخرجاته «تبسيط المفردات في الكتاب لتسهيل عميلة التعليم»، وهذا رأي لا نشكّ بأن الدّارسين أقاموا عليه البراهين، وفق خطوات منهجية صارمة.
ونعترف أنّنا لم نستوعب فكرة «تبسيط المفردات»، فالأصل في المفردة اللغوية أنها بسيطة، لأنها تعبّر عن شيء بعينه، ويكفي المتعلّم أن يربط اللّفظ بمعناه مرّة واحدة، حتى يستسيغه ويستعمله دون أيّ صعوبة، ثم إن الطفل المتعلّم يمتلك من الإمكانات والمؤهلات ما يسمح له بتجاوز كل ما يمكن أن يبدو لنا صعبا، وهذه لا نحتاج إلى جهد كبير كي نبرهن عليها، إذ يكفي أن نتابع احتفاليات توزيع الجوائز على حفظة القرآن الكريم، كي نجد بين الفائزين ابن السبع والثمان سنوات، وقد أكمل حفظ الكتاب الكريم كاملا، لم يعيه لفظ، ولا إدغام ولا غنّة..
وقد يقول أحدهم إن الطفل الصغير قد يحفظ القرآن الكريم، غير أنّه لا يمكن أن يفهمه، وهذه حجّة ضعيفة، لأن القرآن بحر زاخر، ولن يدّعي من بلغ التسعين أنّه أحاط به علما، ما يعني أن المسألة ليست لفظة صعبة وأخرى سهلة، وإنما تتعلق بسعة قاموس المتعلم، وقدرته على توظيفه، وهنا بالضبط يتدخل دور التعليم، كي يوجّه ويشرح ويأخذ بيد الصغير إلى أن يشتدّ عوده..
نسمع أيضا من يتحدث عن لغة أصعب من لغة، ولسان أقوى من لسان، وقواعد أكثر سلاسة من قواعد، وهذا نعتبره كلاما فارغا، لا يصدر إلا عمّن قدّر عليه (الحبس) في لغة واحدة، ما يتيح له الإحساس بأن القوة كلها موقوفة على لغته، والباقي لا فائدة ترجى منه..
نعتقد أن الصعوبة الحقيقية تكمن في الإحاطة بالمنهج وإجراءاته.. وبعده، كل شيء مناطه الدّربة.. هذا أيضا رأي، ربما يستحق النقاش..