المهرجان الوطني للمسرح المحترف، يلقي منذ افتتاحه بأصداء متميّزة، ويبدو أنّ التميّز هذا العام امتدّ إلى طبيعة النّصوص، فقد تمّ اقتباس عدد من المسرحيات من روايات جزائرية مرموقة، ما يوحي بأنّ جهد الكتابة لم يعد يكتفي بما (يملأ) توقيت العرض، وتسجيل الحضور، وإنما يرمي إلى أن يكون هادفا، ويؤدّي رسالته الثقافية والاجتماعية كاملة، بما يضمن له الفاعلية.
ولم يتح لنا، في خضم الحلّ والتّرحال، أن نحظى بمتابعة العروض، غير أنّ عددا من «الفسابكة» أتاحوا لنا متابعة لقطات من مسرحيات مختلفة، بفضل فيديوهات قصيرة، لم تعفنا من الشّوق إلى مسرح بشطارزي، ولم نجد أمامنا سوى مطالعة بعض ملخّصات المسرحيات التي وجدناها تتأسّس على أفكار ممتازة، وإن لم نتمكّن من الإحاطة بها..
ولا نعرف سببا يمنع التلفزيونات الجزائرية، وهي كثيرة، عن إعداد المسرحيات بإخراج تلفزيوني، كي تكون في متناول جميع المواطنين، فالناس لا يمكنهم أن يكونوا جميعا بقاعة المسرح، ويمكن للتلفزيون أن يقدّم خدمات رائعة، لو يتبرّع ببثّ الأعمال الفنية على موجاته، فتعمّ الفائدة، وتزداد خزانة المسرح الجزائري اتّساعا..
كان التلفزيون الوطني يصوّر الأعمال المسرحية باحترافية عالية، وعلى شاشته شاهدنا «الأجواد» و»الشّهداء يعودون هذا الأسبوع» و»قالوا العرب قالوا» و»العيطة» و»بابور اغرق» ومسرحيات أخرى كثيرة، كان لها أثرها في صناعة مخيال جيل كامل، وأسهمت في بناء الوعي العام، فلماذا يحرم المواطن اليوم من متابعة الأعمال الفنية الجزائرية؟! وما الذي يمنع تصوير مسرحية وبثّها؟!
نعلم أنّنا لا نحيط علما بجميع تفاصيل موانع وصول المسرحيات إلى كل المواطنين، ولكنّنا نعتقد أنّ كل مانع يهون، حين يتعلق الأمر بالترويج للعمل الفني الجزائري، وخسارة «حق تأليف» أهون من خسارة التّأليف نفسه..