قد نرتكب في معاملاتنا اليومية أخطاء في حقّ أهلنا وأحبائنا، وتكون أخطاؤنا فادحة إن لم نتداركها بالاعتراف والاعتذار والتقويم، وتركناها لتتراكم وتتحوّل إلى معضلات لا نجد لها حلولا موضوعية، فكلّما تراكمت الأخطاء، تحوّلت إلى أعباء يصعب الخلاص منها..
وما دام الإنسان إنسانا، فإن دأبه الخطأ، والمخطئ الأصيل ليس سوى ذاك الذي يركب رأسه، ويعتبر أنه يقول بـ»الحقيقة» الخالصة، مع أن هذه «الحقيقة» لا يمكن أن تكون «خالصة» من وجهة نظر إنسانية، فالأصل فيها أنّها نسبية؛ ولهذا، فإن ما يراه الواحد من الناس، ليس – في مجمله – سوى اجتهاد قد يصيب فينفع، أو يخطئ فيضرّ، غير أن الضّرر يكون محدودا إن كانت النيّة مؤسّسة على النفع، وكانت الغاية الإصلاح، والمشكلة، مهما تكن، لا يمكن أن تكون معضلة إلا إذا اختلقها (الراس اليابس)..
المسألة، إذن، متعلّقة بـ»الغاية» أو «المقصد»، وكلّ عمل يتأسس على نيّة صالحة، يؤتي ثمراته بالتأكيد، حتى إن اعتراه النّقص. ولسنا نشكّ مطلقا بأن المعاملة اليومية لا تترك دليلا عن (المقاصد) إلا وتقدّمه؛ ولهذا بالضبط، شجع الرئيس تبون الولاة على خدمة المواطنين دون توجّس من (قراءة) ولا تخوّف من (تأويل)، ولو أن الواحد من الناس يقف عند كلّ خطوة ليحسب لها الممكن من التأويلات، فإنه لن يخطوها، ثم إن الرئيس قدّم ضمانة مؤكدة، وهي عدم الأخذ بالرسائل المجهولة، ولا الشكاوى الكيدية، فلم يبق، أمام جميع المسؤولين، سوى إخلاص النّية في العمل، وجعل مصلحة الوطن والمواطن الغاية العليا..
إن الفلسفة الراقية التي يؤسس عليها الرئيس تبون منهج عمله، تفتح الآفاق أمام الجزائر الجديدة، وتمنحها فرصتها التاريخية كي تتبوأ مكانتها الراقية في محفل الأمم، وما الانتصارات المتوالية لبلادنا، على جميع المستويات، سوى ثمرات لهذه الفلسفة.. وليرحم الله الرئيس بومدين القائل: (اللي ما يخدمش، هو اللي ما يغلطش)..