يتحدث النائب بالمجلس الشعبي الوطني وخبير اقتصادي عبد القادر بريش، عن الشروط الضرورية التي ينبغي أن توفر للوالي من أجل تجسيد تعليمات رئيس الجمهورية بعد أن منحهم ضمانات قوية غير مسبوقة، وأكّد على التحلي بالجرأة في اتخاذ قرارات، تتعلق بتعميق وتوسيع التنمية المحلية، كما راهن الخبير كثيرا على تعليمات القاضي الأول في البلاد في تغير وجه التنمية المحلية واستحداث أقطاب اقتصادية تتنافس فيما بينها على ضخ الثروة.
ماذا ينتظر من الولاة بعد أن منحهم رئيس الجمهورية الضوء الأخضر في اتخاذ القرارات وتوسيع الاستثمارات دون اللجوء إلى الوزارات عبر تحرير المبادرة والجرأة في اتخاذ القرارات المحلية لتسريع وتيرة التنمية المحلية ؟
عبد القادر بريش: الملاحظ أن رئيس الجمهورية خلال في كلمته خلال اللقاء الأخير واللقاءات الأربع السابقة مع الحكومة والولاة قد تدرج في الخطاب، وفي كل مرحلة يعطي مجموعة من التوجيهات والقرارات تجاه الجماعات المحلية وخاصة الولاة ورأينا في اللقاء السابق، كان أعطى إشارات وحرر الولاة من القيود النفسية والإكراهات التي كانوا يعيشونها ومفروضة عليهم نتيجة مخلفات المرحلة السابقة، وأما خلال اللقاء الأخير نستطيع القول، إنه وضع الولاة أمام مسؤولياتهم وأعطاهم ضمانات كافية بحيث اعتبر بأنهم يمثلون ويديرون الحكومة وكأنهم رؤساء حكومة على المستوى المحلي، وأمرهم بالمزيد من حرية المبادرة والمزيد من تسهيل وجذب عملية الاستثمارات وتحريك عجلة التنمية المحلية، وكذلك يمكن الوقوف على ضوء خطاب رئيس الجمهورية على مسألة مهمة وفصل فيها، أنه من الضروري أن يقتنع الجميع بأن النظرة إلى الجماعات المحلية يجب أن تتغير من المقاربة الإدارية المرفقية إلى المقاربة التنموية، وبذلك يصبح من مهام الوالي باعتباره يمثل الدولة في الولاية كمسير يتخذ القرارات إلى مسؤول يتخذ القرارات خاصة أن هذه القرارات ستكون أكثر في شقها الاقتصادي، على اعتبار أن الأولويات في الوقت الراهن بالنسبة للجزائر، تتمثل في رهان الإقلاع الاقتصادي وبعث التنمية بل وتشجيع كل فرص التنمية واستغلال الموارد الاقتصادية المتاحة في كل ولاية وتثمينه، وهذا ما أكد عليه رئيس الجمهورية من خلال حرصه على تحرير المبادرة وتشجيع الاستثمار وإزالة كل العراقيل البيروقراطية والإدارية وبعض الممارسات التي كانت تكبح هذا التوجه الذي يتطلع إليه الجميع، والمتمثل أن يكون عام 2023 سنة تكريس المكاسب المحققة، والتوجه نحو الإقلاع الاقتصادي الحقيقي والتنمية الاقتصادية الحقيقية خاصة مسألة التنمية المحلية التي يوليها رئيس الجمهورية أهمية كبيرة.
منح رئيس الجمهورية الولاة هامشا واسعا من الضمانات، وقال إن أي خطر لن يطال شخصهم.. هل سنرى دورا جديدا فعالا سيقوم به الوالي في المرحلة المقبلة؟ وكيف سينعكس ذلك على التنمية الاقتصادية؟
صحيح أن رئيس الجمهورية أعطى ضمانات وحرر الولاة ومنحهم دفعا نحو تحمل مسؤولياتهم في اتخاذ القرارات التي يرونها مناسبة، دون الرجوع إلى أي طرف، أو انتظار تعليمات من أي جهة كانت، بل ذهب رئيس الجمهورية إلى أبعد من ذلك، عندما قال إن الوالي بإمكانه توقيف أي مسؤول، يرى أنه غير مساير للحركية الاقتصادية والدينامكية التي يتطلع من خلالها لبعث التنمية المحلية، وكذلك المسؤول المتسبب في عرقلة مسار التنمية، بإمكان الوالي إقالته فورا، هذا من جهة ومن جهة أخرى، بقدر ما تعتبر هذه الضمانات دعما للولاة كمسيرين على المستوى المحلي، بقدر ما نحتاج إلى ترجمة الإرادة السياسية لرئيس الجمهورية إلى نص قانوني ومن الضروري أن يتوفر قانون أساسي للولاة ليحدد مهمة وصلاحياته وواجباته ويوفر له الحماية القانونية اللازمة.
