أنصف الرئيس تبون، فنان الجزائر، المجاهد المرحوم الهادي رجب، ومنحه الجنسية الجزائرية بمرسوم رئاسي استعاد له حقّه، وحقّق له أمله في الانتساب رسميا إلى وطن ظلّ ينتسب إليه بجميع جوارحه، ويعيشه في يومياته، ويرسمه إشراقات منيرة في ألحانه، بعد أن (قضت) البيروقراطية المقيتة بحرمانه من أمنيته الأغلى..
ولعلنا لا نضيف شيئا إذا نظرنا في الأمر من زاوية “الإنصاف”، فالجزائريون جميعا عرفوا الرئيس تبون منصفا، لم ينشغل إلا بحاجة الوطن والمواطن، وهو لا يخشى في الحق لوما، بل يقول كلمته جهورية قويّة، ويأخذ القرار الصارم الذي يحفظ الحقوق ويصونها، وهذا ما يعبّر فعلا عن عمق الشّخصيّة الجزائرية، وما تتميّز به من رفعة وسموّ إنساني، فليس مستغربا إذن، أن يهبّ الرئيس تبون ليحقّق أملا عزيزا خفق به قلب الهادي رجب.. غير أنّنا – من جهة أخرى – لا نستطيع أن نغضّ الطرف عن مأساة (البيروقراطية) التي تسلّطت على رقاب الناس، وحوّلت وجودهم إلى جحيم، حتى إن الرئيس تبون تحدّث عنها غير مرّة، وبذل، بل يبذل في مكافحتها كل ممكن بداية من التوجيهات الأخلاقية، إلى الأدوات التشريعية، وأعلن حربا ضروسا على كلّ ما ينغّص حياة المواطن الجزائري..
ولا نعرف كيف تسلّلت آفة البيروقراطية إلى بعض القلوب التي تحجّرت حتى تمكّنت من حرمان مجاهد، برهن على جزائريته بقلبه وعقله وروحه، من الانتساب إلى وطنه، ولا نعرف أيّ (مصيبة) خفقت بين جنبيّ ذاك الذي قرّر أن يحول دون حقّ ساطع، كان يمكن أن يتحقّق بسهولة، ومع ذلك احتاج إلى مرسوم رئاسي كي يتحقّق..
إن موقف الرئيس تبون المشرّف، ومسارعته إلى إحقاق الحق، هو موقف كلّ جزائري أصيل، غيور على جزائريته، وسيظل منارة هدى على درب الخلاص من البيروقراطية في جزائر جديدة لا تعترف إلا بالحق..