أثار تقرير نشرته «الجزيرة الوثائقية» حول «الأمن الغذائي»، كثيرا من اللّواعج والأسى، وخفقان القلوب وارتفاع الحمّى؛ لأنه تضمّن معلومة تفيد بأن «الجزائر» واحدة من خمس دول عربية فقط، تحظى بـ»فضيلة» الأمن الغذائي؛ أي أنها قادرة – بحمد الله – على «توفير الغذاء لجميع أفراد المجتمع، بالكمية والنوعية اللازمتين للوفاء باحتياجاتهم بصورة مستمرة، من أجل حياة صحيّة ونشطة».. تماما مثلما هو تعريف منظمة «فاو» لـ»الأمن الغذائي»..
ولا نعرف سببا لـ(الوجعة) التي أصيب بها بعضهم، من التقرير، فالجزائر لا تطلب خبز يومها من أحد، والجزائري لم يتعوّد على العيش عالة على العالم، وإنما يكتفي برزق الله ويتوكل عليه وحده، ولقد سجّل التّاريخ أن الجزائري لا تغريه أرزاق الآخرين، وإنما يهبّ كي يقتسم رغيفه مع المحتاج، بل يقتلع اللقمة من فمه كي يضعها في فم صاحب الحاجة؛ ذلك لأن «الجينات» الجزائرية معجونة بالأنفة، والأخلاق الجزائرية مؤسسة على الكرامة، والروح الجزائري لا يرضى بالهوان..
ولم نكن لنتحدث عن «أوجاع» الـ(بعضهم)؛ فضررها موقوف على الموجوعين وحدهم، ثم إننا نعلم أن (النار تأكل بعضها إن لم تجد ما تأكله). ولكنّنا، مع هذا، أردنا التنبيه إلى (المرض العضال) الذي (يدشدش) عظام الـ(بعضهم)، ويحرمهم الرقاد؛ لأنهم لا يقدرون على رؤية الجزائريين مرتاحين في معيشتهم، حتى كأنهم يصرفون عليهم من خاصة جيوبهم؛ فالـ(بعضهم) مصابون بـ»حسد مستدام»، و»حقد زؤام» ينبع في خاصة قلوبهم، ويدفعهم دفعا إلى الاعتداء على الآخرين، والتلهي بهم..
لن ننسى أبدا شهادة واحد من كبار المجاهدين، سألناه عما جاد به الـ(بعضهم) لثورتنا التحريرية، فقال بالحرف الواحد: «لم يكن يأتينا كيلو من الأرز، إلا ويستولون منه على النصف.. فلا تسألني عن مساعدة (البعضهم)»..
هنالك تذكّرنا قول المتنبي: (جوعان يأكل من زادي ويمسكني..)..