جعلت السلطات العليا بالجزائر يوم 5 جويلية المنصرم المصادف لستينية الاستقلال موعدا هاما ظهرت فيه مقومات السيادة. كان ذلك جليا في استعراض عسكري دام 3 ساعات.
حمل هذا الإستعراض في مضامينه رسائل قوية، تؤكد أن الجزائر تبني علاقاتها وشراكاتها الخارجية على مبدأ “الند للند”.
ولم تتأخر القيادة العليا بالبلاد في ستينية الاستقلال في إبراز جاهزية الدولة على كل مستويات، لاسيما الدفاعية في ظل عالم يعرف متغيرات عديدة ترجمة بأزمة شرق أوروبا وتحديدا في أوكرانيا لا زالت تداعياتها تمس دولا في العالم فيما يتعلق بالأمن الغذائي والأمن القومي على حد سواء.
وفي خضم هذه المتغيرات كان الجزائريون على موعد يوم 5 جويلية المنصرم، لمتابعة استعراض عسكري ضخم، جابت فيه المدرعات، الدبابات والشاحنات العسكرية الطريق السيار، وحلقت في سمائه الطائرات الحربية بكل أنواعها، مع ظهور غواصات وفرقاطات زينت خليج الجزائر.
وكان هذا الاستعراض العسكري، الذي افتتحه رئيس الجمهورية، القائد الأعلى للقوات المسلحة، عبد المجيد تبون، حديث العام والخاص داخل وخارج الجزائر، نظرا لما يكتسيه من أهمية في نظر الجزائريين المرتبطين بجيشهم وعدته، أو دول الجوار التي تأكدت أن الجزائر قوة عسكرية إقليمية لا يجب الاستهانة بها.
وشاركت في هذا الاستعراض الاستثنائي 100 تشكيلة عسكرية، بمربعي الفرقة الموسيقية والخيالة للحرس الجمهوري، تلتها مربعات المجاهدين وأشبال الأمة وقيادات القوات والمدارس العسكرية، إضافة إلى مربعات المديرية العامة للأمن الوطني، المديرية العامة للجمارك والمديرية العامة للحماية المدنية.
وزينت سماء خليج الجزائر في هذا اليوم بألوان الأبيض، الأخضر والأحمر، مجسدة العلم الوطني الشامخ في وطنه منذ 5 جويلية 1962، ليكون يوم الستينية مخلدا بطائرات حربية حلقت فوق خليج الجزائر ورسمت تاريخ الستينية ونثرت الوان العلم على من كانوا تحتها ينظرون الى إبداع أسراب الطائرات في رسم العلم ثلاثي الألوان، ورسم الرقم السحري: 60…
واستعرض الجيش الوطني الشعبي في هذا اليوم التاريخي، عربات المشاة الميكانيكية والآلية، المدفعية والمدفعية الصاروخية بمختلف أنواعها، منظومات متنوعة للمدفعية المضادة للطائرات، عربات خفيفة التدريع وعربات الاستطلاع والتدخل، ثم تشكيلات لمختلف آليات هندسة القتال المخصصة لفتح الطرق ونصب الجسور وعربات الإسناد المتعدد الأشكال بما فيها التقني والطبي، ليليه تشكيل الدراجات النارية التابعة لقيادة الدرك الوطني.
وبعيدا عن البر، كانت فرقاطة في خليج الجزائر بادية في عرض البحر، في عرض خاص لقوات بحرية استعرضت قواتها وتشكيلاتها، مثل الغواصتين الونشريس وجرجرة، سفينة قلعة عباس الخاصة بالإسناد ونقل المشاة، إضافة إلى الفرقاطة الرادع المزودة بصواريخ بعيدة المدى وطوربيدات وصواريخ مضادة للغواصات، وكانت فرصة لمتابعي الاستعراض العسكري لرؤية سفن البحرية الجزائرية عن قرب، مثل السفينة المدرسة الصومام، السفينة “الرايس قورصو” وقاطرتي أعالي البحار “المساند” و”المنجد”.
10 رسائل للداخل والخارج
وفي تصريح لـ” الشعب أونلاين” قال الخبير الأمني، أحمد ميزاب إن لكل استعراض عسكري رسائل ومضامين، وعرض الستينية لا يمكن أن يكون استثناء، لهذا فهو يتضمن رسائل موجهة للداخل والخارج وحتى إقليميا.
ولخص ميزاب رسائل الاستعراض في 10 نقاط، تصدرها تكريس العرض العسكري لمفهوم الجزائر الجديدة، وما يوليه دستور 2020 من أهمية إستراتيجية للجيش الوطني الشعبي، إضافة إلى أن العرض يعد الأول من نوعه منذ 33 سنة، ما يعني تتويج، أيضا، للانتصار على الإرهاب.
الرسالة الثالثة تتمثل في الجاهزية والمستوى، الذي بلغه الجيش الوطني الشعبي من التكوين إلى العصرنة هيكليا وتنظيميا ووظيفيا، والرابعة، العمل وإظهار مبدأ الوحدة الوطنية، والرسالة الخامسة أن الجزائر خط أحمر لها جيشها الساهر على أمنها، وهذا الذي يظهر امتلاكها قوة الردع الاستراتيجي، كرسالة سادسة.
وتبين الرسالة السابعة من العرض العسكري أن الجزائر المستقرة في أوج التحولات العالمية والإقليمية، والتأكيد “أننا قوة إقليمية”، ثامنا، وتتمثل الرسالة التاسعة في أن الجزائر بوابة لا يمكن تجاهلها في مناقشة قضايا المنطقة، وهذا ظاهر في الرسالة العاشرة التي تشير إلى “أننا لا نحتاج تحالفات على حساب سيادتنا مثل ما فعل البعض، بل عقيدة المقاتل لدى أفراد الجيش الوطني الشعبي هي حجر الأساس”.