تطوي سنة 2022 صفحاتها بعد عام مليء بأحداث ثقافية وفنية وتظاهرات أدبية، مسرحية وسينمائية وموسيقية، وغيرها.. نشاطات رافقت أيضا أحداثا تاريخية وسياسية ورياضية عرفتها الجزائر بداية من إحياء ذكرى ستينية الاستقلال والذكرى الـ 68 لاندلاع الثورة، إلى الدورة الـ 31 للقمة العربية بالجزائر، وأيضا الطبعة الـ 19 لألعاب البحر الأبيض المتوسط بوهران.
عرف المشهد الثقافي في الجزائر حراكا تفاعليا متميزا في العديد من الأحداث والإنجازات التي استلهمت من الماضي، وعكست الواقع المشرق، امتدت فيه الأنشطة والفعاليات إلى جل الولايات.
في إطار الاحتفاء بستينية الاستقلال، برمجت وزارة الثقافة والفنون العديد من النشاطات والتظاهرات التي لها علاقة بالتاريخ بالولايات، إضافة إلى تخصيص برنامج وطني استثنائي للاستفادة من الدعم العمومي في مجالات المسرح والكتاب والسينما والموسيقى.
وسينمائيا أيضا، أعطيت إشارة انطلاق تصوير ثلاثة أفلام تاريخية طويلة حول كفاح الشهداء سي أمحمد بوقرة، قائد الولاية التاريخية الرابعة، وسي الحواس قائد الولاية التاريخية السادسة، وزيغوت يوسف قائد هجمات الشمال القسنطيني في 1955، وهي من إنتاج وتمويل وزارة المجاهدين.
برنامج نشر 100 كتاب
أطلقت وزارة الثقافة والفنون، برنامجا وطنيا للنشر يتواصل إلى 5 جويلية 2023، بمناسبة الذكرى الـ 60 للاستقلال، وسيسمح هذا الموعد بلقاء نخب الجزائر ومبدعيها يصادف انطلاق برنامج الاحتفالات الخاصة بالذكرى الستين للاستقلال الذي يحمل رمزية استثنائية وأكثر من دلالة.
وأعلنت المسؤولة الأولى عن قطاع الثقافة صورية مولوجي سابقا، عن مشروع نشر 100 عنوان، يتوزع على الرواية التاريخية باللغتين العربية والأمازيغية وكتب وقصص الأطفال تتناول التاريخ.
ومن جهة أخرى، وفي إطار الاحتفال بالذكرى الـ 68 لاندلاع الثورة التحريرية، خصصت وزارة الثقافة والفنون برنامجا ثريا ومتنوعا بـ 58 ولاية، من خلال مهرجانات وعروض أوبيرات وأفلام ومسرحيات ومسابقات وقراءات شعرية، بالإضافة إلى معارض للكتب وأخرى في الفن التشكيلي.
ونظمت في هذا الإطار العديد من المهرجانات المحلية والدولية بتلمسان، قسنطينة، باتنة والبليدة.
بالجزائر العاصمة، برمجت عروض مسرحية وأفلام ثورية وحفلات فنية وصالون محلي للكتاب ومعارض للفن التشكيلي وآخر حول اللباس التقليدي الجزائري.
تظاهرات ثقافية رافقت القمة العربية بالجزائر
وبمناسبة القمة العربية، التي نظمت شهر نوفمبر، برمجت بالجزائر العاصمة تظاهرة “أيام الفيلم العربي” بقاعة السينماتيك و”صالون عربي للكتاب” بقصر الثقافة، إضافة إلى تنظيم معرض حول الموروث الثقافي اللامادي الجزائري وآخر حول فترة ما قبل التاريخ.
وعرفت الطبعة الـ19 لألعاب البحر الأبيض المتوسط، التي أقيمت شهر جوان بوهران تنظيم العديد من التظاهرات الثقافية المرافقة حيث احتضنت عاصمة الغرب الجزائري في هذا الصدد نشاطات وفعاليات فنية مختلفة.
وتم بهذه المناسبة، إعداد برنامج مكثف ومتنوع كان بمثابة فرصة للترويج والتعريف بالثقافة الجزائرية ومناسبة لتسليط الضوء على مدينة وهران وتاريخها وتراثها الثقافي المادي واللامادي ومساهمتها الكبيرة في إثراء ثقافة منطقة البحر المتوسط.
