قدّم الرئيس تبون، في مجلس الوزراء الأخير، توجيهات تخصّ الفعل الثقافي، ووضع سطرا – غاية في الأهمية – تحت ماهية “السينما” ووظيفتها حين قال صراحة إنها لا تتوقف عند حدود التّسلية، فـ«الفعل السينمائي” له دوره الفاعل في بناء الفكر، وتسيير القيم العليا للأمة، ولنا في هذا أمثلة كثيرة عن جمل بسيطة ذات محمولات قيمية خالصة، تحوّلت إلى مأثورات اجتماعية، وصار لها دورها الفاعل في الحياة اليومية للجزائري.
وليس من المبالغة في شيء، إذا قلنا إنها المرّة الأولى التي نستمع فيها إلى رئيس جزائري يقول في ّ«الفعل الثقافي” ما ينبغي أن يقال، فـ«الثقافة” عموما بقيت ببلادنا مجرد ديكور لا يضيف شيئا إلى الحياة العامة، ووظيفته – في ذروتها – ظلت متوقفة عند حدود توزيع “الريع”، أو إقامة نشاطات بسيطة يمكن أن تتكفل بها أي وكالة حفلات، حتى إن “الثقافة” ترسخت في المخيال العام الجزائري على أنها (غناء ورقص)..
ولا يخفى على من قرأ التزامات الرئيس تبون، أن “الثقافة”، في برنامجه، عنوان محوري، وليست سقط متاع. ولقد أطلق مشاريع عديدة من أجل منح القطاع فاعليته في المشهد العام؛ وعلى هذا، ينبغي أن نفهم بأن الرهان على “الفعل السينمائي” لا يمكن أن يستوعب “الهواة” و(فارغي الشغل) ممن تعوّدوا على (كعك الثقافة)، فالمسألة الآن جادّة، والمطلوب تشييد الصّرح السينمائي الذي يخدم الأمة، ويسهم في بناء الشخصية، ويحافظ على القيم الجزائرية الأصيلة..
صراحة.. الفعل الثقافي ببلادنا ظلّ دائما “كمًّا مهملا”، ولقد جاءه الرئيس تبون بالأساس الفكري الواضح، ومنحه ما يبعث الحياة في أوصاله، ويوفر له الأدوات التي تكفل له الإسهام في الجهد الوطني، ليكون فاعلا حقيقيا في الحياة العامة، وليس مجرّد (وكالة حفلات)..