.. وهذا ما ننتظره من الحكومة لإعداد نص تشريعي خاص بالقانون الأساسي للولاة وترجمة إرادة الرئيس، ويضاف إلى ذلك ما تضمنته كلمة الوزير الأول، لأنها جاءت قوية وكذلك داعمة لهذا التوجه، وبالإضافة إلى دعم كل مبادرة ويتعلق بالفرص الاستثمارية والتنمية المحلية، مع تثمين الموارد والفرص حسب خصوصية كل منطقة من حيث الموارد البشرية والطبيعية والسياحية، وبهذا نذهب في مرحلة لاحقة أي إلى كيفية التحول إلى الرؤية بالمنظور الجغرافي الاقتصادي، والسعي إلى إنشاء أقطاب امتياز وأقطاب اقتصادية تصبح متنافسة فيما بينها على جلب الاستثمارات وتتنافس على تحقيق بيئة جديدة داعمة للاستثمارات، وهذا من شأنه أن يسمح برفع حجم الفرص ونسبة النمو، وإنتاج القيمة المضافة.
ما المطلوب من الوالي بعدما صار مسؤولا عن تسريع وتيرة التنمية والقضاء على البيروقراطية، والمشرف على تجسيد البرنامج الاقتصادي الوطني ببعده المحلي؟
المطلوب من الولاة في الوقت الحالي، بعد أن حررهم رئيس الجمهورية من الضغوطات ورفع عنهم الإكراهات والحرج، ومنحهم الضمانات ووضعهم أمام مسؤولياته، أن يكونوا اليوم في مستوى هذه المسؤولية، بل ويتحملوا مسؤولياتهم كاملة، وأن تكون لديهم رؤية وبرنامج وحرص على تنفيذ هذه التعليمات والتوصيات، ويسهروا على تجنيد كل الموارد واستنهاض كل القوة سواء كانت بشرية أو اقتصادية واستثمارية، بهدف خلق فرص التنمية الحقيقية على المستوى المحلي أي على مستوى الولاية والبلدية وأعتقد أن أحد المؤشرات التي سيحكم عليها حول فعالية ونجاعة أداء الولاة وترقية الولاة وعزلهم، تتمثل في مدى تحقيق هذه الأهداف والاستثمارات وفرص العمل على مستوى الولاية.
ما هي الشروط اللازمة لكي ينجح الوالي في تأدية مهمته المقبلة خاصة في ظل تأكيد الوزير الأول على التقييم الشهري والدوري لإنجازات الولاة وكذا تقييم المشاريع قبل الانتهاء من إنجازها وليس بعد الانتهاء؟
أعتقد أن الشروط التي ينبغي أن تتوفر للوالي ليمارس مهامه والأهداف المرجوة منه، تتمثل في شروط تنظيمية وقانونية يحدد مهام وواجبات الولاة ويرتقب في الأسابيع المقبلة نزول قانون إلى البرلمان خاص بالجماعات المحلية من أجل المصادقة عليه ووضعه حيز التنفيذ وهذا القانون المرتقب منه توضيح الصلاحيات ما بين المنتخب والمعين أي الإداري والوالي ويمنح صلاحيات للجماعات المحلية والمجالس المنتخبة ويكرس المقاربة الاقتصادية التنموية للجماعات المحلية والمقاربة التشاركية للمجتمع المدني، وكان رئيس الجمهورية قد حرص على إشراك المجتمع المدني واستماع الولاة لانشغالات المواطنين، والقانون المرتقب يكرس الحوكمة المحلية التي تحقق أهداف التنمية المحلية المستدامة والأثر الايجابي على حياة المواطنين محليا بتحسين أداء المرفق العمومي وجودته، بتوفير فرص العمل وامتصاص البطالة وتثمين الموارد المحلية وكل هذه الشروط يجب أن تتوفر، ويجب أن يعمل الوالي إلى جانب مختلف السلطات على المستوى المحلي على خلق هذه البيئة أو بيئة الاستثمار الداعمة لجلب الاستثمار.