«التعليم ليس وظيفة، فهو مرتبط بمسعى تربية الأجيال”.. هكذا قالها الرئيس تبون، وقد تبدو، لمن لا يدرك عمق إشكالية التغيير، تعبيرا عن موقف طبيعي تجاه أولئك الذين يجتهدون في تعليم الناشئة، كي يكونوا حماة وبناة الوطن في المستقبل، فيتعامل مع هذا الوصف على أساس أنّه قالب بلاغي تعوّدنا على ترديده، غير أنّ الأمر يختلف، حين نذكّر بأنّ هناك من ظلّ (بل يظلّ) عاكفا على (احتقار) دور المعلّم في المنظومة العامة، ويذهب إلى أنّ أجرته الشهرية المتواضعة، ليست سوى نتيجة لاشتغاله بـ«قطاع غير منتج”، حتى كأنّ الذين يشتغلون بالقطاعات المنتجة، يتنزّلون من السّماء جاهزين لتولّي مهامهم، دون المرور بالمدارس، ولا الحظوة بعناية المعلّمين!!..
وحين يقول الرئيس تبون إنّ “التعليم ليس وظيفة”، فإنّه يقصد إلى تغيير شامل في منظومة التفكير ذاتها، ويدعو إلى إعمال النّظر في الأفكار النّمطية، ومراجعتها كي تحلّ محلّها الأفكار الخلاّقة، إذ ليس من المعقول اعتبار قطاعات حيوية، كمثل “التعليم” و«التعليم العالي” و«التكوين” و«الثقافة” مجرد ديكورات تعيش عالة على المجتمع، وإنّما هي أسّ البناء الأول، وهي التي تشتغل على إعداد النخب التي تتكفل بـ«المنتج” من المؤسسات، وتمنحها الكفاءات التي تضمن جودة الأداء بجميع القطاعات؛ ولهذا، نرى تصحيح النظرة إلى “المعلّم” انتقالا نوعيّا في أسلوب معالجة الأوضاع على جميع المستويات، إلى أن يكتمل بناء الجزائر الجديدة.. جزائر عنوانها المجد، ورسالتها السّلام، وأساسها الوفاء بعهد الشّهداء..
إنّ إعمال النّظر في جميع المسلّمات، ومراجعة جميع الأطروحات، والسعي إلى ترتيب موضوعي للأولويات، ركن ركين في مسار بناء الجزائر الجديدة، وهنا ينبغي أن تتضافر جميع الجهود، للتّخلص من الأفكار النّمطية التي لم تضف شيئا يستحق الذّكر.. وهذا هو التغيير الحقيقي..