قدّم وزير العدل حافظ الأختام عبد الرشيد طبي، التفاصيل المتعلقة بقيمة الأموال المنهوبة المسترجعة لحد الآن، والتي تناهز الـ 20 مليار دولار، وأكد أن الرقم أولي ومرشح للارتفاع بفعل التجاوب الدولي مع الإنابات القضائية «بفضل المسعى الشامل الذي أقره رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون».
نزل وزير العدل حافظ الأختام، أمس، إلى المجلس الشعبي الوطني، في جلسة مخصصة للتصويت على النص المتعلق بالوقاية من تبييض الأموال وتمويل الإرهاب ومكافحتها، ومعه 3 مجلدات من الحجم الكبير.
واتضح عقب التصويت بالأغلبية على مشروع القانون، أنها (المجلدات)، توثق في 1.400 صفحة، مجهودات وإنجازات 3 سنوات من العمل الدؤوب على استرجاع الأموال المنهوبة، مثلما التزم به رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، في إطار مكافحة الفساد ومحاسبة المتورطين في نهب المقدرات العمومية خلال السنوات الماضية.
وزير العدل حافظ الأختام، لم يكتف بالإعلان مجددا عن رقم الـ 20 مليار دولار، الذي أعلن عنه رئيس الجمهورية، الخميس الماضي، والمسترجع داخليا، بل شدد على أنه تقييم أولي مرشح للارتفاع في أية لحظة، بعد مصادرة الممتلكات المتواجدة بالخارج.
واستنكر طبي، بشدة، محاولات بعض الأصوات، التشكيك في صحة المبلغ المسترد لغاية الآن، قائلا: «الذين تساءلوا عن الـ 20 مليار دولار، هل عرفوا العمل الذي تم خلال 3 سنوات؟ هل اطلعوا على حجم المجهود الذي بذل من قبل رجال ونساء طيلة هذه المدة ؟ «.
وتابع: « لما تطلع على 1.400 صفحة الموجودة أمامي، ستجد أن المبلغ المعلن لحد اللحظة ما هو إلا تقييم أولي أعلن عنه الرئيس والرقم مرشح للارتفاع، لأن فيه أحكام قضائية أخرى نهائية منتظرة».
وأوضح السيد طبي، أن مجريات المعالجات القضائية، استغرقت أسابيع وامتدت إلى غاية الرابعة صباحا، «دون الحديث عن تقارير المؤسسات المالية والمؤسسات المختصة»، ليضيف مستنكرا «كيف تسمح لنفسك أن تقزّم ما تم القيام به في 3 أعوام».
تجاوب دولي
ولأن مسار استرجاع الأموال المنهوبة يتم على شقين، داخلي وخارجي، اعترف وزير العدل، في التفاصيل التي قدمها لأول مرة، أن السنة ونصف الأولى «كانت مخيبة»، على صعيد التجاوب الدولي مع الإنابات القضائية.
وقال: «المسار عرف في البداية، تعثرات وتعقيدات والتجاوب لم يكن بالمستوى الذي ننتظره»، مستطردا: «بأننا كنا واعين بأن الطريق على المستوى الخارجي طويل وشاق ومعقد لعدة أسباب، منها تعقد مسار تتبع الأموال في حد ذاته، واختلاف الأنظمة القضائية».
وارتفع عدد الإنابات القضائية التي أصدرتها الجزائر، منذ نهاية أوت الماضي بـ 5 إنابات، حيث تقدر حاليا بـ 224 إنابة قضائية دولية، ووجهت الإنابات القضائية وطلبات التعاون إلى أكثر من 30 دولة، بغرض «حصر الممتلكات وحجزها ومصادرتها».
وأفاد طبي، أن الطرف الجزائري، لمس إلى جانب التعقيدات الموضوعية المرتبطة بالعملية «غياب الإرادة لدى بعض الشركاء للتجاوب مع المسعى»، إلى غاية 2021، إذ تم بلورة إستراتيجية شاملة من قبل رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون عرفت انخراط « جميع المصالح بما فيها السلك الدبلوماسي».
وقال طبي: «خضنا المعركة من جديد، ونشهد الآن اقتناع العديد من الدول بجدية مسعى الجزائر. هناك تجاوب أكثر من ذي قبل، بعدما اقتنعوا بجدية ومصداقية المسعى ووقفوا على حجم الأضرار التي تعرض لها الاقتصاد الوطني وضخامة الملفات التي عرضت عليهم».
واستدل وزير العدل حافظ الأختام، على تطور التجاوب الدولي مع الجزائر في قضية الأموال المنهوبة، بالانتقال من نظام «المراسلات الرسمية إلى التنسيق بين السلطات القضائية الجزائرية ونظيراتها الأجنبية»، كاشفا أن «القضاة الجزائريين يلتقون مع نظرائهم الإيطاليين، الفرنسيين، البريطانيين والأمريكيين والإسبانيين لبحث الملفات عن طريق التنقل أو التواصل المرئي عن بعد».
وتوقف الوزير عند تقديم باقي التفاصيل المتعلقة باسترجاع الأموال المهربة للخارج، بتأكيد إجراء 3 لقاءات لحد الآن مع الجانب الأمريكي، وتستمر زمنيا حسب مقتضيات متابعة الملفات، واعدا بتقديم معطيات أخرى في حينها.
