أكد المكتب الصحراوي لتنسيق الأعمال المتعلقة بالألغام (سماكو) أن الاحتلال المغربي صعد من جرائمه ضد المدنيين الصحراويين باستخدام الطائرات المسيرة، مخلفا العشرات من القتلى في أكثر من 60 هجوما، استخدمت فيه ذخائر غير تقليدية.
في ثاني تقرير له حول استهداف الطائرات المسيرة المغربية للمدنيين العزل تحت عنوان “جرائم ترتكب في صمت.. الطائرات المسيرة المغربية واستهداف المدنيين في الصحراء الغربية”، تناول المكتب الصحراوي بالدراسة والتحليل التصعيد الجديد للاحتلال المغربي بعد تجدد الحرب في 13 نوفمبر 2020 على اثر الخرق المغربي السافر لاتفاق وقف إطلاق النار.
وأكد التقرير، الذي تحوز “وأج” نسخة منه، أن “هجمات هذه الطائرات وقعت على بعد عشرات الكيلومترات من الجدار الرملي، في مناطق لا ينشط فيها الجيش الصحراوي، اي أن هؤلاء المدنيين لا يشكلون أي تهديد للجيش المغربي، ولا يتواجدون بالقرب من الاشتباكات العسكرية”.
وبلغة الأرقام، فإن من يتعرض لخطر هذه الهجمات هم الباحثون عن الذهب بنسبة 50 بالمائة، والمسافرون بنسبة 30 بالمائة في أماكن متفرقة وطرق مختلفة من الصحراء الغربية، وسجل استهداف باقي الانشطة والبنى التحتية نسبة 20 بالمائة.
وابرز التقرير انه وبحسب الجثث المتفحمة، فإنه من المؤكد ان “هذه الهجمات استهدفت ابرياء بالذخائر غير التقليدية، ولا يستبعد أن تكون هذه الذخائر حرارية”، مشددا على أن كل هذه الاعتداءات “تمت في مناطق صحراوية مكشوفة قاحلة وخالية من الغطاء النباتي حيث من السهل جدا التحقق من ألوان وأشكال السيارات، ناهيك عن أمتعة الضحايا والأهداف العسكرية والمدنية”.
وأضاف: “بسبب هذه الهجمات يموت العديد من الضحايا على الفور، ومن ينجو من الضربات يقضي ساعات طويلة دون أن يصل أي شخص إلى مكانه، وفي الكثير من الأحيان يموتون بسبب نقص وتأخر المساعدة والإجلاء، والأوفر حظا منهم ينقل إلى مدينة الزويرات الموريتانية المجاورة لتلقي العلاج”.
واستدل في هذا الاطار بحادثة الصحراوي امبارك السباعي مع صديقه الذي قتل في امريكا، حيث مر أكثر من 17 يوما دون الاستفادة من دفن لائق وكريم، مشيرا الى أن أصدقاء وأقارب الضحايا يرفضون خوض مغامرة انقاذهم خوفا من تعرضهم للقصف بطائرات مسيرة مغربية، كما هو الحال مع الشاب ديديه محمود اهويبيتا الذي تعرض للهجوم بصاروخ أثناء محاولته مساعدة بعض الضحايا الذين قتلوا يوم 24 نوفمبر 2022 على الحدود الصحراوية-الموريتانية.
عشرات العائلات دون موارد البقاء على قيد الحياة
ونبّه التقرير الصحراوي الى انه من المعروف أن الطائرات بدون طيار مجهزة بأحدث التقنيات في اكتشاف الأهداف بواسطة الأقمار الصناعية وأجهزة الاستشعار والأشعة تحت الحمراء والكاميرات وما إلى ذلك، مما يسمح لها بتحديد -بالتفصيل- أي نوع من الأهداف، سواء كان ذلك في النهار أو الليل.
والى جانب الخسائر في الأرواح، سجل التقرير خسائر مادية معتبرة، حيث تم تدمير أكثر من 50 سيارة وعربة بمواصفات مختلفة، والصهاريج لتوفير مياه الشرب للعائلات والمجمعات السكنية والبدو.
وابرز التقرير أن هذه الاعتداءات تسببت في نزوح جماعي للسكان الأصليين، ووفقا للحكومة الصحراوية، كان حوالي 30 إلى 40 ألف شخص يعيشون بشكل مستمر أو متقطع في هذه الاراضي، إلا أنهم غادروا خيمهم ومنازلهم بسبب هذه الهجمات العشوائية، بينما فر آخرون الى الأراضي الموريتانية، نتيجة العنف الذي مورس ضدهم والذي ولد “إحساسا بالرعب لدى الرجال والنساء والأطفال”.
وافاد التقرير بأن “جيش الاحتلال المغربي يواصل في خططه القذرة ويستهدف سبل عيش العائلات الصحراوية، حيث شوهدت عدة قطعان من جثث الجمال منتشرة في أماكن مختلفة نتيجة القصف”، مذكرا بأن الإبل هو أهم مصدر للعيش، وبالتالي فإن “عمليات الإبادة هذه تركت عشرات العائلات بدون أبسط الموارد للبقاء على قيد الحياة”.
وفي الأخير، عبر “سماكو” عن استغرابه من غياب المؤسسات الدولية مثل اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وعدم الاهتمام الذي يصل الى حد الإهمال للمنظمات غير الحكومية مثل “هيومن رايتس ووتش” ومنظمة العفو الدولية، التي يجب أن تراقب وتتابع هذه الجرائم، مؤكدا أن هذا الغياب لن يؤدي إلا إلى تقوية العناد المغربي لمواصلة ارتكاب هذه الانتهاكات مع الإفلات التام من العقاب.
إدانة الحملة ضد الاسرى الصحراويين
من جهة أخرى، أدانت رابطة حماية السجناء الصحراويين بالسجون المغربية، الحملة الممنهجة التي تستهدف الأسرى ضمن مجموعة “أكديم إزيك” للنيل منهم والمس من كرامتهم داخل السجن والانتقام من مواقفهم السياسية، وفق ما نقلته وكالة الانباء الصحراوية (واص).
وقالت الرابطة الصحراوية، إنها توصلت بعدة إفادات من أسر وعائلات الأسرى المدنيين الصحراويين ضمن مجموعة “أكديم إزيك” المتواجدين بالسجن المحلي “آيت ملول2” ضواحي مدينة أغادير جنوب المغرب، تؤكد تعرضهم للتضييق والاستهداف من طرف مدير السجن وجهات أخرى من الأجهزة القمعية المغربية.
وأعربت العائلات الصحراوية، حسب المصدر، عن “انشغالها بالوضعية الراهنة، خاصة بعد إيداع الأسرى المدنيين الصحراويين ضمن مجموعة “أكديم إزيك” لعديد الشكاوى حول الظروف الاعتقالية والمعاملة المستفزة والمهينة”.
وأكدت العائلات الصحراوية، “أن الأسرى المدنيين الصحراويين باتوا تحت التهديد المستمر من طرف مدير السجن وبعض الموظفين، إذ أقدم بتاريخ 30 يناير 2023 على تهديدهم بالترحيل صوب سجون أخرى وتشتيتهم في أحياء يتواجد بها ذو والسوابق العدلية والمجرمين فضلا عن حرمانهم من كافة الحقوق الأساسية المشروعة”.