بعد مرور 33 سنة من استضافتها لفعاليات الطبعة الـ17 من بطولة إفريقيا للأمم سنة 1990، ها هي الجزائر اليوم تتأهب لتكون قبلة لكرة القدم الإفريقية ومحجا للمنتخبات، من خلال احتضانها لبطولة إفريقيا للاعبين المحليين (شان-2022) من 13 يناير إلى 4 فبراير بمشاركة 18 دولة وذلك لأول مرة في تاريخ المنافسة.
بعد اختيارها لاستضافة الطبعة السابعة شهر سبتمبر من سنة 2018، حرصت الجزائر على توفير كل الإمكانيات من اجل ضمان النجاح الكبير لهذا الحدث الكروي الهام، بدءا من بناء ملعبين جديدين (براقي بالعاصمة وميلود هدفي بوهران)، إضافة إلى إعادة التهيئة الكلية للملاعب الأخرى مثل ما كان الأمر على مستوى ملعبي الشهيد حملاوي بقسنطينة و19 ماي 1956 بعنابة.
والأكيد أن النجاح المعتبر الذي عرفته دورة العاب المتوسطية التي احتضنتها ‘الباهية’ وهران الصائفة الماضية، قد أعطت للمنظمين فكرة واضحة وثقة اكبر بخصوص قدرة الجزائر على احتضان اكبر المواعيد، ما يؤكد أن الطبعة السابعة من بطولة إفريقيا للاعبين المحليين ستكون هي الأخرى موعدا استثنائيا سيبقى راسخا في أذهان محبي الساحرة المستديرة.
وبهذا الخصوص، كان رئيس الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم باتريس موتسيبي قد صرح خلال ندوة صحفية نشطها يوم 21 ديسمبر المنصرم بجنوب إفريقيا أن “هيئته متحمسة كثيرا لمشاهدة بطولة إفريقيا للاعبين المحليين المقررة في الجزائر. أنا متيقن أن الطبعة السابعة في الجزائر ستكون الأحسن على الإطلاق”.
من أوبرا الجزائر.. تم إطلاق الحدث
ومن اجل إطلاق الحدث الكروي الخاص باللاعبين المحليين لكرة القدم، كانت الكونفدرالية الإفريقية قد أشرفت على عملية قرعة المرحلة النهائية التي جرت بأوبرا الجزائر بوعلام بسايح، بحضور رئيس الهيأة القارية وأعضاء مكتبه التنفيذي.
وبصفة الدولة المنظمة، وضع المنتخب الوطني الجزائري للمحليين في المجموعة الأولى وسيستضيف مقابلاته بالجزائر العاصمة.
فالمنتخب الوطني للمحليين الذي يسجل ثاني مشاركة له في هذه المنافسة القارية بعد الأولى التي جرت بالسودان (2011)، سيلعب في مجموعة تضم كل من ليبيا التي توجت بطبعة 2014 ومنتخب إثيوبيا (صاحب 3 مشاركات) وموزمبيق ب(مشاركتين).
وبخصوص مواجهات الدور الأول، قال الناخب الوطني مجيد بوقرة، عقب عملية سحب القرعة مباشرة: “سنستهل المنافسة بحوار كروي مغاربي مشوق أمام منافس ليبي نعرفه جيدا (…) الأكيد أننا سنخوض المنافسة بجدية كبيرة وشعارنا فيها سيكون احترام كل المنافسين باعتبار أن كل منتخب يريد الذهاب بعيدا في المنافسة. فانا متفائل بقدرتنا على لعب بطولة مميزة وهذا لا يعني أن المأمورية ستكون يسيرة”.
كما أسفرت عملية القرعة عن مجموعة ثانية وصفها المتتبعون بالأصعب باعتبارها تضم كل من جمهورية الكونغو الديمقراطية (صاحبة الرقم القياسي من التتويجات 2009 و2016) وكوت ديفوار (صاحب المركز الثالث في طبعة 2016)، والسنغال (صاحب المركز الرابع في طبعة 2009)، فيما يكتمل نصاب هذه المجموعة بمنتخب أوغندا الذي كان قد أعلن في وقت سابق انسحابه من الدورة قبل العدول عن قراره ليكون حاض بدورة الجزائر التي سيسجل فيها سادس مشاركة له مناصفة مع منتخب جمهورية الكونغو الديمقراطية.
