يعاني كثير من مستعملي «بطاقة الشّفاء»، وأصحاب الأمراض المزمنة منهم بصفة خاصة، من آلية «تحديث» بطاقاتهم، وكثيرا ما يضطرون إلى تأخير الحصول على أدويتهم، أو قضاء أيام وليال دون علاج؛ لأنّهم لا يكتشفون أنّ «الشّفاء» تحتاج إلى تحديث، إلا وقت تسليم الوصفة للصيدلي، كي يروه حين يرسم على جبينه علامات الأسف، ثم يستدير ليعرب عن (تضامنه) مع المصابين بالأمراض المزمنة، والعطل المستدامة..
ولقد تعوّد بعض الصّيادلة عندنا، على «التعامل» مع المرضى بـ (الكريدي)، فالواحد لا يعرف ما يحدث في حالات «الضغط» و»السكر» (عافانا الله وإيّاكم)، ولكن، يبقى على المريض واجب المسارعة إلى مركز الضمان الاجتماعي، كي يقضي يوما أو بعض يوم في تحديث بطاقته، غير أنّه لن يسلم – عادة – من تلك الجملة الشّهيرة الصادمة: (الريزو ما كانش)..ما يعني أنّ «التّحيين» يجب أن يصبر اليوم واليومين، وقد يحتاج الأسبوع والأسبوعين، وفق ما يسمح به سيدنا (الريزو)، حتى إذا تحيّنت البطاقة، ينقلب المريض إلى الصّيدلي مسرورا، فيأخذ دواءه، وينصرف إلى حال سبيله..وكل شيء جميل..
وكان الأمر سيبقى جميلا، لو أنّ دورة بطاقة الشّفاء تتوقّف هنا، لكن «الدواء» ينتهي مع الوقت، ويضطر المريض إلى طبيبه من جديد، فيسلّمه وصفة جديدة، يأخذها مسرورا إلى الصيدلي، ويكتشف – هذه المرة – أنّ الدواء انتهى، قبل أن يستوعب الكمبيوتر موعد الدواء الجديد، فيتأسّف الصيدلي من جديد..ويبقى المريض دون دواء إن لم يكن قادرا على الدّفع…هذه تحدث حتى عندما يكون (الريزو موجودا)؛ لأنّ هناك علب أدوية من ثمان وعشرين حبة، لكن الكمبيوتر يسجلها على أنّها تغطي شهرا كاملا، أي ثلاثين يوما، ما يعني أنّ طلب الدّواء يسبق موعده مع كل وصفة جديدة، بستة أيام كاملات..والعناء يتواصل..