أدانت الجزائر، الجمعة، بشدة المجزرة الدموية التي ارتكبها جيش الاحتلال الصهيوني في مخيم جنين بالأراضي الفلسطينية المحتلة والتي خلفت عشرات الشهداء والجرحى.
دعت الجزائر المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل ضد المسؤولين عن هذه الجريمة النكراء وسلسلة الاعتداءات المتكررة والشنيعة بحق الشعب الفلسطيني، وفق ما أفاد بيان لوزارة الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج.
جاء في البيان: “و إذ تتقدم بأخلص التعازي والمواساة للأشقاء الفلسطينيين قيادة وشعبا على إثر هذه الجريمة النكراء، تجدد الجزائر دعمها الراسخ للقضية الفلسطينية العادلة وتضامنها الدائم مع الشعب الفلسطيني الأبي الذي طالما طالبت الجزائر بتوفير الحماية الدولية له من قبل مجلس الأمن الأممي ووضع حد لحالة اللامبالاة الدولية التي ساهمت إلى حد كبير في إمعان السلطة القائمة بالاحتلال في جرائمها وتحديها السافر لكافة القوانين والشرائع الدولية”.
واعتبر بيان الخارجية أن “هذا التصعيد العنيف من قبل الاحتلال الصهيوني ضد المدنيين الفلسطينيين العزل، يؤكد ضرورة مواصلة الجهود بشكل عاجل لإعادة توحيد الصف الفلسطيني بشكل فعال وتعزيز الصمود لضمان الحماية للشعب الفلسطيني وتكريس حقه في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس”.
10 شهداء في المجزرة
استشهد أمس الأول 10 فلسطينيين، 9 منهم داخل مخيم جنين بالضفة الغربية، بينهم سيدة مسنّة، وجرح العشرات إثر اقتحام قوات الاحتلال مدينة جنين ومخيمها، فيما تضررت العديد من المرافق العامة والمنازل جراء استخدام الجرافات العسكرية والأليات المدرعة خلال الاقتحام الذي وصف بالأعنف منذ تكثيف جيش الاحتلال لعمليات الاقتحام شبه اليومية لمدن وقرى فلسطينية في الضفة.
نفذت قوات الاحتلال الصهيوني الخميس مجزرة بشعة بحق تسعة فلسطينيين تتراوح أعمارهم بين 18 و61 سنة، خلال عملية اقتحام موسعة لمخيم جنين، امتدت على مدى 4 ساعات، وقتلت فلسطينيا عاشرا خلال مواجهات في رام الله. فيما أعلنت القيادة الفلسطينية إلغاء التنسيق الأمني مع الاحتلال الغاصب.
وكانت قوات الاحتلال قد اقتحمت مخيم جنين والمناطق المحيطة به بعشرات السيارات العسكرية المعززة بالقوات الخاصة وطائرات الاستطلاع زاعمة ورود معلومات استخبارية عن نية تنظيم الجهاد الإسلامي تنفيذ هجوم كبير، دون تقديم دليل أو تفاصيل. ونفذت عملية محاصرة لمنزل تحصّن بداخله مقاومون، حيث دارت اشتباكات مسلحة عنيفة ارتقى خلالها الشهداء التسعة.
لكن الهجوم على المخيم لم يكن محصوراً بالمقاومين الذين استهدف جيش العدو منزلهم بالصواريخ، إذ استشهد آخرون، بينهم سيدة. وأظهرت لقطات مصورة منازل مهدمة وأخرى محترقة، وطائرة “درون” تسقط، وآثار انفجارات، فيما عانت سيارات الإسعاف في نقل الجرحى إلى المستشفيات.
ودمرت قوات الاحتلال منزلا يعود لعائلة علاء الصياغ، أحد شهداء مخيم جنين في أحداث 2002، فيما حطمت الجرافات عشرات المركبات واقتحمت نادي مخيم جنين الرياضي حيث دمرت الجدران ومرافق عامة.
وخلال عملية الاقتحام، حاصرت القوات الصهيونية المخيم ومستشفى جنين الحكومي كما منعت سيارات الإسعاف من الوصول إلى مكان وجود الجرحى.
وقالت وزيرة الصحة الفلسطينية مي الكيلة، في مؤتمر صحافي في رام الله، أن الاحتلال اقتحم مستشفى جنين الحكومي، وأطلق بشكل متعمد قنابل الغاز المسيل للدموع تجاه قسم الأطفال في المستشفى، ما أدى لإصابة أطفال مرضى وذويهم وطواقم طبية بحالات اختناق.