ومن الفعاليات المنظمة في هذا الإطار، المهرجان الدولي الـ12 للرقص الشعبي بسيدي بلعباس والمهرجان الوطني الـ13 لأغنية الراي بوهران والمهرجان المحلي الـ13 للأغنية الوهرانية بوهران، و”الأيام الأولى للمسرح المتوسطي” وتظاهرة “أيام الفيلم المتوسطي”، إضافة إلى “صالون وطني للكتاب”.
تراث.. تكوين ومهرجانات
تميز عام 2022 بإنجازات ثقافية هامة، مثل افتتاح ثانوية وطنية للفنون باسم علي معاشي بالجزائر العاصمة هي الأولى من نوعها في تاريخ الجزائر، جاءت تنفيذا لقرارات رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، القاضية بوجوب استحداث بكالوريا فنية.
أما على الصعيد الدولي، عرف أيضا هذا العام إدراج أغنية الراي في قائمة التراث العالمي غير المادي للإنسانية لليونسكو خلال الاجتماع الـ17 للجنة الحكومية الدولية لصون التراث الثقافي غير المادي لليونسكو لتحصي الجزائر مع تصنيف الراي 9 عناصر مدرجة في قائمة التراث العالمي.
وعرف عام 2022 أيضا عودة العديد من المهرجانات الدولية الكبرى بعد انقطاع بسبب جائحة كورونا أبرزها صالون الجزائر الدولي الـ25 للكتاب (سيلا) ومهرجان الجزائر الدولي الـ12 للموسيقى السمفونية وكذا مهرجان الجزائر الدولي الـ11 للسينما المخصص للفيلم الملتزم (فيكا).
صون الهوية وحماية التراث..
وفى إطار استراتيجية وزارة الثقافة والفنون لصون الهوية وحماية التراث، اتخذت جملة من الإجراءات المستعجلة، لحماية التراث الثقافي والطبيعي داخل أقاليم الحظائر الثقافية، بهدف تثمين التراث الثقافي المادي الذي يعتبر من أولويات القطاع. وهذا من خلال تبني مقاربة تشاركية شاملة لحماية وحفظ التراث الثقافي الوطني، وتحديد إستراتيجية واضحة في مجال التكفّل به وتعميق مضمونه، تعزيز النشاطات المتعلقة به. مع التركيز على الرفع من مستوى الوعي من خلال إشراك فعاليات المجتمع المدني. والأخذ بعين الاعتبار كل المتطلبات الجديدة على المستوى الوطني والعالمي.
وتولي الجزائر، التي تعد أول بلد يصادق على اتفاقية منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونيسكو) في سنة 2003 لحماية التراث الثقافي غير المادي، اهتماما خاصا بالمحافظة على تراثها. وفرضت نفسها كنقطة محورية افريقية ومرجعا في مجال الخبرة العلمية. لما تتوفر عليه من مراكز متخصصة للبحث استطاعت أن تدرج ثمان ممتلكات ثقافية جزائرية على قائمة تراث الإنسانية.
راحلون من الوسط الثقافي في 2022
عرف عام 2022 رحيل العديد من الأسماء الثقافية والفنية، منها رحيل واحدة من النساء المثقفات المعروفات بالكتابة والمواقف النضالية، في شخص زينب الميلي، وهي لمن لا يعرفها ابنة شهيد الثورة، العربي التبسي.
وزينب الميلي، إعلامية ومثقفة، معروفة بجرأتها، لا تعرف المجاملة، مثلما قالت في إحدى لقاءاتها التلفزيونية، إن والدها لم يورثها أطيانا وبيوتا، بل ورثها الصراحة وإبداء الرأي، وهي ابنة العلامة الشيخ العربي التبسي، أحد أعمدة جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، وزوجة السفير السابق المرحوم محمد الميلي ابن العلامة مبارك الميلي.
وفقدت الساحة الفنية، الممثلة السينمائية والمسرحية فريدة صابونجي، بعد معاناة مع المرض، واشتهرت الفنانة الراحلة بآداء أدوار مرأة قوية الشخصية.
وغيّب الموت، في سنة 2022 الفنان محمد حزيم، بالمستشفى العسكري في وهران، عن عمر ناهز 71سنة، بعد صراع طويل مع المرض، والفقيد محمد حزيم، من الفنانين البارزين في مجال الفن. وارتبط اسمه مع فرقة بلا حدود، التي اشتهرت بالسلسلة الفكاهية التي بثتها التلفزة الجزائرية في نهاية ثمانينيات القرن الماضي.