استقطب المتحف الوطني للمجاهد منذ بداية العطلة الشتوية عددا كبيرا من أطفال المدارس وأوليائهم، يزورون أجنحة المعرض للتعرف على تاريخ الجزائر منذ الاحتلال الفرنسي، ومشاهدة الأفلام الوثائقية الثورية عن الفاتح نوفمبر وقادة الثورة.
شارك الأطفال في مسابقات أجرتها إدارة المتحف لإختبار ثقافتهم في تاريخ الجزائر، وهي مبادرة جيدة نظمها المتحف لترسيخ تاريخ الأمة في عقول الناشئة، رجال المستقبل.
4700 زائر في يومين
4700 زائر لمتحف المجاهد في اليومين الماضيين، جمع غفير من الأطفال وأوليائهم،قدموا من ولايات الجزائر، شغوفين بزيارة المتحف والتعرف على ما يحتويه.
هذا ما لاحظنا في البوابة الرئيسية للمتحف. شيء يثلج الصدر عندما تشاهد هؤلاء الأطفال مهتمين بتاريخ الجزائر، لاسيما أن المتحف خصص لهم ورشات تثقيفية ترفيهية وفضاء رقمي يواكب متطلبات التكنولوجيا الحديثة، إضافة إلى مسابقة جائزة” المتحفي الصغير” بشعار” متحفي..ذاكراتي”.
انطلق البرنامج المسطر لنشاط المتحف الوطني للمجاهد تزامنا مع العطلة الشتوية يوم 25 ديسمبر 2022 ويدوم الى 05 جانفي الجاري، من الساعة التاسعة صباحا إلى الساعة التاسعة ليلا، على مدار أيام الأسبوع. برنامج ثري ومتنوع يتمثل في زيارات بيداغوجية، وعرض أفلام ثورية.
وفي برنامج المتحف أيضا، معارض وندوات فكرية حول نضال الجزائريين إبان المقاومة الشعبية والحركة الوطنية وثورة التحرير، قراءات شعرية وعروض مسرحية وأناشيد وطنية والعديد من البرامج الخاصة بإحياء ذكريات الأبطال والأحداث الثورية، بهدف الحفاظ على الذاكرة الوطنية وتبليغ رسالة الشهداء للناشئة وإرساء الثقافة التاريخية في مختلف الأوساط، مع استحداث جناح للأطفال وورشات تثقيفية ترفيهية.
ورشات تثقيفية وترفيهية
في هذا الصدد، صرحت سليمة ثابت إطار بوزارة المجاهدين وذوي الحقوق، والمديرة بالنيابة للمتحف لـ”ذاكرة الشعب”، أن برنامج تنشيط أيام العطلة الشتوية للموسم الدراسي 2022/2023 بشعار ” متحفي.. ذاكراتي”، يندرج في إطار فعاليات الذكرى الـ60 لإسترجاع السيادة الوطنية بشعار “تاريخ مجيد وعهد جديد”، ومرافقة للمنظومة التربوية وتنفيذا لتعليمات وزير المجاهدين وذوي الحقوق، العيد ربيقة، بتخصيص وتوجيه العمل المتحفي وإثراءه، وجعله أحد الأدوات الهامة في الحفاظ على الذاكرة الوطنية.
وتوضح سليمة ثابت أن هذا البرنامج موجه بالدرجة الأولى إلى الناشئة والطلبة والتلاميذ بشعار” متحفي ..ذاكراتي”، يتناول البرنامج ورشات متعددة، الورشة الأولى منه تهتم بالرسم لتنمية الروح الإبداعي في الرسم.
تقول المتحدثة إن مواضيع الرسم دائما في الذاكرة والتاريخ الوطني.
وتنظم مسابقة يختار فيها أحسن رسم ويمنح للطفل الصغير جائزة تتمثل في كتيب من سلسلة أمجاد الجزائر والنشيد الوطني، وأضافت: ” هذا الجانب التحفيزي هام جدا للمعرفة التاريخية”.
هناك ورشة خاصة بالمسابقة الرقمية، وهي عبارة عن مسابقة بوسائط الإعلام الآلي لتطوير الجانب الرقمي للعمل المتحفي، هي مسابقة رقمية تاريخية وثقافية عبارة عن أسئلة يجيب عنها الطفل، وفيما بعد يختار الجواب الصحيح بالوسائط التكنولوجية الحديثة ويكرم الأطفال المشاركين، تضيف مديرة المتحف بالنيابة.