غضب وحداد
وفي أجواء من الغضب والإصرار على الانتقام والمواجهة، شيّعت جماهير حاشدة، مساء الخميس، جثامين شهداء جنين، وردد المشاركون الهتافات المنددة بجرائم الاحتلال، والداعية إلى مواجهته والانتقام لأرواح الشهداء والسير على طريق المقاومة.
سياسيا، اعتبر الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية، مصطفى البرغوثي، ما جرى في جنين “مجزرة دموية وعدوانا بربريا وحشيا اقترفه جيش الفاشيين نتيجة صمت دولي كبير على الحكومة الفاشية الصهيونية، ولن يوقفها إلا تصعيد وتيرة المقاومة في كل مكان في فلسطين”.
وقف التنسيق الأمني
وعمّ الإضراب الشّامل محافظات الضفة بما فيها القدس، حدادا على أرواح الشهداء. كما أعلن الرئيس محمود عباس، الحداد وتنكيس الأعلام ثلاثة أيام، على أرواح الشهداء، وقررت القيادة الفلسطينية وقف التنسيق الأمني مع الاحتلال ودعت إلى المزيد من المقاومة الشعبية حماية لأبناء الشعب الفلسطيني ومقدراته في مواجهة الإرهاب الصهيوني.
كما قرّرت القيادة الفلسطينية التوجه الفوري إلى مجلس الأمن “لتنفيذ قرار الحماية الدولية تحت البند السابع ووقف الإجراءات الأحادية”، وقالت إن “القيادة ستتوجه للمحكمة الجنائية الدولية لإضافة ملف مجزرة جنين إلى الملفات السابقة، وستستكمل الانضمام إلى المنظمات الدولية”.
بدورها، طالبت وزارة الخارجية الفلسطينية، المجتمع الدولي والإدارة الأمريكية، بـ«التحرك ووقف الجرائم التي يرتكبها جيش الاحتلال في محافظة جنين ومخيمها”.
غارات الاحتلال وقصف غزّة
ورداً على الهجوم الصهيوني الدّامي، أعلنت الفصائل الفلسطينية الإضراب الشامل في كل الضفة الغربية، وخرجت مسيرات غاضبة تحولت إلى مواجهات في نقاط تماس في مناطق مختلفة في الضفة، فيما رفع جيش العدو تأهبه خشية تصعيد من قطاع غزة، وهو الذي حصل، حيث أطلقت المقاومة صاروخين من القطاع باتجاه عسقلان اعترضتهما أنظمة الدفاع الصاروخي.
وتسببت الصواريخ في انطلاق صفارات الإنذار في المناطق الصهيونية القريبة من الحدود مع غزة، منذرة السكان باللجوء إلى المخابئ.
وكانت حماس وجماعة الجهاد الإسلامي تعهّدتا بالرد على اقتحام جنين، وشدّدت حماس، في بيان لها، الخميس، على أنّه “ليس أمام هذا العدوان إلّا الرصاص والعبوات المتفجرة وإسقاط طائراته واستهداف جنوده وتدمير آلياته”.بدورها، دعت حركة الجهاد الإسلامي إلى تصعيد المقاومة وتوحيد الجبهات في وجه المحتل.
في الأثناء، شنت مقاتلات الاحتلال فجر أمس، غارات مكثفة على قطاع غزة ألحقت أضرارا مادية بالمواقع المستهدفة وبالمنازل المجاورة، دون أن يُبلغ عن وقوع إصابات.
وقد تصدّت المضادات الأرضية للمقاومة الفلسطينية لطائرات الاحتلال.
إدانات وتحذير من التصعيد
أدانت دول عربية وأجنبية جرائم الاحتلال الصهيوني في مخيم جنين بالضفة الغربية المحتلة، الخميس، وحذرت في بيانات منفصلة من استمرار عدوان الاحتلال في الأراضي الفلسطينية، ما قد يؤدي إلى خروج الأوضاع عن السيطرة.
وأعرب منسق الأمم المتحدة الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط، “تور وينيسلاند”، عن الانزعاج والقلق لاستمرار دوامة العنف في الضفة الغربية المحتلة.
وقال في تصريح مكتوب: “منذ بداية هذا العام، ما زلنا نشهد مستويات عالية من العنف وغيرها من الاتجاهات السلبية التي ميزت عام 2022. من الأهمية بمكان الحد من التوترات على الفور ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح”.