أسدى رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون تعليماته في اجتماع مجلس الوزراء الأخير، في شقه المتعلق بنظام التكوين الجامعي وعصرنته، بفتح المجال للجامعات الخاصة، وفق معايير ومقاييس عالمية، بما فيها المنشآت، مع إمكانية تمويل بنكي لتجسيدها.
تشهد الجزائر حاليا تحولات هامة في مجال التعليم العالي من الناحية العلمية والاقتصادية، لاسيما وأن عدد الطلبة الجامعيين في الجزائر أكثر من 2 مليوني طالب، مع تسجيل 300 ألف طالب جديد كل سنة. ومع توفر الإرادة السياسية فإن تجسيد هذا الأمر أصبح ممكنا في الأمد القريب.
فوائد اقتصادية متوقعة
يرى الدكتور بوحمزة عبد القادر، في تصريح لـ«الشعب”، أن فتح المجال لإنشاء جامعات خاصة مفيد بشكل كبير من الناحية الاقتصادية، خاصة أن ميزانية التعليم العالي في الجزائر لسنة 2023 تجاوزت 466 مليار دينار (حوالي 3.4 مليار دولار)، ما يمثل 2,1٪ تقريبا من مجمل الناتج المحلي الإجمالي للدولة. والتعليم العالي في الجزائر مدعم بشكل كامل، سواء من ناحية التدريس أو الخدمات الجامعية الأخرى (إيواء، نقل، إطعام)، والطالب يكلف الدولة مبالغ مالية كبيرة طيلة مساره الجامعي، وبالتالي فالجامعات الخاصة سوف تزيل هذا العبء عن الدولة بشكل تدريجي ولو كان بشكل جزئي، لكنه يبقى مفيدا. علاوة على ذلك، هذه الجامعات الجديدة سوف تمتص جزءا من بطالة النخبة، فالعديد من الدكاترة الشباب لم يسعفهم الحظ في الحصول على منصب في الجامعات الحكومية، وبالتالي فإن فتح المجال أمام الجامعات الخاصة من شأنه إحداث حركية اقتصادية فيما يخص التوظيف. كما أعتقد أن المسار الذي اختاره رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون سليم وخطوة ذكية للتقليل من نسبة الدعم الموجه للتعليم العالي دون إلغائه، والطالب حسب إمكانياته المادية يمكنه الاختيار بين التعليم الحكومي المجاني أو الخاص.
من الناحية العلمية هناك فوائد متوقعة كذلك، لأن بعث الجامعات الخاصة سوف يخلق جوا من المنافسة العلمية، ما يساهم في رفع مستوى التعليم العالي في الجزائر بشكل عام. والتعليم الجامعي الخاص معمول به في معظم دول العالم، لكن يجب مراقبته ومرافقته من قبل الوزارة الوصية لكي لا يحيد عن هدفه الأساسي، لأن الجامعة في نهاية المطاف ليست شركة تجارية، بل لديها أهداف عملية والربح المادي أمر ضروري لكي تستمر في النشاط، لكنه ليس هدفا أساسيا. ورئيس الجمهورية، في هذا الإطار، فتح المجال أمام إمكانية الحصول على تمويل بنكي لتجسيدها لتشجيع الراغبين للاستثمار في هذا المجال.
من ناحية أخرى، يمكن لهذه الجامعات استهداف حتى الطلاب الأجانب من الدول الإفريقية، مثلا بريطانيا تحقق أكثر من 28 مليار دولار سنويا مداخيل من قطاع التعليم العالي وتهدف للوصول بأعداد الطلاب الأجانب في الجامعات إلى نحو 600 ألف طالب بحلول 2030. والجزائر بما تمتلك من إمكانيات علمية ومادية لها القدرة لتصبح مركزا إقليميا للتعليم في أفريقيا، ولدينا تجارب ناجحة في هذا الإطار، فالعديد من الإطارات في الدول الإفريقية درست في الجامعات الجزائرية خاصة في مجال الطاقة.