وهناك أيضا، ورشة خاصة بعرض أهم الأفلام من إنتاج وزارة المجاهدين وذوي الحقوق، أفلام تاريخية تعرض على الأطفال وفيما بعد يفتح النقاش حول هذه الأفلام المعروضة، كل هذه الأنشطة تندرج في إطار ترقية العمل المتحفي والمعرفة التاريخية،تشير ممثلة الوزارة.
وترافق كل هذه الأنشطة زيارات بيداغوجية داخل قاعة العرض، ويتلقى الزائرون شروحا حول الأجنحة المختلفة للمتحف.
وفي إطار تنمية روح القراءة والمطالعة لدى الأطفال- تقول ثابت- هناك ورشة أخرى في مكتبة المتحف خاصة بقراءة موجهة للأطفال تدعيما لسلسلة أمجاد الجزائر التي يصدرها المتحف موجهة للأطفال.
وتضيف: ” عندما يزور الطفل المكتبة ويشاهد جو قراءة القصص فيها، والكتب يعزز المعرفة التاريخية والذاكرة الوطنية لديه”.
وتؤكد ممثلة وزارة المجاهدين، على الإقبال الكبير جدا على المتحف، عائلات بأكملها قدمت من مختلف الولايات لزيارة المتحف وورشات ممتلئة وجدت صدى كبير جدا، تقول: ” هذا الإقبال الكبير يشجعنا على تعميم هذا البرنامج في كل العطل المدرسية والأسبوعية”.
الرسم يستهوي الأطفال
أول ورشة زرناها هي ورشة الرسم، التي كانت ممتلئة بالأطفال رفقة أوليائهم. أطفال سلمت لهم الأوراق والألوان لرسم العلم الوطني، وعند مدخل الورشة كان هناك طابور من الأطفال مصطفين ينتظرون دورهم للدخول والمشاركة في مسابقة الرسم.
البهجة رسمت على وجوه الأطفال الذين قدموا من مختلف الولايات، أعمارهم من 6 سنوات إلى ما فوق.
اقتربنا من عائلة جاءت من تيزي وزو، لزيارة المتحف لأول مرة، تقول والدة مولود وياسمين إنها استحسنت مبادرة ورشة الرسم، وتأمل في زيارة أخرى.
ويؤكد مولود وشقيقته ياسمين إعجابهما بما يحتويه المتحف الوطني للمجاهد من صور لزعماء المقاومة الشعبية وقادة الثورة، وأغراضهم الشخصية، منهم رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين العلامة الشيخ عبد الحميد بن باديس، وألة رونيو التي سحب بها بيان أول نوفمبر 1954، بعدما طافوا بمختلف أجنحة المتحف، وشاهدوا كيف كان يعذب المجاهدون وجرائم الإستعمار الفرنسي ضد الجزائريين من خلال معروضات أسلحة النابلم والقنابل التي كان يقصف بها الجزائريون، والمقصلة التي أعدم بها أحمد زبانة ورفقاءه.
وتعرفوا على أسلحة استخدمها المجاهدون في الثورة وبذلات كان يرتديها جنود جيش التحرير الوطني، وأدوات تمريض، وأجهزة سلاح إشارة، ومجسم تمثيلي لسياسة الأرض المحروقة ضد الجزائريين، والأسطول الجزائري الذي تحطم في معركة نافارين في 1827.
وبقاعة المحاضرات محمد بوراس عرض فيلم وثائقي حول اندلاع ثورة أول نوفمبر 1954، اكتظت القاعة بالأطفال من مختلف الأعمار وعائلاتهم.
وموازاة مع ذلك نظمت مسابقة رقمية ترفيهية ثقافية وتاريخية للأطوار التعليمية الثلاثة فما فوق بعنوان”اختبر ذاكرتك”، ومن الواحدة زوالا إلى الرابعة موعد مع المجاهد بعنوان” إحكي لي يا جدي”.
للإشارة، نظمت ندوة علمية حول دور المتاحف المجاهد في الأسبوع الأول من العطلة الشتوية، بمشاركة المتاحف الجهوية الستة بعنوان “متحفي..ذاكرتي”.