تتواصل الأيام الوطنية لمسرح العرائس على مستوى المسرح الجهوي كاتب ياسين بتيزي وزو، حيث تتنافس سبعة عروض مسرحية من مختلف ولايات الوطن على الجائزة الذهبية للجمعية الثقافية “إيراثن”.
الأيام الوطنية لمسرح العرائس في طبعتها الثانية، والتي نظّمتها الجمعية الثقافية “إيراثن” تحت إشراف وزارة الثقافة والفنون، وبالتنسيق مع مديرية الثقافة والفنون والمسرح الجهوي كاتب ياسين بتيزي وزو، إلى جانب مختلف السلطات، والتي يسدل الستار عليها اليوم، شهدت تكريم أحد أعمدة وعمالقة الفن الجزائري، الذي أدخل البهجة على قلوب العائلات الجزائرية، في وقت احتاج فيه الجزائريون للاستمتاع بالثقافة والفن، وذلك من خلال العروض المسرحية التي كان يقدّمها على ركح أبي الفنون، وأعماله الفنية المتنوعة على شاشات التلفاز وعبر أمواج الاذاعة.
الفنان أحمد قادري الملقّب بـ“قريقش” كان ضيف شرف الطبعة الثانية للأيام الوطنية لمسرح العرائس، التي عادت إلى أحضان جمهورها على مستوى المسرح الجهوي كاتب ياسين بتيزي زو، بعدما اقتصرت الطبعة الأولى على مواقع التواصل الاجتماعي بسبب جائحة كورونا، لتنظّم في طبعتها الثانية حضوريا أمام جمهور كان أغلبيته من الأطفال، وهو السر وراء اختيار تكريم هذه القامة الفنية التي قدّمت الكثير لهذه الفئة، من خلال النكت والأعمال الفنية التي بقيت خالدة في الأذهان، حيث كوّن أجيالا وقدّم الكثير للثقافة الجزائرية على مدار 76 سنة من العطاء الفني والثري.
الفنّان “قريقش” الذي غلبته الدموع، وعبارات الحسرة بادية على ملامحه، متأسّفا لما بات يُشاع أنهم “فنانون انتهت صلاحيتهم، ولم يتلقّوا تكوينا أو تعليما في أرقى وأكبر المعاهد والمدارس الفنية”، مشيرا إلى أنّ هذه العبارة التي أصبح يردّدها الكثيرون على مسامعه حزت في نفسه، وهو أب العطاء الفني الذي قضى سنوات عمره في التضحية والعمل الجاد لتقديم أرقى الأعمال الفنية، التي دخلت إلى بيوت العائلات الجزائرية لتكون ونيسهم في أصعب الأوقات، وهي تأشيرة دخوله إلى قلوب الجزائريين.
الفنان “قريقش” هذه المدرسة الفنية الراقية، عبّر عن سعادته للتكريم الذي خصّ به في تيزي وزو، والذي اعتبره مبادرة حسنة أعادته إلى خشبة المسرح، ولاقته بجمهوره من مختلف الأعمار خاصة الأطفال الذين تفاعلوا كثيرا مع نكته الذي ردّدها على خشبة المسرح، والتي يطغى عليها الحس الفكاهي المرح والمضحك، وهي البصمة التي ميزت الفنان عن أقرانه من الفنانين الآخرين.
مقرب إلياس: فن العرائس ما يزال في بدايته
أجمع منظّمو الطبعة الثانية للأيام الوطنية لمسرح العرائس، على أنّ هذا الفن ما يزال فتيا وفي بدايته بولاية تيزي وزو، التي تفتقر فعلا لجمعيات ناشطة في هذا الميدان، مؤكّدين أنّ هذا المسرح لم يلق الاهتمام الكافي الذي يجعله منافسا لمختلف الأصناف الفنية الأخرى، حيث تتوفر ولاية تيزي وزو على جمعية واحدة “الجمعية الثقافية ايراثن” التي اهتمت به، بالرغم من وجود عشاق وهواة هذا الفن، إلا أنهم لم يجدوا فضاءات للتعبير عن مكنوناتهم وتأطيرهم في فضاءات ثقافية تساعدهم على ترقية هذا الفن المسرحي، وهو ما أكده أيضا الأستاذ مقرب إلياس، أحد أعضاء لجنة تحكيم هذه الدورة، الذي أشار إلى أن الأعمال الفنية السبعة لهذه الطبعة لا تحوي على أي عمل باللغة الأمازيغية، حيث اقتصرت الأعمال المتنافسة على الجائزة الذهبية على عدد من ولايات الوطن، سكيكدة، غليزان، سيدي بلعباس، العاصمة، إلى جانب البليدة، وهران والشلف، وهذا ما يؤكد ـ يقول ـ اختفاء هذا الفن تقريبا في ولاية تيزي وزو وعدم الاهتمام به، بالرغم من أنه فن لا يحتاج إلى امكانيات ولا فضاءات كبيرة، بل يقتصر على قاعة عرض صغيرة، وأضاف أن الفنان هو من يتنقل إلى الجمهور، وبإمكانه صنع أشياء جميلة من خلاله، مشيرا إلى ضرورة الاستثمار فيه في منطقة القبائل، خاصة وأنه مسرح جواري يقترب من الطفل الصغير.
وستعتمد لجنة التحكيم التي يشارك فيها الاستاذ غرمولي، مقرب لياس والمخرج عبد الغني شنتوف في تقييمها للعروض المسرحية لهذه الدورة على عنوان المسرحية، السينوغرافيا، الديكور، إلى جانب مكونات العروس الدمية، لعب العروس والنص.
نبيلة قومزيان: نحن بصدد التّحضير للتّكوين في مسرح العرائس
أكّدت مديرة الثقافة والفنون نبيلة قومزيان، أن القطاع باشر العمل في الرقي بهذا الفن في ولاية تيزي وزو، وذلك من خلال الإعداد لورشات تكوينية في فن العرائس، والاعتماد على أساتذة مكونين من ولايات أخرى من الوطن، مضيفة أن الطبعة الثانية للأيام الوطنية لمسرح العرائس تزامنت مع عدة تظاهرات ثقافية وفنية، إلى جانب الاحتفالات بيناير، لهذا عملوا على تقريب هذه التظاهرة من الجمهور، وذلك بتنظيمها بمدينة تيزي وزو من أجل تمكين الجمهور من متابعة مختلف العروض المسرحية التي تتنافس على هذه الجائزة، كما أنها فرصة للتعريف أكثر بهذا الفن، الذي لم يأخذ حقه في ولاية تيزي وزو.
حدو حسين: تيزي وزو متأخّرة في هذا الفن
أشار مدير المسرح الجهوي كاتب ياسين بتيزي وزو، حدو حسين، أن ولاية تيزي وزو متأخرة نوعا ما في فن مسرح العرائس، مشيرا إلى أن المسرح قدّم مسرحيته الأولى سنة 2010 تحت عنوان “الجزيرة المفقودة”، والتي كانت تضم خمسة أصناف من العرائس، كما كانت هناك دورة تكوينية أولى من طرف الأستاذ غرمول والاستاذ لحبيب مجهري. وأضاف أنه منذ سنة 2010 لم يكن هناك عمل مسرحي جديد في هذا النوع الفني، “لهذا وجب تضافر الجهود من أجل تعزيز هذا الفن، وذلك بمساعدة الجمعيات الناشطة في الميدان من خلال الدورات التكوينية، كما أنهم سيعملون على إيصاله إلى المدراس بالتعاون مع مديرية التربية”.