«إنشاء مركز بحث لتعزيز المناعة الفكرية إزاء التحوّلات الرقمية المتسارعة».. هذا واحد من المقترحات الهامّة التي قدّمها الرئيس تبون إلى مؤتمر اتحاد مجالس منظمة التعاون الإسلامي. ولقد حرص على تيسير تأسيس هذا المركز، حين عبر صراحة على أن «الجزائر مستعدة لاحتضانه»، بل إن الجزائر – كما قال الرئيس تبون – مستعدة لـ «بعث استراتيجية للتعاون الفكري والإلكتروني والسيبراني بين أعضاء الاتحاد»..
وليس يخفى أن مقترح الرئيس تبون، يرمي إلى تفعيل عمل الاتحاد، ومنحه الدينامية التي يقتضيها، فالعمل الحقيقي هو الذي يستند إلى أصول فكريّة واضحة ومرجعيات مؤسسة، وليس ذاك الذي يكون مجرّد ردّ فعل على حدث ما، أو خطاب فضفاض لا يتجاوز التنميق البلاغي في وظيفته؛ ويمكن أن نلمس القفزة النوعية التي حققها الرئيس للاتحاد، في دعوته إلى التفكير في «استحداث لجنة حكماء» تكون لها كلمتها في «فض النزاعات، وتغليب لغة الحوار لحل ما يمكن أن ينجم من أزمات»، ما يجعل «أمر» أعضاء الاتحاد، ومصائرهم، بأيديهم، عوض أن يكون بأيادي الآخرين..
ولقد أحاط الرئيس تبون بمجمل القضايا المصيرية التي تواجه الأمة، فذكّر بحق دولة فلسطين في عضوية كاملة بهيئة الأمم، وعبّر عن استعداد دائم لإقرار التوافق والاستقرار في البلدان الشقيقة، بل إنه اقترح «إنشاء حاضنة لاستقطاب وترقية المؤسسات الناشئة ومشاريع الشباب»، كي تنال دول الاتحاد حظّها من الرّقيّ الاقتصادي..
ليس مبالغة، ولا فخرا، ولكن الحق يقتضي القول صراحة إن الرئيس تبون قدّم خارطة طريق واضحة، يمكن أن تكون فاتحة خير على جميع دول الاتحاد، وهذا بالضبط هو المرجو، وهو المأمول، بل هو المقصد والغاية في زمن أصبحت صورة المسلم عرضة لجميع الأحقاد..