أتيح لنا، في زحمة الأحداث اليومية، أن نتابع العدد الأخير من حصة «إضاءات ثقافية» على شاشة الجزائرية الإخبارية، فوجدنا السؤال حصيفا، والمستوى رفيعا، والنقاش مثمرا، ولقد أثلج صدورنا أن نقع على حصة تحترم عقل المشاهد، وتطرح ما يستدعي إعمال الفكر واستخدام المادة الرمادية، بعد أن هيمنت (التيك توكيات) و(اليوتيوبيات) على المشهد العام، ولم يعد أحد يحسب للمتلقّي حسابه..
ولا نغالي إذا قلنا إن التلفزيون الوطني، بجميع قنواته، حافظ على خطّه الإعلامي الأصيل، ولم يقع في فخّ اللّهث وراء الإثارة، ولا تهاوى إلى الأخبار المفبركة والقراءات المغلوطة، وإنما ظل وفيا للمبادئ والقيم الوطنية؛ ولهذا، لا نستغرب مطلقا أن ينتج حصّة رفيعة المستوى، كمثل «إضاءات ثقافية»، وإن كانت الحصص، في مختلف حقول اشتغالها، محترمة، وتقدّم مادة رفيعة، غير أنّنا نختص «الإضاءات» بالتنويه، لأن مجالها يقتضي الدّقة والتفصيل والرؤية الواضحة، بحكم أن الأفكار التي تطرحها للنقاش تتوزع على حقول معرفية مختلفة، وتحتاج من عمق النّظر، ما يتيح لها تبسيط المجرّد، وتيسير الصعب، لجعله صالحا لعموم المشاهدين، مهما اختلفت مستوياتهم، ضمانا لأداء رسالتها الإعلامية والتثقيفية، بل ورسالتها المتعلقة بضرورة إعمال الفكر فيما ينفع الحياة العامة.
نعتقد أن الوقت قد حان كي يستعيد الإعلام الوطني وعيه، ويتجنّد ليكون في خدمة المواطن الجزائري، ولدينا فيما يقدّم التلفزيون الوطني نموذجا يحتذى، دون أن نغمط الإعلام العمومي، مكتوبا ومسموعا حقه من التنويه، لأنه هو الآخر حافظ على النهج الوطني القويم، ولم يبدّل تبديلا. ولم يبق أمام المشهد الإعلامي في عمومه، سوى جعل مصلحة الجزائر فوق كلّ اعتبار، فالجزائر هي المبتدأ وإليها المنتهى، والباقي، فضول كلام..
والتحايا العطرات إلى القائمين على الإضاءات..