قال ممثلون عن الأسرة الثورية ومؤرخون، لـ”الشعب اونلاين”، إن الجزائر ليست بحاجة إلى أن تطلب من فرنسا الإعتذار، لأن تاريخ بلادنا مشرف ولا يمكن محوه.
وبحسب هؤلاء، فإن تصريحات الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، لمجلة فرنسية برفضه طلب الصفح “شأنه هو لأنه يتعرض لضغوط الحركى والأقدام السوداء واليمين المتطرف”، ودعوا إلى الاهتمام بما يخدم مصلحة الجزائر اقتصاديا واجتماعيا وتكنولوجيا.
قال رئيس الفيدرالية الوطنية لأبناء الشهداء، محفوظ طيلب، أن التاريخ بين الجزائر وفرنسا معروف ومبني على استعمار مدته 132 سنة وما انجر عنه من اغتصاب أرض وإبادة شعب واستنزاف ثروات.
وأبرز أن موقف الفيدرالية هو ما أكدته الدولة الجزائرية في أن العلاقة بين البلدين تبقى علاقة إقتصادية، ويبقى التاريخ تاريخ.
وذكّر طيلب، باللجنة الخماسية التي نصبت مؤخرا وتضم المؤرخين من الطرفين لدراسة الأمور المتعلقة بتاريخ الثورة التحريرية والاستعمار الفرنسي.
وقال: “الرئيس الفرنسي يتكلم من حين لآخر هذا لا يعنينا، اللجنة الخماسية المشتركة المكلفة بدراسة الملفات العالقة، لديها مهمة تقوم بها”. وبحسبه، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في كل مرة يتلاعب بإطلاق تصريحات.
المجاهد بوعوير: لسنا بحاجة إلى الاعتذار.. تاريخنا مشرف
وأبرز المجاهد وعضو مجلس الأمة، صالح بوعوير، أن تاريخ الجزائر كبير ومشرف، ولا يمكن محوه ولا يسمح بالقفز عليه، وأن الجزائر ليست بحاجة لأن تطلب فرنسا الصفح عن الجرائم التي ارتكبها الإستعمار الفرنسي منذ 1830 في الجزائر.
وقال: “رفض ماكرون الصفح هذا أمر يخصه. بالنسبة لي الاعتذار أمر شكلي، ولا يعني محو الجرائم التي ارتكبتها فرنسا في الجزائر. الأمر واقع ونحن من حقنا تقديم شهادات عما عشناه”.
وأشار إلى أن تصريحات الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، نابعة من ضغوط اليمين المتطرف والترويج لحملته الانتخابية.
وذكر المجاهد بوعوير، بمعاناة الجزائريين إبان الإحتلال من تشريد وتجهيل وتعذيب ما يزال آثاره على أجسام المجاهدين إلى يومنا هذا، وعشرات الاعتذرات من فرنسا لا تمحوها، أضاف محدثنا.
وأشار عضو مجلس الأمة إلى أن فرنسا تسعى للكذب، جرائمها واضحة، وتريد تغطيتها. ليس لديها مخرج آخر. وأكد أن الثورة الجزائرية لها رصيد تاريخي كبير. وقال: “الحمد لله لدينا رصيد تاريخي عميق وكبير قادرين على تسيير أمورنا. علينا فقط صيانته وإعطاءه قيمة أكثر والترويج له محليا ودوليا. فرنسا تحاول طمس تاريخنا ومن قام بجرائم ينده له جبين الإنسانية لا يمكننا أن نطلب منه الاعتذار”.
وأضاف بوعوير أن هناك من يريد تقديم قراءات أخرى لتاريخنا، نكتفي بحقائقنا ولدينا الوثائق التي تثبت وتوثق جرائم الإستعمار الفرنسي في الجزائر.
وأشار إلى أن رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، كان واضحا حين قال إن لدينا علاقات مع فرنسا على أساس المصلحة المشتركة واحترام متبادل الذي يفرضه الحاضر، لكن –أضاف عضو مجلس الأمة- تاريخيا الإستعمار الفرنسي عدونا.
بوحوش: علينا أن نفكر فيما يخدم الجزائر ولا نبقى أسرى الماضي
يرى المؤرخ عمار بوحوش، أن تصريح ماكرون بعدم طلب الاعتذار، بسبب أنه واقع تحت ضغط مجموعات في فرنسا هم الحركى، الاقدام السوداء و”فرنسي الجزائر”.
يقول بوحوش: “الرئيس الفرنسي يدافع عن مصلحته الشخصية ومصلحة بلده، يخاف الإدلاء بتصريحات أخرى يمكن أن تتسبب له في مشاكل ويقدموه للمحاكمة، هو مضطر لتهدئة الانتقادات الداخلية، وبالنسبة للجزائر فخطئهم هو تمسكهم دائما بالأفكار القديمة البالية”.
وأضاف: “لا يهمنا إذا قدم ماكرون زيادات للجنود والحركى، الذين خدموا في الجزائر، علينا أن نهتم بشعبنا والأسرة الثورية، الجزائر اليوم موجودة وتؤدي دورها وحررت بلدها، لا أفهم لماذا دائما نتشبث بالماضي، لا تنفعنا تصريحاتهم بأن الجزائر لم تكن دولة”.
ويرى المؤرخ انه يجب أن تكون براغماتية في التعامل مع قضية الإستعمار، وإيجاد مشاريع مشتركة لتحسين وضعية الشباب في الجزائر، والمهاجرين وكيف تستفيد بلادنا. هذا هو المهم، وأيضا التركيز على الجوانب المفيدة للشباب الحالي والجزائريين الذين تضرروا من النابلم والتفجيرات النووية في الصحراء، بتشييد مستشفيات ليعالجوا فيها وتمنح حقوقهم، يقول بوحوش.
وأشار المؤرخ إلى أنه ضد فكرة اجترار الماضي، والأجدر بنا الاهتمام بالأسرة الثورية والإنتاج التاريخي مما كتب عن الثورة الجزائرية، وتطوير ما بحوزتنا وما يفيد الجزائر، ولا نبقى أسرى الماضي.