أما مقابلات المجموعة الثالثة فتتكون من أربع منتخبات هي المغرب ومدغشقر الذي سيوقع على أول مشاركة له في هذه التظاهرة، فيما سيواجه منتخب غانا – المتأهل مجددا للمرحلة النهائية التي غاب عنها منذ تنشيطه لنهائي طبعتي 2009 و2014- منتخب السودان صاحب المركز الثالث في المشاركتين السابقتين 2011 و2018.
ووضعت القرعة منتخب مالي، منشط الطبعة السابقة من بطولة إفريقيا للاعبين المحليين في المجموعة الرابعة، رفقة كل من أنغولا وموريتانيا، في مجموعة ثلاثية تبدو معطياتها في صالح منتخب مالي، فيما تتشكل المجموعة الخامسة من كل من الكاميرون وكونغو برازافيل والنيجر.
ملاعب جديدة تتأهب للاهتزاز على وقع الفرجة والإثارة
ومن اجل ضمان التنظيم الجيد للحدث، لم تدخر الجزائر أي جهد في توفير كل الإمكانيات، انطلاقا من تدعيم حظيرة المنشئات الرياضية الوطنية بملعبين جديدين يستجيبان لكل المقاييس الدولية هما (براقي بالعاصمة وميلود هدفي بوهران في انتظار تسلم ملعبي الدويرة وتيزي وزو).
فملعب براقي (نيلسون مانديلا) الذي يتسع لـ40 ألف متفرج، سيتشرف باحتضان مباريات المنتخب الوطني في الدور الأول، انطلاقا من المقابلة الافتتاحية بين الجزائر وليبيا (00ر20سا)، لقاء في ربع النهائي ونصف النهائي ثم نهائي الدورة.
ويضاف إلى ذلك ملعب ميلود هدفي الذي استلم سنة 2022 ويتسع ل40 ألف متفرج والذي سبق وأن احتضن عدة مقابلات ودية للمنتخب الوطني. وبشهادة المختصين، يعد هذا الملعب جوهرة حقيقة بالنظر إلى هندسته الرائعة التي ترشحه لان يكون اللعب فيه خلال الدورة المقبلة من بطولة إفريقيا للمحليين، مثل ما حرصت على تأكيده الكونفدرالية الإفريقية للعبة عند تقديمها للملاعب التي تحتضن فعاليات ‘الشان’.
وبالإضافة إلى ميلود هدفي ستقام منافسات دورة الجزائر بملعبين آخرين هما ملعب 19 ماي بعنابة والشهيد حملاوي بقسنطينة اللذان خضعا لعملية إعادة تهيئة كبيرة أعادت لهما وجههما الحقيقي الذي يليق بقيمة التسمية التي يحملانها.
بقدرة استيعاب تقدر بـ52 ألف متفرج، سبق لملعب عنابة الذي دشن في شهر يوليو من سنة 1987 ويعد احد اكبر الملاعب الجزائرية أن احتضن مقابلات المجموعة الثانية من بطولة كاس إفريقيا للأمم التي احتضنتها الجزائر سنة 1990.
من جهته، يعد ملعب قسنطينة -الأصغر- من حيث قدرة الاستيعاب بـ22 ألف متفرج، احد أقدم الملاعب باعتبار انه سلم في شهر يوليو من سنة 1973، وبمناسبة استقباله لمقابلات ‘الشان’ أعيد تغطية أرضيته بالعشب الطبيعي. كما زود بشاشة عملاقة، إضافة إلى تجديد مدرجاته وتحصين أسقف مدرجاته وفتح مداخل جديدة متوفرة على بوبات الكترونية.
ومن خلال كل هذه المعطيات، يبدو أن الجزائر قد استكملت تحضيراتها لاحتضان العرس القاري للمحليين، الذي ستستغله لجنة التنظيم -دون شك- لإقناع الكونفدرالية الإفريقية الإفريقية للعبة (كاف) بخصوص قدراتها التنظيمية في إطار مسعاها لنيل شرف تنظيم كاس إفريقيا للأمم 2025. ومن هنا إلى ذلك التاريخ سيكون الجمهور الجزائري دون شك “حلقة جد مهمة في إنجاح العرس”. كما سيكون على موعد كبير بالفرجة والإثارة من خلال المقابلات التي سينشطها أبناء إفريقيا بأرض الجزائر.