أرقام مهولة
ومع تفاعل وانبهار النواب الحاضرين تحت قبة مبنى زيغوت يوسف، شرع الوزير طبي في سرد بعض الأرقام المتعلقة بما وضعت عليه يد القضاء وأعيد للمحفظة التجارية للدولة. وبلغت الأملاك العقارية المسترجعة لغاية الآن 4.213 عقارا، منها 401، عقار صناعي، تضم عشرات المصانع كمصنع الاسمنت في غليزان، مصنع الحديد في المسيلة، مصنع الحديد برحال عنابة، ومصانع تركيب السيارات في بومرداس (السيارات الثقيلة)، تيارات وسعيدة.
يضاف لها مصانع الزيوت بكل من جيجل، وهران، والجزائر العاصمة، ومصانع السكر، ومصانع الأدوية في الرغاية وتيسمسيلت و»كلهم دخلوا في الحافظة التجارية للدولة وصفيت وضعيتهم، تحت إشراف مباشر للمتصرفين القضائيين» مفيدا بأن عملية التطهير مازالت جارية.
أما العقارات الفلاحية، التي تمتد على مساحات واسعة جدا، فقدرت بـ 229 محيط فلاحي، «ولا نتحدث عن أراض فلاحية بسيطة»، يستطرد الوزير، وإنما تلك التي تتراوح بين 5.000 و15.000 هكتار بولايات البيض، تيبازة، سعيدة، قالمة، سكيكدة، عنابة، أدرار تيميمون ومعسكر.
أما العقارات السكنية القابلة للتعمير، فبلغت 425 عقارا، منها 14 تعاونية عقارية، إحداها بوهران بسعة 1.000 وحدة سكنية، وأخرى ببرج البحري بالعاصمة بـ 208 وحدة سكنية، إضافة إلى 44 عقارا بين محلات وحظائر لركن المركبات.
ومن بين ما تم استرجاعه بعد استنفاذ المعالجة القضائية، وفق مبدإ التقاضي على درجتين الذي يكفله الدستور، 211 فيلا تقدر بمبالغ خيالية، وحوالي 1.497 شقة فخمة موزعة بولايات كبرى كالعاصمة، عنابة، سطيف، وهران وقسنطينة، إلى جانب 281 بناية (عمارات) لم تنجز بعد و47 عمارة في طور الإنجاز.
ومن بين المقدرات التي امتدت إليها يد الفساد، واستعادتها الدولة، عقارات سياحية من فنادق ومركبات وعددها 21 عقارا، و596 محلا تجاريا من ضمنها 3 مراكز تجارية كبرى مثل مركز باب الزوار والسانية بوهران.
الحصيلة الأولية لما استرجع محليا والمقدرة بـ 20 مليار دولار، تضم أيضا المحاجر، المقالع، محطات الزفت والوقود، في تيارت، تمنراست، عين الدفلى، سيدي بلعباس، الجلفة، البويرة، وهران وغليزان. تضاف لها محطات الخدمات والوقود، في عدة ولايات منها الجزائر، أدرار تيبازة، وهران تيزي وزو، معسكر.
أما بشأن الممتلكات المنقولة فقدرت بـ 23.774 ملكية، زائد الامتيازات المينائية في بجاية سيكيكدة، الجزائر العاصمة ومستغانم، وطائرتين على الأقل، الأولى تم بيعها واسترجع مبلغها المقدر بملايين الدولارات، واستفادت الخزينة من فارق سعر الصرف المرتفع مقارنة بتاريخ اقتنائها لأول مرة، بينما يجري ترصد الطائرة الثانية، بعدما تم تحديد موقعها.
ومن الممتلكات المسترجعة التي أثارت الدهشة، حوالي 25 مركبة مائية بين سفن وزوارق، وذكر طبي بتهريب سفينة إمدغاسن قبل استعادتها من قبل السلطات الجزائرية.
مصالح القضاء، أحصت 4.203 من الحافلات والشاحنات ذات الحجم الكبير، و821 سيارة نفعية، أما آلات الأشغال العمومية والأشغال الكبرى فقدرت بـ 1.330 آلة، و236 عدد آلات العتاد الفلاحي المسترجعة.
وذكر الوزير استعادة 7.000 سيارة سياحية، 3.141 سيارة من مختلف الأحجام والأنواع و1.405 مركبة من الطراز الرفيع و2.300 مركبة في طور التركيب من مصنع تيارت.
أما الحسابات البنكية التي تم وضع اليد عليها فتتفاوت بين مبالغ بين الدينار والعملة الصعبة وعددها 6.447 حساب، يضاف لها 99 من السندات البنكية، السند الواحد يصل أحيانا إلى 1 مليار سنتيم.
ومن بين المحجوزات أيضا العتاد الطبي وشبه الطبي، والمجوهرات، وألماس، ساعات فاخرة، ومبالغ مالية كسيولة مكدسة، وكشف الوزير عن استرجاع القروض البنكية التي هي أموال الشعب، مفيدا بأن شخصا واحدا اقترض من بنك واحد 54 مليار دج (54.000 مليار سنتيم) وتم استرجاع المبلغ في غضون سنتين، مذكرا بأن من بين الممتلكات المصادرة شركات إعلامية تعود لهؤلاء المتورطين في نهب أموال الشعب الجزائري على مدار سنوات.
وقال طبي، إن الأرقام المحققة، لا تزعج سوى أعداء النجاح ومثبطي العزائم، لأن استعادة الأموال نجاح لمسعى رئيس الجمهورية».