نسمع، عادة، كثيرا من المحافظين على اللّغة العربية، يصطلحون بـ «النائب» عند الحديث عن المرأة بالبرلمان، على أساس أنّ «النائبة» في القاموس العربي، هي «المصيبة» و»الطامة» و»الدّاهية»، ويفوتهم أنّ دلالات اللفظة الواحدة تتعدّد في اللّغات، كما يفوتهم أن «اللّغة» كائن حيّ، ينمو، ويتطوّر بتطوّر المجتمعات الإنسانية، ويدركون أنّ المرأة لم تكن تنوب عن جماعة من الأمّة بالبرلمان في زمن صاحب «لسان العرب»، لهذا لم يدرج ابن منظور لفظة تدلّ عليها في معجمه، ولكنّه كان مدركا لتعدّد الدلالات، ولقد سجّل – على سبيل المثال – أنّ لفظة «جمل» تدلّ على الواحد من الإبل، تماما مثلما تدلّ على «الحبل الخشن»، وأنّ «فيل» تدلّ على الحيوان المعروف، كما تدلّ على «ضعف الرأي»، فهل يصحّ بعد هذا أن نجعل لفظة «نائبة» وقفا على المصائب والدّواهي وحدها؟!
ولعلّنا نتّفق إذا قلنا إن اللّغة العربية، من اللّغات الحيّة، و»الحياة» هنا لا تقاس بالمنتج المعرفي، ولا بعدد الجامعات، ولا حتى بـ (الاعتماد في هيئة الأمم المتحدة)، وإنّما تقاس بالقدرة على التعامل مع المُحدَث في الحياة اليومية، وهذا نعيشه في يومياتنا، ونلاحظ أن اللسان العربي على المستوى العام، يكتسب – بسرعة فائقة – ما يعبّر به عن واقعه، بينما تنشغل المجامع اللغوية (في أبراجها العاجية) بالبحث في المعاجم القديمة عمّا يمكن أن يقابل المحدث، فيخترعون له اصطلاحات لا تختلف عن النكت، كمثل «الشاطر والمشطور والكامخ بينهما» الذي يدلّ على «ساندويتش»، أو «الشابكة» التي تعني «أنترنيت»، ولا نعلم لماذا يستوعب اللسان العربي لفظ أنترنيت، ومع ذلك يبحث لها عن مقابل!!
ولنفترض جدلا أنّنا ينبغي أن نتجنّب لفظ «النائبة» حتى لا نقول «مصيبة» دون قصد، فكيف نفعل مع مؤنث «حيّ»؟! هل تكون اللّغة (أفعى) إذا وصفناها بأنّها «حيّة»؟!
يبدو أنّ اللّغة حيّة فعلا..