يقيم آلاف الزوار القادمين من العديد من الولايات، لاسيما الشباب خلال أيام نهاية هذه السنة بمنطقة غرداية التي تشتهر بتراثها الطبيعي والمعماري والثقافي الذي صنف جزء كبير منه من قبل المنظمة الأممية للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) تراثا عالميا محميا.
تسجل في هذه الفترة كافة هياكل الإيواء والإقامة بالمنطقة (فنادق ودور ضيافة ومراقد ومخيمات وبيوت الشباب) ذروة امتلاءها بهؤلاء الزوار الذين نزلوا ضيوفا على المنطقة، مثلما صرح لـ”وأج” مدير السياحة والصناعة التقليدية سعد مرياح.
وأوضح في هذا الصدد قائلا ” نعيش “ظاهرة إستثنائية” من خلال هذا التدفق الكبير للزوار الوطنيين على وجهة غرداية في هذه الفترة من العطلة المدرسية الشتوية والتي تتزامن أيضا مع احتفالات راس السنة الميلادية الجديدة “.
وقدر تعداد الزوار الذين فضلوا قضاء عطلة نهاية السنة بمنطقة غرداية حاليا بأكثر من 4.000 زائرا مقيما عبر الهياكل الفندقية.
وشهدت هذه المنطقة وهي وجهة أصيلة التي تزخر بعجائب طبيعية وأثرية خلابة تحبس الأنفاس سيما منها قصور ميزاب ومتليلي، وتنوع رائع في المناظر الطبيعية، التي تجمع بين لوحات الصحراء وبساتين النخيل الخضراء بالفضاء الواحاتي، حركية “حقيقية” هذه الأيام الأخيرة من سنة 2022 بفضل زيادة قدرات الإيواء من قبل عديد أصحاب الفنادق الذين استثمروا في بناء هياكل إقامة جديدة، حيث قفزت قدرات الإيواء من 1.600 سرير في سنة 2010 إلى ما يقرب من 3.000 سرير في سنة 2022.
ويفضل عديد الزوار الإيواء في إقامات ومنازل تقليدية الواقعة وسط واحات النخيل بسهل ميزاب ذي القيمة التراثية العالية، والتي خضعت لأشغال تهيئة حتى تستجيب لمتطلبات الراحة التي يفضلها الزوار من داخل الوطن والأجانب.
وأبرز في هذا السياق عمي عيسى وهو مرشد سياحي بغرداية ” أن كل المنازل التقليدية سجلت امتلاءا منذ منتصف شهر ديسمبر الجاري”، مضيفا أن الحجز يتم بواسطة الإنترنت.
وأفاد من جانبه أحد المتعاملين في السياحة بغرداية بأن هناك نحو خمسة عشر موقعا في مختلف واحات النخيل بسهل ميزاب ومناطق سبسب ومتليلي التي بإمكانها استقبال أكثر من 500 شخصا.
ويرى بدوره مسير إقامة تقليدية بقصر بني يزجن أن “هناك اتجاه جديد في السياحة يقوم على البعد الثقافي والبيئي في غرداية”، مضيفا ” أن السكن التقليدي مع توفير أطباق محلية يشكل أيضا عامل جذب للزوار”.
وقد تدفق الزوار الوطنيين بكثرة على الأماكن والأزقة التاريخية في ميزاب، لاسيما الساحة الشهيرة ”سوق غرداية’، وهم يلتقطون صور سيلفي مرتدين الملابس التقليدية للمنطقة، كما لوحظ.
وتشتهر منطقة غرداية وهي الوجهة السياحية بإمتياز بتراث فريد من نوعه مادي وغير مادي الذي يشكل مصدر جذب للزوار من داخل وخارج البلاد، حيث تحقق ما يسمى بالسياحة “الداخلية” نجاحا في غرداية، وتشكل دعامة كبيرة للتنمية الإقتصادية المحلية من جهة، كما أنها ساهمت من جهة أخرى في التخفيف من التداعيات السلبية لتراجع أعداد السياح الأجانب سيما ما تعلق منه بمردودية هياكل الإيواء والمؤسسات التجارية والسياحية بشكل عام، وتساهم في الحفاظ كذلك على مناصب الشغل وما يترتب من انعكاسات للنقل وتجارة الصناعة التقليدية.